fbpx
أخر الأخبار

“رئيسي” ما بعد “لجنة الموت”، أي موت يرسم لإيران؟

جميع التوقعات تشير إلى أن “ابراهيم رئيسي” سيأخذ طريقه نحو الفوز بالانتخابات الرئاسية الايرانية.. الإيرانيون يغردون، هذا ما يمكن أن يفعله من لاحيلة له بمواجهة العاصفة.

مغردون من الشباب والنساء والشخصيات المدنية والثقافية والفنية، كلها أو لنقل بمجملها تغريدات متشائمة، تذكّر بأنّ إيران ستشهد “مرحلة أفظع من سنوات نجاد”، ومن ماجمعه تراث الخمينية من كوارث على بلادهم، وقد مسحت آثار امبراطورية كان لها شأنها في المدنية الحديثة والدولة الحديثة والالتحاق بركب العصر.

 سياسياً، توقع الناشطون الإيرانيون فشل عمليات التفاوض الإقليمية والدولية التي تخوضها إيران راهنا، فالعلاقة “التواصلية” بين المرشد والرئيس الحالي حسن روحاني طوال السنتين الماضيتين، كانت تسمح لهذا الأخير بإقناع المرشد ببعض الليونة تجاه هذه الملفات، لأن الرئيس روحاني كان من أكثر مسؤولي البلاد اعترافا بالتأثيرات المريعة للعقوبات على بلاده، وهو أمر لن يكون في عهد ابراهيم رئيسي المرشح شبه الفائز.

 الباحث السياسي الإيراني رجب الله فرهادي، شرح في حديث بثته محطة “سكاي نيوز” دلالات ذلك التحول المتوقع خلال الأسبوعين الماضيين: “بالرغم من وجود مفاوضات إيرانية على الجبهتين الإقليمية والدولية، وهو أمر من المفترض أن يدفع نحو تهدئة ما، لكن العكس تماما هو ما يحصل، إذ تزايدت عمليات الاستهداف المستفزة التي تمارسها الميليشيات المرتبطة بإيران، سواء في اليمن أو العراق، وأصرت مراكز القرار العسكري على إرسال السفينتين “مكران” و”سهند” إلى المحيط الأطلسي، دون أية حاجة أو فائدة سوى الاستعراض، مما يدل بأن المؤسسات التنفيذية في إيران قد بدأت تجهز نفسها لمرحلة رئيس متشدد، ودون حسابات دقيقة”.

 الناشطون الإيرانيون ذكروا بـ”السجل السياسي” للمرشح شبه الفائز، والذي كان رئيسا لأعلى مؤسسة قضائية في البلاد، والمتهم بإصدار أحكام قضائية “جائرة”، لأسباب ودوافع سياسية لا جنائية، بحسب التقرير.

المرشح إبراهيم رئيسي كان واحداً من 4 شخصيات قضائية أخرى أشرفوا على محاكمات صورية أودت بحياة قرابة 5000 سجين سياسي، سمتهم اللجان الحقوقية الإيرانية في ما بعد بـ”لجنة الموت” كذلك كان رئيسي في أعلى سلم الادعاء العام في العاصمة الإيرانية طهران حين وقوع “الثورة الخضراء” عام 2009، وتسبب بإصدار أحكام قمعية ضد المنتفضين الإيرانيين.

 المغردون الإيرانيون على وسائل التواصل الاجتماعي أكدوا وبلا تردد بأن الرئيس المقبل من المتوقع أن يستهدف في شهور حكمه الأولى القليل الباقي من أشكال الحريات العامة والسياسية والإعلامية في البلاد، مثل وضع ضوابط على الدراسة المختلطة في الجامعات والأماكن العامة، وإنهاء إمكانية الوصول دون مراقبة تامة لشبكات الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، بالذات الأنماط الجديدة مثل كلوب هاوس، القادرة على جمع المئات وربما الآلاف من المستمعين، وطبعا مزيدا من الضغوط على القوى المعارضة في البلاد، بما في ذلك الإصلاحية المسلّمة بشرعية المرشد وهوية النظام الحاكم.

 مؤسسة الشؤون السياسية الإيرانية “المستقلة”، أصدرت تقريرا عبّرت فيه عن توقعاتها لشكل المواجهة المتوقعة بين القواعد الاجتماعية الإيرانية وأجهزة ومؤسسات الحكم الأمنية والقضائية والسياسية، جاء فيه: “مما لا شك فيه أن الأوضاع لن تحتمل بالنسبة للتشكيلات الشعبية الأوسع في البلاد، وأن اشكالا من الاعتراض الميداني سوف تندلع في مختلف مناطق البلاد لأسباب مختلفة، ستكون صورا مصغرة عن الثورة الخضراء التي جرت خلال العام 2009. فالإيرانيون خلال هذه الأوقات سيكونون فاقدين للأمل، وسيشعرون بمزيد من وحدة الحال بين مختلف مؤسسات ونخب الحكم، وتاليا لن يكون ثمة فرصة مناسبة لإيمان هذه القواعد بوجود تيار إصلاحي ما ضمن النظام، وبالتالي الذهاب إلى مواجهة في الشارع. النظام السياسي بزعامة رئيسي سيكون وقتها جاهزا لاتخاذ أكثر الإجراءات صرامة، لإثبات جبروته”.

 السنوات الخمسة الأخيرة، التي شهت شبه انهيار للاقتصاد الإيراني بسبب العقوبات وأشكال التشنج الإقليمي، أثبتت للطيف الإيراني الأوسع تلك العلاقة الحتمية بين السياسة والاقتصاد، وأن أي تغيير في الواقع الاقتصادي الإيراني يجب أن يسبقه قرارات سياسية تصالحية مع حجم وأدوار إيران الإقليمية والدولية، لفك العزلة عنها، وهو أمر غير متوفر تماما في منهجية المرشح المتوقع فوزه، فهو يمزج في برنامجه وخطابه السياسية بين الشعارات الوطنية العليا وخطابات المواجهة والتحدي للقوى الإقليمية والدولي بطريقة لا واقعية، هذا إلى جانب افتقاده لأي خبرة أو رؤية في مجال الأداء الوظيفي الاقتصادي، على العكس من باقي المرشحين، الذين تنعدم حظوظهم تقريبا.

الايرانيون باتوا بالغي التشاؤم اليوم.

وكانوا بالغي التشاؤم بالأمس، فقد راكموا من التشاؤم ما يكفي للقول:

ـ هذه البلاد غارقة.

ليس خامنئي ورجاله من ينتشلونها من الغرق.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى