مرصد مينا
تصدر اسم القاعدة الأمريكية “البرج 22” المشهد الإعلامي في الشرق الأوسط والعالم خلال الأيام القليلة الماضية إثر قصفه من قبل ميليشيات عراقية موالية لإيران ما أسفر عن مقتل 3 جنود أمريكيين وجرح العشرات.
قاعدة البرج 22 الواقعة في الأراضي الاردنية وغير البعيدة عن قاعدة التنف في الأراضي السورية الواقعة في المثلث الحدودي بين سوريا والعراق والأردن والمعروفة بمنطقة الكيلو 55 والتي شكلت حرما لقاعدة التنف.
تقارير إعلامية أشارت إلى أن البرج 22 هو قاعدة يستخدمها الجيش الأمريكي لتقديم الدعم اللوجستي، وتحتوي على مئات الجنود، إضافة لمروحيات هجومية ومركبات عسكرية.
أما قاعدة التنف فتحتوي على منظومة دفاعية من نوع سيرام آلية التوجيه، وهي مدافع بذخيرة 20 ميلمتر، ولها ست فوهات، تطلق 4500 طلقة بالدقيقة الواحدة، فيما يؤكد المحلل العسكري الأردني هشام خريسات أن: “أهمية قاعدة البرج، تكمن في وجودها على خط الإمداد الشيعي المقدس (حسب التسمية الإيرانية) من طهران ومهران (في إيران) والزرباطيه وواسط والقائم (في العراق) والبوكمال و دمشق (في سورية) وبيروت (في لبنان)، وطول هذه المسافة هي 1500 كيلو متر”.
خريسات وهو عميد ركن متقاعد أوضح أن “طهران تقوم بتزويد ميليشياتها بالأسلحة من خلال هذا الخط”، مشيرا إلى أن “قاعدة البرج تقع ضمن امتداد قاعدة التنف، وكلاهما يقعان في منطقة محيطها 55 كيلو مترا، باتت تعرف لدى بعض العسكريين بالمنطقة 55”.
واعتبر أن الأهمية تكمن في “وقوعهما على الخط الذي يمر من بغداد عبر محافظة الأنبار، إلى وادي حوران على الحدود العراقية السورية، ثم إلى بادية الشام وتدمر وريف حمص الشرقي، وصولاً إلى إدلب مقر تنظيم داعش الإرهابي بسوريا”.
وعن مهمة هذه القواعد، قال خريسات: “القواعد ترصد تحركات إيران، وبعض أفراد الجيش العراقي المحسوبين على الحرس الثوري الإيراني، وخاصة من يعرفون باسم الولائيين، أي الفصائل العراقية المسلحة الموالية لإيران، ووجود هذه القواعد بطريق الحرس الثوري، يشكل عائقاً أمام تحقيق مشاريعهم بالمنطقة”.
ورجح خريسات أن تكون المسيرة التي استهدفت قاعدة البرج 22، من نوع صقر1، مبيناً أنها “إيرانية الصنع ومن طراز جديد، تطير لمسافة 100 كيلو مترا، ويبلغ وزن المتفجرات التي تحملها 40 كيلو غرام”، لافتا إلى أنه “على الأغلب أن المسؤول عن الاستهداف مجموعة تدعى أبو علي الأشتر (وفق تسميته)، ومعه 20 عنصرا تابعا لما يسمى حزب الله العراقي، وتم من قاعدة الإمام علي في البوكمال”.
وفي 28 يناير/ كانون الثاني الماضي، أعلنت القيادة المركزية الأمريكية، في بيان، مقتل 3 جنود أمريكيين في هجوم بطائرة مسيرة ضرب قاعدة شمال شرق الأردن قرب الحدود مع سوريا.
وحمل المسؤولون الأمريكيون وعلى رأسهم الرئيس جو بايدن، الجماعات المدعومة من إيران مسؤولية الهجوم.
من جهتها رفضت إيران اتهامات ضلوعها في الهجوم المذكور، وقالت إن “قوى المقاومة في المنطقة لا تتلقى تعليمات من إيران في قراراتها وتصرفاتها”.
وادّعت جماعة تسمى “المقاومة الإسلامية العراقية”، في بيان عبر “تلغرام”، أن مقاتليها “هاجموا بواسطة طائرات مسيّرة، 4 قواعد للأعداء، 3 منها في سوريا، وهي قاعدة الشدادي، وقاعدة الركبان، وقاعدة التنف، والرابعة داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة وهي منشأة زفولون البحرية”.
من جانبه، قال المحلل العسكري العراقي حاتم الفلاحي، إن “قاعدة التنف تكتسب أهمية بسبب موقعها الجغرافي الذي يشرف على مناطق متعددة من العراق وسوريا والأردن، وقد شغلتها منذ زمن بعيد القوات الأمريكية والبريطانية، وقوات مغاوير الثورة (مجموعة من العسكريين المنشقين عن النظام السوري وهدفها محاربة داعش، وتشكلت بين 2015 و 2016)”.
وأضاف الفلاحي، وهو عقيد ركن متقاعد، أنه في “عام 2016، حاولت القوات الأمريكية أن تنسحب من هذه المنطقة، لكن الأردن أصرّ على بقاء هذه القاعدة التي تمنع تسلل تنظيم داعش الإرهابي” بحسب المصدر نفسه.
وأشار إلى أن “هذه النقطة مهمة جدا للقوات الأمريكية، لمراقبة الخط الذي يربط إيران بسورية باتجاه لبنان والبحر المتوسط”، كما أنها نقطة مهمة أيضا “بالنسبة للتواجد الأمريكي في سوريا، في قضية التفاوض على مستقبل سوريا”، وفق الفلاحي.
ولفت العقيد المتقاعد إلى أنها “كانت تسبب إزعاجا كبيرا للمليشيات العراقية التي تتواجد على الحدود، بالإضافة إلى المليشيات التي تتبع لقوات النظام السوري، لذلك هي كانت تكتسب أهمية استراتيجية كبيرة جدا بالنسبة لجميع هذه الأطراف”.
وأوضح أن “البرج 22 يقع ضمن منطقة الركبان على بعد نحو 5 كيلو مترا من التنف، وتشغله قوات أردنية وأمريكية، وتتخذ من هذه المناطق قاعدة خلفية بالنسبة للقطعات المتقدمة في قاعدة التنف”.
أما عن مسألة تداعيات الاستهداف الأخير، أشار الفلاحي إلى أن “هذه الضربة ستكون لها تداعيات، خصوصاً وأنها قاتلة بالنسبة للأمريكان (..)، فهناك سنة انتخابية في الولايات المتحدة (من المقرر أن تجري في نوفمبر المقبل) ، والمنافسة كبيرة جدا ما بين (المرشح دونالد) ترامب وبايدن”.
وأكد الفلاحي أن “ردود الفعل ستكون في العراق سياسية وعسكرية، خصوصا وأن المليشيات التي نفذت الضربة هي جزء من المنظومة الأمنية، وتخضع للقيادة العامة للقوات المسلحة”.
إلا أن “تفرد هذه المليشيات بالقرار، يعني أنها تعمل خارج إطار الدولة التي ارتبطت مع الولايات المتحدة باتفاقية أمنية خلال الفترة الماضية”. أما تداعياتها العسكرية، فهذا يعني، وفق الفلاحي، أنه “يمكن ضرب الكثير من المقرات التي تنتشر في مناطق مختلفة من العراق”.
وحول المليشيات في سوريا، فتوقع الفلاحي أن تكون “ضربات متبادلة بين القوات الأمريكية وهذه المليشيات، والرد الأمريكي لن يقتصر على هذه الأهداف فقط، فهناك مطالبات بشمول الداخل الإيراني”، معتبرا أن “الخيارات الأمريكية ليست كثيرة، لذلك قد تكون الضربات الأمريكية على غرار الضربات الإيرانية عند مقتل قاسم سليماني (في بغداد 2020) ويتم الاتفاق على أهداف معينة”.
ويعد الهجوم على قوات أمريكية في الأردن، الأول من نوعه منذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، والأول الذي يُسفر عن سقوط قتلى أمريكيين.
يذكر أن الأردن والولايات المتحدة وقعا في العام 2021 اتفاقية تعاون دفاعي، يوفر الأردن من خلالها أماكن حصرية للقوات الأمريكية تشمل 15 موقعا، وهذه الأماكن يتحكم الجانب الأمريكي بالدخول إليها، ويجوز لهذه القوات حيازة وحمل الأسلحة في الأراضي الأردنية أثناء تأديتها مهامها الرسمية.