fbpx
أخر الأخبار

خيمة لاجئ في وول ستريت

مع الغزو الأمريكي للعراق وسقوط بغداد توافد اللاجؤون العراقيون إلى سوريا، وبلا شك أحسن السوريون ضيافة اللاجئ العراقي، غير أن الثغرات كانت واسعة، فالسماسرة، ومستثمرو الازمات اشتغلوا على خط اللجوء، حتى باتوا كما مصاصي الدماء لايتوانون عن فرصة للصيد إلا ومارسوها، وبسبب هؤلاء، مازالت ذاكرة من عاد من العراقيين إلى العراق مجروحة، وثمة من يساوي ما بين السمسار والناس الطيبيين.

ومع الحرب السورية، توافد عشرات الآلاف إلى لبنان، وبالمثل، اشتغل سماسرة على خط اللاجئين، حتى وصل الاستثمار باللجوء، إلى الاتجار باللحم االحي، ومن الصعب نسيان بيوت الدعارة التي انتشرت على خط بيروت / البقاع، إمعانًا في قتل القتيل.

والامثلة تتكرر سواء في مخيمات تركيا، أو سواها من المخيمات، واليوم يتطلع اللاجؤون من حروب العالم الثالث، ومن بينها الحروب الافريقية إلى اللاجئين القادمين من الحرب الاوكرانية بعين التساؤل والغيرة، وقد امنت دول اللجوء الأوروبية للاجئين الأوكرانيين رعاية لم تقتصر عليهم وعلى اطفالهم بل وصلت إلى حيواناتهم أيضًا، ومعها تتداول الحوارات حول التمييز ما بين لاجئ وآخر، وصولاً لاتهام المجموعة الاوربية بالتمييز العنصري الذي طال لاجئ وأعفى لاجئ، فيما وطّد إعلاميون هذا الاحساس عبر تصريحات متناثرة ترى في العيون الزرق والبشرة الشقراء ما لاتراه بالعيون السود والبشرة السمراء، وهو تمييز وقع فعليًا في الاجراءات المتخذة على الحدود الاوكرانية البولونية.

لادخان بلا نار، وتلك حقيقة طرحتها مسألة اللجوء، ولكن السؤال الذي يطرحه اللاجئ هو:

ـ ماذنب المجموعة الأوروبية لاستقبال اللاجئين، الأشقر منهم والأسمر؟

ثمة من يرى في المجموعة الاوروبية مساحة لحقوق الإنسان والدفاع عن حياة الإنسان باعتبارهما جزءًا من القيم الأوروبية، وثمة من يرى أن اوروبا التي استثمرت في اقتصاديات العالم الثالث وصولاً لنهبه، ملزمة بالتعويض عن النهب باستقبال الناجين من النهب والحروب التي تخاض بمعدّاتها العسكرية، وخياراتها الاستعمارية، ومع كل من طرفي الحوار بعض الحق وليس الحق كله، فعلى الجانب الاول، ثمة قيم تكرّست في اوروبا، وبين شعوب هذه القارة، ومن هذه القيم الدفاع عن حق الإنسان بالحياة، وهذه القيم ولدتها الآلام الاوربية عبر حربين عالميتين ضحاياهما بالملايين، وثمة حق على الجانب الآخر، وهو مايتولد من حقيقة أن اوروبا التي تستقبل اللاجئ، تستقبله تعويضًا عن نهب مارسته على بلده ومازالت تستثمر في هذا النهب، عبر استثمارها في الحروب، ولكن السؤال الذي قلما يطرح، وقلما يأتي في وارد الحوار:

ـ الولايات المتحدة الامريكية، وهي الدولة ولاّدة الحروب، ماهو موقفها من اللاجئين؟

الدولة الوحيدة التي أعفت نفسها من اعباء اللجوء، فلا القيم االامريكية تتسع للاجئ، ولا الناهبون جاهزون للتعويض على المنهوبين ولو بـ :

ـ خيمة.

خيمة لاجئ في وول ستريت.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى