ليست سوريا، لبنان، العراق، واليمن وحدها دول باتت “بلا اسم”، إسرائيل كذلك قد تغدو دولة بلا اسم..إنه كلام يحمل الكثير من المفاجآت، ولكن الكلام إياه جاء من “يديعوت احرونوت”، فوفقها فإن ” جوعى القوة والحكم”، لابد وأنهم “لايحترمون كل ما بنته إسرائيل خلال 75 سنة”. فـ “لا لجهاز القضاء، لا للقوانين، لا قواعد اللعب، لا لوحدة الجيش. لهم دولة إسرائيل: ستصبح إسرائيل بالاسم فقط” إذا ما استمر الحاال كذلك.
مخاوف إسرائيل اليوم سيكون أبرزها تلك المتعلقة بالجيش، سيكون تفكك الجيش واحدًا من مجموع أسباب لتحكي “يديعوت” مثل هذا، فـ “الجيش الإسرائيلي ضد الجيش الإسرائيلي”، كيف تبرر “يديعوت” مثل هكذا استخلاص؟
في إسرائيل (والكلام ليديعوت) “يعمل اليوم جيشان متوازيان. واحد ذكي ولامع، وهذا مشغول بالاستعداد لحرب لم نشهد مثيلاً لها، حرب مشكوك وقوعها؛ أما الجيش الآخر فيناوش الفلسطينيين واليهود في حواجز الضفة. الجيشان يتنافسان فيما بينهما على مكانهما في جدول الأعمال، وعلى الاهتمام، وعلى المال. بينهما نقاط لقاء، لكن لا يوجد تماثل مصالح. أحد الجيشين يقلع إلى السماء، أما الآخر فيغرق في مستنقع الضفة الغربية”.
في الأشهر الأخيرة تسارعت المسيرة التي تهدد بتحويل الجيش الإسرائيلي من جيش إلى ميليشيا، من منظمة رسمية إلى ذراع سياسي، وسيكون حال إسرائيل وفق حال كهذا أن تفقد الاسمنت الماسك للدولة، ونعني الجيش وكانت إسرائيل “ثكنة”، إذا ما تهدّمت أسوراها انتهت الدولة.. هي دولة قائمة على شرط “الجيش”.
واليوم، يرتفع الصراخ عن حرب “إيرانية / إسرائيلية”، فالإسرائيليون يشتغلون على مواجهة إيران بالحرب، هذا هو خطابهم الإعلامي، غير أن مواجهة كهذه تستدعي أولاً شراكة الولايات المتحدة الأمريكية ، فهل الولايات المتحدة جاهزة لخوض حرب من مثل هذه؟
وهل تعهدت الإدارة الأمريكية بمهاجمة إيران أو بإسناد هجوم إسرائيلي على إيران؟
كل المؤشرات تدل في هذه اللحظة على العكس. أمريكا لا تريد المبادرة إلى حرب مع إيران ولا تريد أن تتدحرج إليها. هذا موقف حازم للرئيس الحالي، وسيكون موقف الرئيس التالي. كائناً من كان؛ في كل ما يتعلق بأمريكا، الخيار العسكري الذي وضع على الطاولة يستهدف البقاء على الطاولة. أمريكا تعبت من الحروب.
يدور الحديث عن سنوات طويلة من الاستعدادات. ادعاء نتنياهو، الذي طرحه هذا الأسبوع أيضاً في مقابلة مع وسيلة إعلام أمريكية وبموجبها يعود إلى مكتب رئيس الوزراء كي “يمنع إيران من إبادتنا” – هو مبالغة منفلتة العقال وتبجح عديم الغطاء. فالحرب لن تقع والإسرائيليون عاجزون بمفردهم عن خوضها، ما يعني أن كل هذا الصراخ ودق طبول الحرب، هو صراخ بلا معنى وطبول لالزوم لها، فلا حال الجيش الإسرائيلي يحتملها ولا الولايات المتحدة جاهزة لخوضها، وما تحت الطاولة يقول بأن تسويات كبرى قد تحلّ محل ضجيج الحرب.
تسويات أمريكية إيرانية، ومن بعدها تسويات إسرائيلية إيرانية، وملامحها قد ابتدأت في الترسيم البحري ما بين إسرائيل ولبنان، وهو في واقع الحال ترسيم ما بين إسرائيل وحزب الله، فلبنان يدار اليوم بالذراع الإيراني الأمر الذي يستبعد الحرب، ويستبعدها لمجموع معطيات أوّلها حالة الانقسام في الجيش الإسرائيلي، وثانيها موقف الولايات المتحدة من الحرب بمواجهة إيران، وأما السبب الابرز والأهم أن القيادة الإيرانية جاهزة لمد اليد إلى إسرائيل والتفاهم معها مادام هذا سيوفر على نظام االملالي المزيد من المواجهات، والملالي هم الأكثر براغماتية سياسية واكثر قدرة على البيع من سواهم.
طبول الحرب التي ترتفع ما بين إسرائيل وإيران اليوم، تخفي واءها مزامير التصالح مابينهما.
ـ تصالح يعني فيما يعنيه:
تقاسم النفوذ في هذه المنطقة.
لإسرائيل حصتها وللإيرانيين حصتهم.
ومن تبقى سيكون:
ـ دولاً بلا اسم.