fbpx

دينيس روس يقرع الأجراس.. هل يصحو بايدن من غفوته؟

“لم تعد طهران تاأخذ تهديدات واشنطن على محل الجد” بهذا يبدأ يدنيس روس مقالة كان قد نشرها في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى.
ـ ولماذا ستأخذ تلك التهديدات وقد باتت تمتلك 25 كغ من اليورانيوم المخصّب، الكمية التي تسمح للإيرانيين بتخزين اقنابل النووية كما البطاطا؟

لماذا سيفعلون ذلك والإدارة الأمريكية، تغفو عن الخطوات التي تتخذها ايران للوصول نحو صنع سلاح نووي؟
دينيس روس يسرد وقائع من خلال تواجده في إسرائيل، ومن بينها يستخلص أن الإيرانيين، لم يعودوا يشعرون بالخوف؛ بعد أن تيقنوا أن ردود الفعل الأمريكية عليهم ستكون ردود فعل محدودة، إن وجدت أساساً، سواء دبلوماسياً أو خلاف ذلك.
يحكي دينيس روس بما لايخلو من الغضب قائلاً “إن عدم خوف الإيرانيين من تبعات طموحاتهم النووية أمر خطير. فقد يسفر عن سوء تقدير في الحسابات من الجانب الإيراني حول إمكانية إقدام الولايات المتحدة على أي ردّ عسكري، ويقلّص بالتأكيد احتمال تحقيق أي نتيجة دبلوماسية. ”
ومن بين الأسئلة التي تطرح نفسها هنا، هل يمضي الإيرانيون الآن قدماً بالتخصيب القريب من صنع سلاح نووي، وإنتاج معدن اليورانيوم، وسلاسل من أجهزة الطرد المركزي المتقدمة للضغط على واشنطن لتحسين شروط الاتفاق النووي، حيث يحصلون على تخفيف العقوبات بأكثر مما يحق لهم به مقابل قيود أقل على بنيتهم التحتية النووية؟ أم هل يقومون بذلك لأنهم يرغبون في امتلاك قدرات عتبة نووية – كتلك التي تتمتع بها اليابان – تمكّنهم من الانتقال بسرعة كبيرة نحو صنع سلاح نووي إذا اختاروا القيام بذلك؟ أو الاثنان معاً، بما أنهما ليسا خيارين متعارضين؟
وبغض النظر عن ذلك، ما لم يدرك الإيرانيون أن المسار الذي يسلكونه يشكل خطراً عليهم، فسترتفع احتمالية استخدام القوة. ومن المؤكد أن الإسرائيليين، انطلاقاً من اعتقادهم بأن التهديد النووي الإيراني هو تهديد وجودي، هم أكثر ميلاً إلى الذهاب أبعد من التخريب وشنّ هجوم عسكري على البنية التحتية النووية الإيرانية بالكامل، ولا سيما في الوقت الذي يرون فيه أن إيران تقترب من نقطة التحول للوصول إلى قدرات عتبة سلاح نووي على غرار اليابان – وهي القدرة التي من شأنها أن تمنح إيران قابلية تقديم واقع نووي للعالم في التوقيت الذي تختاره.
في هكذا حال ما الذي يتعين على إدارة بايدن؟
عليها (وهذه اقتراحات دينيس روس) أن تعيد بث الخوف في نفوس الإيرانيين من ردّ فعل أمريكي وممارسة الضغط بشكل أكثر فاعلية وهذا بالطبع سيؤثر أيضاً على الإسرائيليين ويقلل من حاجتهم المتصورة للعمل بشكل مستقل.
إذاً كيف يمكن لإدارة بايدن أن تغير الحسابات الإيرانية، خاصةٍ في الوقت الذي أعلن فيه الإيرانيون أخيراً أنهم سيعودون إلى محادثات فيينا؟
على الإدارة الأمريكية دمج وتنظيم عدد من الخطوات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والاستخباراتية والعسكرية. ومن الناحية السياسية والدبلوماسية، يجب أن تركز هذه الخطوات على عزل الإيرانيين. تجدر الملاحظة أنه من خلال الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي من دون وضع خطة بديلة، ارتكبت إدارة ترامب خطأ فعزلت الولايات المتحدة وليس إيران.
