مرصد مينا – هيئة التحرير
مع تعمق الأزمة المعيشية في تركيا، يكشف النائب في البرلمان التركي عن حزب الشعب الجمهوري، “برهان الدين بولوت”، عن وجود 34 مليون ونصف المليون تركي يعانون من أزمة ديون خانقة لصالح البنوك، لافتاً إلى أن إجمالي تلك الديون وصل إلى أكثر من 950 مليار ليرة تركية.
كما يشير “بولوت” إلى أن نسبة كبيرة من المتأزمين والمتعسرين هم من التجار المحرومين من الدعم بالإضافة إلى المواطنين، خاصةً في ظل أزمة انتشار وباء كورونا وما رافقها من تبعات اقتصادية سلبية، مضيفاً: “يوجد في تركيا 34 مليون و158 ألف شخص يعانون من ديون قروض شخصية لبنك أو أكثر، بينما يوجد 2 مليون و86 ألف شخص لديهم ديون لشركات مالية”.
يشار إلى أن الاقتصاد التركي تعرض خلال السنوات الأخيرة لعدة صدمات، انهار خلالها سعر صرف الليرة التركية أمام الدولار عدة مرات متتالية، حيث سجل الدولار نهاية الأسبوع الماضي نحو 9 ليرات تركية، بالإضافة إلى ارتفاع معدلات البطالة والفقر في البلاد.
حجوزات بالملايين وقروض تحتاج السداد
ضمن تناول الوضع المالي للمواطنين الأتراك، تتحدث الشبكة القضائية القومية عن وجود زيادة في معدلات قضايا الرهن والقروض المتأخرة خلال الفترة الممتدة منذ مطلع العام 2021 وحتى منتصف حزيران الجاري، وصلت إلى 937 ألف دعوى مقارنة مع العام 2020، مبينةً أن عدد المصادرات خلال 5 أشهر من العام الجاري، وصل إلى 3 ملايين و400 ألف حالة.
تعليقاً على الأزمة المعيشية في تركيا، يشير الباحث في الشؤون التركية، “سردار عمر” إلى أن ما تمر به تركيا حالياً، هو حصيلة سياسات الحكومة التركية في المجال الاقتصادي على الأقل خلال الأعوام العشرة الأخيرة، لافتاً إلى أنه خلال الأعوام الخمسة الماضية بشكل خاص بدأت تظهر النتائج الاقتصادية بشكل واضح ليس فقط على مستوى الاقتصاد الوطني وإنما حتى مستوى اقتصاد المواطن.
كما يتهم “عمر” الحكومة التركية بتحويل الاقتصاد التركي إلى حقل تجارب وتطويعه لخدمة السياسة الخارجية لحكومة العدالة والتنمية، مبيناً أن اعتماد الحكومة على الولاءات بدلاً من الكفاءات في التعيينات الاقتصادية كان حجر الزاوية في ضرب الاقتصاد التركي.
ويرى “عمر” أن أزمة الشركات التركية أدت إلى حالة فقر شديدة في البلاد لا سيما وأنها كانت عاملاً رئيسياً في ارتفاع نسبة البطالة وفقدان المواطنين لدخلهم الشهري وعجزهم عن دفع أقساط قروضهم الشهرية، محذراً من أن استمرار هذه الأزمة قد يؤدي إلى انفجار غير مسبوق في تركيا.
يشار إلى أن هيئة الإحصاء التركية قد أعلنت أنه “في عام 2019 بلغت نسبة المواطنين العاملين المعرضين لخطر الفقر نحو 13.2% بعدما سجلت 12.8% خلال عام 2017، وخلال العام نفسه بلغ عدد الأفراد المعرضين لخطر الفقر أو الاقصاء الاجتماعي نحو 39.8%.”
بنية قروض تعكس الواقع والمأساة
يقول المحلل الاقتصادي، “مالك بكرلي”: “النظر في طبيعة القروض الممنوحة للمواطنين الأتراك والذين عجزوا عن سدادها تعكس المأساة المعيشية في البلاد، كون نسبة كبيرة من تلك الديون هي ديون استهلاكية”، لافتاً إلى أن ذلك يشير إلى الحالة المزرية للمواطن التركي وصعوبة المعيشة في تركيا.
يشار إلى أن النائب “بولوت” ذكر في تصريحاته أن قيمة القروض المتعسرة في تركيا تضمنت نحو 13 مليار ليرة تركية كقروض استهلاكية وقروض بطاقات ائتمان بقيمة 5.4 مليار ليرة.
أمام المؤشرات السابقة، يرى “بكرلي” أن الوضع الاقتصادي التركي تجاوز مرحلة الأزمة إلى المعضلة، التي ربما باتت عصية على الحل في ظل استمرار حكومة العدالة والتنمية، معتبراً أن الفريق الاقتصادي التركي خلال عقد من الزمان استنفذ كل إمكانياته دون أن يحقق أي تقدم في الملف المالي والمعيشي.
كما يشير “بكرلي” إلى أن المعضلة التركية باتت تحتم إحداث تغيير سياسي في البلاد، خاصةً وأن الفريق الاقتصادي يعمل بتوجيهات من القيادة السياسية التركية ممثلة بالرئيس “رجب طيب أردوغان”، وليس بموجب الضرورات الاقتصادية، مشدداً على أن كل الحلول المطروحة حالياً في تركيا لا تحمل أي جدوى على المستوى العام.
ويلفت “بكرلي” إلى أن توجه الحكومة التركية إلى نوعية معينة من المشاريع، مثل مشروع قناة إسطنبول، لا يخدم سوى شريحة معينة من المستثمرين والطبقة العليا من التجار، دون ان تنعكس على الوضع المعيشي للمواطن التركي أو الاقتصاد الحكومي، مشدداً على أن مثل تلك المشاريع قد تفاقم الأزمة وتوسع من الفجوة الطبيقية داخل المجتمع التركي، بالإضافة إلى انهيار الطبقة الوسطى.
يذكر أن اتحاد نقابات العمال التقدّمية قد كشف أواخر العام 2020، عن ارتفاع معدلات البطالة إلى 17 مليون عاطل عن العمل، و16 مليون فقير في تركيا و18 مليون مواطن آخرين يعيشون على حافة الفقر.
وكان البنك الدولي قد أعلن في تقرير له أصدره منتصف العام 2020، عن حجم المأساة المعيشية في تركيا، مبيناً أن 13.9 بالمئة من الشعب التركي يعيشون تحت عتبة الفقر الوطنية المحددة بـ4.3 دولار في اليوم للشخص الواحد.