مرصد مينا – مصر
كشفت دراسة حديثة عن آثار الملء الثاني لـ”سد النهضة” على دول حوض النيل، ومخاطر السد الإثيوبي على مصر والسودان.
مؤسسة “ماعت” للسلام والتنمية قالت: إن “بناء سد النهضة كمشروع تنموي قد لاقى ترحيب كل من مصر والسودان، باعتبار أن لكل دولة الحق في تنمية مواردها، ولكن شرط عدم الإضرار بمصالح باقي الدول، الأمر الذي يتفق مع المواثيق والقوانين الدولية ذات الصلة”، لافتة إلى أنه “بناء على ذلك وقعت الدول الثلاث اتفاق مبادئ في مارس 2015، كرغبة صادقة من مصر والسودان لدعم المشروع الإثيوبي في حالة ضمان عدم المساس بالأمن المائي لهذه الدول، وبما لا يتسبب في أية أضرار”.
وأشارت الدراسة إلى أنه “بعد اقتراب اثيوبيا من اكمال بناء السد، ظهرت نوايا أخرى مغايرة للاتفاق الثلاثي، بشكل يهدد دولتي المصب على مستويات عدة، خاصة ما يتعلق برفض اثيوبيا التوقيع على اتفاق ملزم بشأن الحفاظ على حصص مصر والسودان من المياه، وكذلك الاتفاق على قواعد ملء وتشغيل السد، الأمر الذي قد يتسبب في كوارث غير محدودة على دولتي المصب”.
مؤسسة “ماعت” للسلام والتنمية أوضحت أن “هناك العديد من الآثار الاقتصادية والاجتماعية والأمنية التي قد تؤثر على الأمن والسلم الإقليميين، ويأتى منها تأثير سد النهضة على الزراعة، فتعاني مصر بعيدا عن سد النهضة من فقر مائي، حيث تحصل سنويا على حصتها المحددة باتفاقية 1959 بينها وبين السودان على نحو 55.5 مليار متر مكعب، وهي النسبة التي لم تتغير رغم زيادة عدد السكان بشكل كبير، الأمر الذي أدى إلى وجود عجز مائي لمصر يبلغ 22 مليار متر مكعب سنويا، وهو ما يمثل حوالي 40% من حصتها المقررة”.
وانخفض نصيب الفرد في مصر إلى ما يقرب من 625 متر مكعب سنويا من المياه العذبة المتجددة بعد أن وصل تعداد السكان إلى 100 مليون نسمة في عام 2017 والمرشح للزيادة، وهو انخفاض دون حد الشح المائي والذي يقدر حسب المؤشرات العالمية بحوالي ألف متر مكعب سنويا.
إلى جانب ذلك، أكدت الدراسة أنه “يعد القطاع الزراعي أحد أهم موارد الاقتصاد المصري، حيث يساهم في نحو 15% من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي، وحوالي 20% من الصادرات، كما يعمل بالزراعة 30% من إجمالي قوة العمل المصرية، ويعيش في الريف نحو 60% من السكان. وتستورد مصر سنويا منتجات زراعية لتغطية حاجة السكان الغذائية بنحو 90 مليار جنيه سنويا، مضيفة أنه وفقا لبعض الدراسات، سيؤدي سد النهضة إلى انخفاض رقعة الأراضي الزراعية في صعيد مصر بنسبة 29.47%، وفي الدلتا بنسبة 23.03%””.
ويعمل بقطاع الزراعة أكثر من 6 ملايين شخص، وسيؤدي انخفاض مليار متر مكعب فقط من حصة مصر المائية إلى تأثر نحو 200 ألف أسرة، وبالتالي في حالة الملء الأحادي لأثيوبيا، من المتوقع أن تخسر مصر نحو 10 مليار متر مكعب، الأمر الذي يعني تضرر نحو مليوني أسرة مصرية.
أما في السودان سيمنع سد النهضة وصول طمي النيل إلى الأراضي السودانية، مما يهدد بتراجع جودة تربة الأراضي الزراعية، كما سيؤثر سد النهضة على مدى فاعلية سدي مروي والروصيرص وبالتالي تقليل تدفقات المياه الى الأراضي الزراعية السودانية، فضلًا عما سوف يتسبب به السد من وجود برك ومستنقعات تعيق عملية الزراعة.
ومن المتوقع حدوث فجوة غذائية، خاصة في ظل التضخم الموجود بالسودان والذي من المتوقع أن تزداد نسبته الى 500 %، وما يقارب من 20 مليون نسمة مهددين بالتأثر بتلك الأزمة والدخول في خطر المجاعة.
كما تتعارض إجراءات اثيوبيا في هذا الشق مع الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحماية الحق في الغذاء، والذي نص عليه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في مادته رقم 25، كما تعرقل الهدف الثاني من أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة والمتعلق بالقضاء التام على الجوع.
وأعلنت إثيوبيا يوم الإثنين الفائت، اكتمال مرحلة الملء الثاني لسد النهضة الذي تبنيه إثيوبيا على النيل الأزرق، ويثير السد الذي تبلغ تكلفته 4 مليارات دولار المخاوف من نقص المياه وبشأن الأمن المائي في مصر والسودان اللذين يعتمدان على مياه النيل.