يسرد يدنيس روس بعضًا من الوقائع فيقول “في عام 2009، وخلال الفترة التي أمضيتها في إدارة أوباما، تمّ إرسالي إلى بكين، حيث أوضحت أن أياً من البلدين لا يرغب في رؤية نزاع كبير في الشرق الأوسط، ومع ذلك فإن برنامج إيران النووي، إذا لم يتمّ احتواؤه، سيفضي إلى ذلك. ولتجنب مثل هذه النتيجة، كان لا بدّ من مشاركة الصين في الجهود الرامية إلى عزل إيران سياسياً واقتصادياً – وهذا ما فعلَتْه بكين لاحقاً”.
ويقيناً، لا يرغب الروس أو الأوروبيون في رؤية إيران تمتلك أسلحة نووية أو تطوّرها، كما يدركون مخاطر نشوب صراع أوسع نطاقاً في الشرق الأوسط إذا استمرت طهران في مسارها الحالي. وعلى نحو خاص، يدرك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنه إذا شعرت إسرائيل بأنها مضطرة لضرب إيران، فإن “حزب الله” اللبناني والميليشيات الشيعية في سوريا سيوجهون عشرات الآلاف من الصواريخ والطائرات بدون طيار باتجاه إسرائيل. وبالنظر إلى الوجود الروسي في سوريا، فإن آخر ما يرغب فيه بوتين هو أن يكون عالقاً في وسط مثل هذا الصراع.
وما يجمع دول الخمسة زائد واحد هو الرغبة في منع إيران من امتلاك أسلحة نووية والإيمان باستخدام الدبلوماسية لتحقيق هذا الهدف. من هذا المنطلق، من المهم إظهار التزام واشنطن بالدبلوماسية، ولكن أيضاً بما سيهدد استمرار استخدامها للدبلوماسية حيث تكون إيران وسط هذه التطورات. ويتطلب تحقيق هذا التوازن اتباع سياسة إعلانية توضح لإيران الخطر الذي تواجهه دون إبعاد الآخرين. ولا يكفي الحديث عن النظر في خيارات أخرى، وهو المسار الذي أصبح روتينياً. وبدلاً من ذلك، ووسط التشديد على التزام إدارة بايدن بالدبلوماسية، عليها الإعلان أنه إذا جعلت إيران أي نتيجة دبلوماسية غير ممكنة، فإنها تخاطر بكامل بنيتها التحتية النووية.
والحال كذلك ماذا على الولايات المتحدة أن تفعل؟
على بايدن تحرير إيران من الوهم بأن واشنطن لن تردّ عسكرياً وسوف تمنع إسرائيل من القيام بذلك. ويُعتبر تزويد الإسرائيليين بـ “مخترِق الذخائر الهائلة” الذي يخترق الجبال، وهو قنبلة تزن 30 ألف رطل (15 طناً) وتخترق عميقاً تحت الأرض قبل اشتعال فتيلها، أحد الخيارات. وسيتعين إعارة إسرائيل قاذفات “بي 2” لتتمكن من استخدام هذه القنبلة، لكن الرسالة عن استعداد واشنطن لتزويد الإسرائيليين بها ستكون واضحة للإيرانيين: الولايات المتحدة تزوّد الإسرائيليين بالوسائل لضرب منشأة التخصيب “فوردو”، المبنية داخل جبل، وهي مستعدة لدعم استخدامها إذا كان ذلك السبيل الوحيد لتقويض البرنامج النووي الإيراني.
وإذا أرادت واشنطن تقليل احتمالية اللجوء إلى القوة ضد البرنامج النووي الإيراني، فمن الضروري أن تعيد إحياء قوة الردع. ولتحقيق ذلك، يجب أن يعتقد قادة إيران أن الولايات المتحدة أو إسرائيل ستتخذ خطوات عسكرية لتدمير استثماراتهم الضخمة في برنامجهم النووي إذا استمروا على المسار الحالي ورفضوا أي نتيجة يتمّ التفاوض حولها. وهذه ليست المرة الأولى التي يكون فيها التهديد الصادق باستخدام القوة ضرورياً لتجنب اللجوء إليها.
دينيس روس قدّم ما يكفي من الأسباب التي تدعو جو بايدن للصحو من غفوته.
ما يتبقى أن يصحو الرئيس العجوز.
إن لم تحدث الصحوة ثمة قيامة ستكون.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى