خلافات داخل التحالف المؤيد للجيش السوداني: “القوات المشتركة” تلوّح بالتمرد

مرصد مينا

خرجت الخلافات داخل التحالف المؤيد للجيش السوداني إلى العلن، مع تفجّر أزمة سياسية حادة بين الحركات المسلحة المعروفة باسم “القوات المشتركة” وقيادة الجيش، على خلفية قرارات رئيس الوزراء الجديد، كامل إدريس، بإعادة تشكيل الحكومة وتجاهل التوازنات التي أرستها اتفاقية جوبا للسلام.

وكان الصراع محتدماً في الكواليس منذ أن عيّن رئيس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان، رئيس الوزراء الحالي دون مشاورة حلفائه في “القوات المشتركة”، ما فُهم كإقصاء سياسي غير معلن.

زادت الأزمة اشتعالاً بعد أن بادر إدريس إلى حل الحكومة وتكليف وكلاء الوزارات بتسيير الأعمال، وهو قرار أطاح بوزراء يمثلون “القوات المشتركة”، بينهم وزراء تم تعيينهم وفق اتفاقية جوبا.

وتُعد اتفاقية جوبا، الموقعة في أكتوبر 2020، مرجعاً أساسياً لتقاسم السلطة بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة، حيث نصت على منح الأخيرة 25% من الحقائب الوزارية و75 مقعداً في المجلس التشريعي، بالإضافة إلى تمثيل في مجلس السيادة.

وبقيت هذه الحصص محفوظة حتى عقب انقلاب 2021، حيث أبقى البرهان على وزراء السلام وأطاح بوزراء “الحرية والتغيير”.

ومع اندلاع الحرب بين الجيش وقوات “الدعم السريع” في أبريل 2023، اتخذت الحركات المسلحة موقف الحياد، قبل أن تنضم لاحقاً إلى جانب الجيش، وتشكل ما يُعرف اليوم بـ”القوات المشتركة”.

ولعبت هذه القوات دوراً في ترجيح الكفة لصالح الجيش، لكن صعود قوى جديدة مثل “درع الشمال” و”كتائب البراء بن مالك” حرك مطالب بتعديل الحصص القديمة وتقليص نفوذ الشركاء السابقين.

في المقابل، رفضت “القوات المشتركة” هذه التحركات، واعتبرتها تهديداً مباشراً لمكتسباتها السياسية.

ووفق مصادر مطلعة، فإن قيادات داخل هذه القوات لوّحت بالتمرد أو حتى التحالف مع “الدعم السريع” إن استُبعدت من السلطة.

وقال قيادي عسكري للصحافة: “لن نتخلى عن مناصبنا التي نلناها عبر اتفاقية السلام، حتى لو اضطررنا للتمرد”.

من جهته، دافع معتصم أحمد صالح، الأمين السياسي لحركة “العدل والمساواة”، عن موقفهم قائلاً: “اتفاق جوبا ليس محاصصة إثنية، بل استحقاق سياسي ناتج عن نضال طويل”، مؤكداً أن الهجوم الإعلامي عليهم هدفه إعادة تكريس الهيمنة المركزية.

أما المتحدث باسم “حركة تحرير السودان”، الصادق النور، فقد اتهم “جهات داخل الدولة” بمحاولة شق صف التحالف المناوئ لـ”الدعم السريع”، مطالباً بمواجهة هذه المحاولات عبر القانون.

في ظل هذا التوتر، تجري مشاورات خلف الكواليس لاحتواء الأزمة. وكشف وزير المالية جبريل إبراهيم أن رئيس الوزراء قد يُبقي على وزراء اتفاق السلام، في حين رجّحت تقارير إعلامية أن يضطر البرهان للموافقة على منح “القوات المشتركة” حقائب مثل المالية والتعدين، وهو ما يهدد بإجهاض مشروع الحكومة التكنوقراطية الذي يسعى إليه إدريس.

Exit mobile version