دولة لبنان والدول العميقة فيه

لاتتطلب “الدولة العميقة” اميراطويات كبرى، أو شعوبًا تملأ الأرض، كأن نقول الامبراطورية البيزنطية أو الرومانية، أو نقول الولايات المتحدة الأمريكية وقد ملأ سلاحها وبوارجها الأرض.

قد تكون الدولة العميقة في دول كما لبنان، وهو أصغر من دولة وأكبر من قبيلة، وما بين الدولة والقبيلة تلعب القبائل حتى لايتسنى للمكان أن يكون سوى مجمّع قبائل وفي كل قبيلة “دولة عميقة”.

ـ ياللمفارقة.

وهاهي وزارة سعد الحريري التي لم تولد بعد ومازالت في طور التكليف، تشتغل على استرضاء دول عميقة:

ـ دولة حزب الله، كما دولة نبيه بري وكذا دولة جبران باسيل وبقية الدولات كما حال دولة وليد جنبلاط وسمير جعجع، والستة الموعودين بالدولة.

بلد غرق بالديون، وغرق بالفساد، وغرق بالميناء، ويغرق بالمطر إذا ماهطل المطر، ويشتغلون على المحاصصة كما لو أن ليس شعبًا يموت ويهاجر وينتحر.

جاءهم الرئيس الفرنسي، وحمل معه مشروعًا في حده الأدنى، إن لم يكن إنقاذيًا فهو مشروع يخفف من وطأة الزوال، ولم يأتهم الفرنسي إلاّ باستشارة الأمريكي وبالترتيب معه، وحتمًا برضى خليجي، والثمن:

ـ برنامج إصلاحي.

برنامج إصلاحي، ودون ريب يتطلب أولاً حكومة إصلاحية، وحكومة إصلاحية تعني الاستقلال عن قوى الخراب االتي أوصلت البلد إلى ماوصل إليه، وعلى ذلك لاينبغي أن يتعهدها متعهدو الخراب.

ببساطة وسهولة، هي حكومة خبراء.. خبراء في الاقتصاد أولاً، وخبراء في القانون، كما شخصيات خارج الارتهانات لهذا المحور أو ذاك بما يرضي الخارج الذي لن يمد يده إلى حكومة مرتهنة لطهران، أو حتى لسواها من المحاور.

اللبنانيون بمجموعهم يدركون ذلك، واللبنانيون بأكثريتهم يناصرون ذلك، واللبنانيون بمعظمهم ذاقوا مرارة دولة الحزب العميقة وجيرانه من الأحزاب العميقة، وهاهي وزارة سعد الحريري تتجول بين الألغام لاسترضاء كل من ملوك الطوائف على حدى، حتى بات الرجل يشتغل على الاسترضاء لا على التوزير، ما يعيد حكومته إلى ميراث الحكومات السابقة عليه لـ “يفشل” وتفشل معه حكومته، وينتهي مع فشلها وعد الانقاذ كما وعد الاصلاح، وحزب االله مازال يراهن على الوعد الإلهي.. الوعد اذي لم يمنح لسواه، وكأن الله متخصص في الاشتغال على تمتين سلاح الحزب، وتغوّل الحزب، وفساد الحزب الممتد من السلاح إلى المخدرات.

لبنان اليوم أمام خيارين ليس من ثالث لهما:

ـ وزارة خارج لعبة الدول العميقة.

أو الانتحار.

نخاف على لبنان من الانتحار، وملوكه لايخافون عليه.

Exit mobile version