بعد سنوات من حصول المغرب على الاستقلال، تحولت إحدى المعتقلات التي كان المستعمر يعذب فيه المقاومين الرافضين لتواجده، إلى متحف للذاكرة التاريخية، وتغير من مكان موحش ومخيف، إلى فضاء يشعّ بعبق التاريخ والذاكرة.
“فضاء الذاكرة التاريخية” هي واحدة من أبنية الحي الإداري لمدينة “خريبكة”، كانت مقراً لتعذيب المقاومين، خلال فترات الاستعمار الفرنسي والاسباني، كان قد تم افتتاحه كمتحف رسميا، قبل حوالي 12 سنة، بهدف عرض مجموعة من الصور والتحف القديمة للزوار والباحثين والمهتمين بالشأن التاريخي، إضافة إلى تقديم عدد من الخدمات الثقافية الأخرى.
وقالت المقاومة “خدوج السليماني”، والتي كانت قد تعرّضت للتعذيب خلال الفترة الاستعمارية وهي لا تتجاوز الـ 15 سنة من عمرها : إن “فضاء 20 غشت” بخريبكة يشكّل مكانا مهمّا للمقاومين الذين يزورونه بهدف لقاء بعضهم البعض وتذكّر فترات قوية من أعمارهم، إلى جانب الزوار الذين يرغبون في معرفة تاريخ المقاومة التي شهدتها المنطقة خلال الفترات الاستعمارية”.
وأضافت: “الفضاء يؤطر الأجيال الصاعدة، ويعرّف الناشئة بمن قاوموا وناضلوا وكافحوا من أجل استقلال الوطن”، لافتة إلى أن “الحرية والاستقلال لم يتحققا بسهولة، بل سبقتهما تضحيات كبيرة من طرف المقاومين الذين اعتُقلوا وعُذّبوا وقُتلوا”.
من جهته، الباحث المغربي”محمد مرشيش” خلال تقييمه للمتحف قال: “هذا المكان كان في الفترة الاستعمارية مقرا للحاكم المدني الفرنسي، ويحتوي على معتقل للمقاومين المغاربة، ونظرا للنوستالجيا والقيمة التاريخية لهذا المقر، تم تحويله سنة 2007 إلى مكان تاريخي، من خلال تأسيس “فضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير 20 غشت”.
ويحتوي الفضاء بحسب الباحث المغربي على “رواق صور الكفاح الوطني من أجل الحرية والاستقلال، من خلال عرض الصور وفق ترتيب أحداث تشير إليها، ورواق آخر بمجموعة من المعروضات، عبارة عن أدوات استعملت في الفعل الفردي أو الجماعي لرجال ونساء المقاومة ضد الاستعمار الفرنسي والإسباني، إضافة إلى مجموعة من الوثائق التاريخية، تضم معلومات تاريخية مهمة”.
إلى ذلك يضم أيضاً “على قاعة للسمعي البصري، مجهزة بأحدث الأجهزة الإلكترونية التي تُستغلّ في مجموعة من الندوات والمحاضرات والموائد المستديرة التي تحتضنها هذه القاعة، بهدف التعريف بتاريخ المقاومة والحركة الوطنية من أجل الحرية والاستقلال”.
ولفت “مرشيش” إلى أن “الفضاء يتوفّر على خزانة غنية بالإصدارات والمؤلّفات والمنشورات المتنوعة، سواء الصادرة عن المندوبية السامية لقدماء المقاومين أو أعضاء جيش التحرير، أو تلك الصادرة عن الشركاء التي تربطهم بالمندوبية السامية شراكات، كوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية والمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ووزارة الثقافة”.
مرصد الشرق الأوسط وشمال افريقيا الإعلامي