وكأن الصحافة الإسرائيلية، اتخذت طرقًا جديدًا لفحص الـ “DNA” للدولة، الحكم، ومن يمسك بمفاتيحهما، وربما سيكون لافتًا للانتباه ذاك المقال المنشور في ها آرتس، والمعنون بـ “زوج خانع، وولد غبي، وكلمة أخيرة”، ومن ثم العنوان الفرعي “سارة تحكم إسرائيل”.
ها آرتس نقلت عن الكاتب الإسرائيلي الساخر “بني تسيفر” وصفه لـ “سارة” وهي زوجة بنيامين نتنياهو بأنها “جذابة”، وحتى “شهوانية”، وهي بسذاجتها استقبلت المديح بابتسامة محرجة ونظرة خجولة، وكانت سارة قد أكدت لمحاوريها أن “الدولة لن تصمد بدون بيبي”، قالت هذا الكلام قبل عشرين سنة، أي قبل فترة طويلة من المحاكمة والفضائح والرشوة والغواصات، التي طالت زوجها، ومن ثم يأتي من يقول أنها “وقفت فترة طويلة على رأس الدولة”.
يوسي كلاين، كاتب مقال ها آريتس لم يعتبر سارة النموذج المثالي لزوجة السياسي، بل رآه في صونيا بيرتس – المرأة التي لا تُسمع ولا تُرى، أما سارة نتنياهو فلم تكن كذلك، كل ما يمكن العودة اليه في تاريخها هو “المجوهرات والصراخ والـ 11 حقيبة”.
يوسي كلاين لاينفي أن سارة ظاهرة فريدة، فـ “مارغريت تاتشر” حكمت 11 سنة، و”غولدا مئير” حكمت خمس سنوات فقط، أما “سارة”، فقد حكمت 15 عامًا مع فترة توقف قصيرة.
بلغة ساخرة يكتب يوسي كلاين “كان توقعنا من زوجة سياسي أن تترأس جمعية للدفاع عن القطط وتصمت”. ولكن زوجات السياسيين لا يصمتن، وهناك دائماً من يصغي إليهن. وزير العدل يصغي للسيدة ساعر، ورئيس الحكومة البديل يصغي للسيدة لبيد. ومن يدفع إسرائيل كاتس؟ وهل تبقى السيدة درعي في المطبخ؟ وهل يصمت السيد شلاين؟ وما تفكر به السيدة بينيت بشأن قرارات زوجها أصبح معروفاً الآن.
ولكن من جلبت التغيير الحقيقي هي السيدة نتنياهو، فزوجها لم يصغ لها فقط، بل امتثل لأمرها.. لم تكتف بتحطيم سقف الزجاج من فوق رأس نساء السياسيين، بل شكلت قيادة مستقلة وسرية، ولم تفعل ذلك بفضل ألاعيب سياسية، بل بقوة شخصيتها اللامعة وسحرها الشخصي وتواضعها المشهور. المقابلات التي أجرتها قليلة، وخطاباتها معدودة. وتواضع أنغيلا ميركل مقارنة مع تواضعها يبدو مثل هياج الغرائز منفلت العقال.
يتساءل الكاتب:
ـ ما الذي تخفيه؟
ويجيب “لم يحل بعدُ لغز سر إخلاص بيبي المتقد، وهي غير مفهومة بحد ذاتها. وما أشيع عن وثيقة سرية تلزمه بأن يمسك بيدها إلى الأبد، لم يتم دحضها حتى الآن”.
ولكن البقع العمياء لم تؤثر عليها؛ فقد وزعت العمل بسخاء، بحيث يناسب مهارات الاثنين اللذين يعملان معها: الابن قدم الفكرة، والأب صاغ، وهي صادقت. الكلمة الأخيرة كانت لها دائماً. صحيح أن كان هناك صراخ مخيف، لكن يمكن، إذا شئتم، أن تعتبروا ذلك عملية تعليمية. بل وحتى إملائية (هي أخصائية نفسية ومعها اللقبان الأول والثاني).
يجب القول لصالحها بأن رغم أنها أوروبية لطيفة، إلا أنها لم تتردد في الغوص في الوحل المحلي وتنزل إلى تفاصيله الصغيرة. نعم، هي المسؤولة عن توطن باردوغو في “صوت الجيش”. نعم، طلبت من موقع “واللاه” أن يزيل صورها وهي ترتدي تنورة غير مناسبة. هذا صحيح، لكن من الذي ضغط من أجل نقل السفارة إلى القدس؟ ومن الذي وقف من وراء اتفاقات أبراهام؟ ومن الذي وقف من وراء تعيين رئيس الأركان؟
ـ إنها سارة.
من طيبة قلبها، نسبت سارة فضل إنجازاتها لممثلها، الذي رد عليها بأقوال مخلصة ووفية. ولصالحه، نقول بأنه غير بعض الأمور، ولكنه لم ينحرف يوماً عن التعليمات. ولو عرفتم كم سيكون ردها مؤلماً على أي انحراف، لعرفتم السبب. هو فعل كل ما في استطاعته، لكن الجلوس في المعارضة أضر بأدائه. ومطالبته بحماية عائلته قرأها من بيان أملاه عليه خاطفوه والمسدس مصوب على رأسه.
في الحقيقة، تم رفض مطالبته بحماية عائلته. ولكن فضل القاعدة القائلة بأن لا يتم انتخاب السياسي إلا مع عائلته، يعود لها. في الانتخابات القادمة سيتم فحص المواقف السياسية للأزواج والزوجات، وكأنهم/ كأنهن هم المرشحون/ المرشحات بأنفسهم/ بأنفسهن. من الآن فصاعداً لن يتردد الإسرائيليون في السؤال قبل أي انتخابات: ما الذي تفكر به (س). بشأن التطعيم؟ هل تؤيد غيلات مهاجمة إيران؟ يجب إشراك الزوجات أيضاً في المناظرة التي ستجرى قبل الانتخابات القادمة. تخيلوا مواجهة ثلاثية بمشاركة السيدات ساعر، وليبرمان، وشلاين، ووزن ثقيل مع السيدات نتنياهو، ولبيد، وبينيت، بعد الدعاية.
نساء يحكمن من “مخادعهن”، هو مايكشف عنه الكاتب، وإن بلغة ساخرة قائمة على المفارقة، والأهم في حال كهذا هو ما اقترحه:
ـ إشراك الزوجات في مناظرات المترشحين للرئاسات.
لم لا؟
لو حدث الأمر في البلدان العربية، كيف سيكون حال من يبلغ عدد زوجاته “ماملكت أيديه”.
ستكون مناظرة احتفالية هائلة قد تنقلب إلى “حرب بالقباقيب”.