مرصد مينا- إيران
تعمل شبكة من المهربين متواجدة في الخليج العربي بالقرب من الحدود الإقليمية لدولة الإمارات، على نقل النفط الإيراني بشكل غير قانوني إلى دول عدة، وذلك في محاولة لتخفيف وطأة العقوبات المفروضة على طهران، حسبما ذكر تقرير نشرته صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية.
هذه العمليات غير المشروعة، تضاعفت منذ أن أعادت الولايات المتحدة فرض العقوبات على صادرات النفط الإيرانية، بعد انسحاب الرئيس الأميركي السابق، “دونالد ترامب”، من الاتفاق النووي الإيراني عام 2018.
ونقل تقرير الصحيفة روايات عن 5 شهود عيان قدمها وافدون هنود قالوا إنهم عملوا على سفن متورطة في التجارة السرية، وتحدثوا عن “كواليس عمليات النقل السرية التي تتم ليلا لتجنب اكتشافها من قبل خفر السواحل الإماراتية”.
بحار هندي تحدث للصحيفة شرط عدم الكشف عن هويته، قال إن السفن المحملة بالنفط ترسو في الخليج خارج الحدود الإماراتية، ومن ثم تنقل قوارب صغيرة تحمل الديزل المهرب حمولتها إلى سفن أخرى.
وتابع موضحا: “إنها سلسلة حيث تبحر قوارب الصيد لتزويد الناقلة المنتظرة بالديزل، علما أن العملية تستغرق من أربعة إلى خمسة أيام لأن القوارب تأتي واحدة تلو الأخرى”.
في السياق، أكد البحار الهندي، أنه كان يعمل لدى شركة شحن مقرها دبي كانت “تقوم بتهريب الوقود الإيراني إلى الصومال”.
بحار هندي آخر، قال إنه عمل لشركتين متورطتين في تهريب النفط الإيراني بين عامي 2016 و 2020″، وأضاف: “إذا رأوا خفر السواحل الإماراتي، فإنهم يوقفون العملية ويهربون”.
أما فيما يتعلق بوجهة الصادرات، فقد كشف التقرير أن النفط الإيراني يتجه نحو الأسواق الدولية عبر شحنة مزورة لتبدو وكأنها جاءت من العراق أو الإمارات، بحسب بحار ثالث.
وكشف ثلاثة بحارة أنه خلال عام 2021 قامت سفينة بنقل المنتجات النفطية المكررة والبيتومين وزيت معالجة المطاط، التي تشملها العقوبات الأميركية، من إيران إلى عُمان والصين.
“فيكاش ثاكور”، وهو بحار هندي لديه عشر سنوات من الخبرة، أكد أن الممرات البحرية بين مضيق هرمز والموانئ في دبي والسعودية تعج بالزوارق الصغيرة التي تحمل الديزل المهرب لنقله إلى سفن أكبر، لافتا إلى أنه “في بعض الأحيان يتم تخزين الديزل مؤقتا في ميناء الشارقة الإماراتي، حيث يتم تزوير الوثائق لتبدو وكأن الوقود جاء من العراق”.
بدوره، قال “آندي بومان”، المدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وجنوب آسيا في مؤسسة Mission to Seafarers، فإن “التهريب يكون من ميناء إمارة عجمان الإماراتية، وتم نقل شحنات المنتجات المكررة، مثل الديزل، إلى دول مثل اليمن والصومال”.
وعن الجهات المتورطة، يبين كورماك ماك غاري، المدير المساعد لشركة كونترول ريسكس الاستشارية، أن “نقل المنتجات الإيرانية الخاضعة للعقوبات يتم على أساس أسبوعي”، مشيرا إلى أن “سعر النفط الإيراني الرخيص يرفع الطلب عليه، وهناك حاجة لدى طهران للالتفاف على العقوبات”.
وقال محللون متخصصون في صناعة الطاقة والأمن الإقليمي إن جهات عدة متورطة في التهريب، بينها “عناصر من الحرس الثوري، بالإضافة إلى شركات الشحن الخاصة الموجودة في دول الخليج العربي”.
يشار إلى أن وزارة الخزانة الأميركية، كانت قد اتهمت الحرس الثوري الإيراني بجني الأموال من تهريب النفط والمنتجات البترولية، بحسب التقرير.
كما أعرب مسؤولون إيرانيون عن معارضتهم لتهريب الديزل، ولكن وزارة الخارجية الإيرانية لم ترد على طلب للتعليق.
من جهته، اعتبر “أندرياس كريج” ، المحاضر البارز في كلية الدراسات الأمنية في كينغز كوليدج لندن ، أن “الحرس الثوري الإيراني مؤسسة فاسدة للغاية، لاسيما إذا نظرنا إلى الكميات التي يتم تهريبها كل عام من إيران، ملايين البراميل”.
وفي السياق نفسه، كشف البحار الهندي، “ديباك فيرما”، أن عمليات التهريب لا تتم إلا بإذن من الحرس الثوري تحت طائلة الاعتداء والتهديد بالقتل.
وهذا ما يؤكد عليه كريج الذي أشار إلى أن “الحرس الثوري يحتجز السفن أو يختطفها عندما تسعى شركات الشحن لتهريب المنتجات البترولية دون إذن منه”.
وبالنسبة للبحارة، يمكن أن يكون هذا عملا محفوفا بالمخاطر، ولكن سفن النقل تحمل أموال ضخمة لدفعها عند الحاجة كرشاوى، بحسب التقرير.
وقال إندراجيت راثود (30 عاما)، الذي عمل في سفينة لتهريب الديزل إلى اليمن من 2017 إلى 2020، إن سفينته كانت تحمل نحو 10 آلاف دولار كرشاوى، كاشفا أن قبطان سفينته كان يحصل عادة على 50 ألف دولار.
وأشار إلى أن “في حال قرر الحرس الثوري مهاجمة السفينة لعدم استحصالها على الإذن، فالحل الوحيد بدفع مبالغ للعناصر التي قد تسارع بضرب البحارة بطريقة وحشية”.