دجاجة الصيني وسيقان الليدي غاغا

الصينيون خرجوا من وراء السدّ، أمّا عن تقريب المملكة العربية السعودية من إيران، فلم يكن سوى جرس من الأجراس الصينية، هذا مالم يتحوّل إلى حقيقة صريحة بمواجهة أنصار الولايات المتحدة والمعتقدين بـ :”امبراطوريتها إلى الأبد”.

الغرب ربما يتلمس أكثر إيقاعات الأقدام الصينية، وقد تكون “الغارديان” ممن يصغون إلى ماوراء الخطوة، وهكذا كان لمراسلتها في بكين، وهي كبيرة مراسليها

إيمي هوكينز، ماتقوله حول فكرة الانطلاق الصيني إلى الساحة العالمية، والتغلغل فيها بعد عقود طويلة من العزلة، والانكفاء على ذاتها.

وتقول إيمي إن الرئيس الصيني شي جينبينغ، وجه رسائل واضحة للغاية، في خطابه الختامي لاجتماعات البرلمان الصيني السنوية، في العاصمة بكين يوم الإثنين الفائت، وكلها تركز على أن الصين قادمة. وتتساءل:

ـ هل يحافظ الغرب على وحدته خلف أوكرانيا أثناء مواجهة العدوان الروسي؟

تكتب  أن جينبينغ وكأول رئيس يحصل على فترة ثالثة في الحكم، تحدث بثقة كبيرة في قاعة الشعب العظمى، قائلا “بعد قرن من الصراعات، تم محو الإهانات التي لحقت بشعبنا، ولم يعد من الممكن إيقاف إعادة إحياء أمتنا العظيمة”.

تكتب إيمي هوكينز، أن الخطاب يأتي في الوقت الذي يسعى فيه جينبينغ لرسم صورة له كرجل دولة من الطراز العالمي، يقود الصين المستعدة للسيطرة على الساحة العالمية، بعد نحو 3 سنوات من سياسة الإغلاق التام والعزلة، نتيجة سياسة صفر كوفيد التي اتبعتها بكين لمواجهة الوباء.

وتواصل إيمي أن جينبينغ، ومسؤولي وزارة الخارجية الصينية، يقومون بالعديد من الجولات الخارجية، والمشاركة في مؤتمرات دولية، بهدف دعم العلاقات الخارجية.

وتعرج الكاتبة على الاتفاق السعودي الإيراني، الذي تم بوساطة صينية قبل أيام، لإعادة العلاقات الدبلوماسية بين الرياض وطهران، بعد 7 سنوات من قطعها، مشيرة إلى أن الدبلوماسيين الصينيين كانوا يعملون بجد في الدوائر السياسية في الشرق الأوسط لأسابيع لتأمين الاتفاق، كما أن جينبينغ نفسه سيزور إيران قريبا.

تضيف الكاتبة إن المسؤولين الأمريكيين تجاهلوا حقيقة أن الاتفاق يمثل ضربة لنفوذ بلادهم في الشرق الأوسط، لكن هذا هو الشكل الذي قدمت به الصفقة في الداخل الصيني.

وتنقل عن وانغ إيوي، مدير معهد الدراسات الدولية في جامعة رينمين الصينية قوله “الصفقة تؤكد حقيقة أن الوساطة الصينية تحل المشاكل التي لا تستطيع الوساطة الغربية حلها”.

وتضيف أن الصين مهتمة بالاستقرار في المنطقة التي تعد مسؤولة عن نحو نصف حاجاتها من النفط، كما تعهد جينبينغ خلال زيارته للسعودية العام الماضي، بشراء المزيد من النفط منها.

وتشير الكاتبة إلى أن الخبراء يراقبون الإشارات على أن الصين تستعد لغزو تايوان، في الوقت الذي تعهد فيه جينبينغ بتحويل القوات المسلحة الصينية إلى جدار من الفولاذ، لحماية مصالح الأمة.

وتضيف أن مصادر الاستخبارات المركزية الأمريكية كشفت أن جينبينغ طالب قواته المسلحة بالاستعداد للسيطرة على تايوان بحلول 2027، ورغم ذلك هناك مخاوف من تقديم الموعد.

وتقول الكاتبة إن جينبينغ عين لي شانغفو وزيرا للدفاع، وهو الرجل الذي ورد اسمه على قوائم العقوبات الأمريكية، بسبب علاقاته الوطيدة بمسؤولين كبار في وزارة الدفاع الروسية، مشيرة إلى أن الوزير الجديد، سيكون مسؤولا عن المحادثات العسكرية بين الصين والولايات المتحدة.

وتختم إيمي بأن التعيين ينظر إليه على أنه إشارة أخرى على رغبة جينبينغ في توطيد عرى الشراكة الصينية الروسية، وحماية أبرز دعائمها.

كلام كهذا ولحظة يأتي من “الغارديان” سيحمل الكثير من المؤشرات، مؤشرات تقول أن “الصيني” خرج من وراء السور، ولم يخرج ليعود، أما خطوته باتجاه إيران فهي تعني أنه دخل الملعب، والصيني إذا مادخل ملعباً لايخرج منه، فكيف إذا ما استثمر أقدامه في غزو “تايوان”.

ـ الأمريكي نائم .. تلك حقيقة ربما أول من يلحظها هم حلفاء الأمريكان.. الحلفاء الذين تخلّت أمريكا عنهم أو فضّلت تركهم لمصيرهم.

ـ مادام الأمر على هذا النحو، مالذي يدفع الحليف ليبقى حليفاً؟

حين يُغمِض الأمريكان أعينهم (الواسعة)، يفتح الصينيون أعينهم (الضيّقة)..

القصة ليست في كبر العيون، القصة فيمن يرى ومن لايرى.

عينا “جو بايدن”، الذي علينا أن نسأل تشارلز داروين عن موقعه في الحلقة التطورية بين القردة والبشر، لهذا الكائن عينا جثة وإن كانتا مفتوحتين.. جثة الامبراطورية الأمريكية وقد آلت إلى الشيخوخة وحان لها أن تعلن نهايتها.

الصينيون لم يسرقوا من الأمريكان خفافات “أديداز” فحسب، لقد سرقوا من الأمريكان أقدامهم.

ذات يوم قال جون بولتون أن الفارق بين أميركا والصين كما الفارق بين ساقي الليدي غاغا وساقي الدجاجة.

لا.. يبدو أن شاربي جون بولتون الكثيفين لم تسعفاه على التفكير ليرى أبعد مما تحت أنفه.

تلك هي باختصار حكاية استعادة العلاقات الدبلوماسية مابين إيران والسعودية.

Exit mobile version