مرصد مينا – هيئة التحرير
بعث زعيم التيار الصدري في العراق بإشارة واضحة إلى الجهات التي يبدو أنها حسمت أمرها للتحالف معه لتشكيل الكتلة الأكبر داخل البرلمان والمناط بها تسمية رئيس الحكومة وذلك عبر تغريدة له مساء أمس الجمعة.
وقال الصدر في تغريدة إن “إرادة الشعب الحر فوق كل الضغوطات الخارجية (الغربية) منها فضلا عن (الشرقية)” في اشارة الى ماكشف عنه القيادي في الإطار التنسيقي للقوى الشيعية عائد الهلالي عن تفاصيل اجتماع عقد في منزل رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي في تصريح صحافي إن “شخصيات من دولة خارج العراق وصلت وعقدت اليوم اجتماعا مع الإطار التنسيقي لبحث التحالف مع الكتلة الصدرية قبيل جلسة البرلمان المقرر عقدها الاحد وذهب جزء منه إلى مدينة النجف للقاء الصدر لغرض تقريب وجهات النظر واعلان تحالف بين الطرفين: الإطار والتيار لإعلان الكتلة النيابية الأكبر التي ستشكل الحكومة” ” حيث يُعتقد ان الوفد هو أيراني.
الصدر أضاف في تغريدته “إرادة الشعب هي (حكومة أغلبية وطنية) وأن أي ضغوطات خارجية لن تثنينا عن ذلك وأي تهديدات ستزيدنا (تصميما) و(تقدما) و(عزما) نحو (ديمقراطية) عراقية أصيلة حرة ونزيهة.. لذا فعليهم أن يعوا أن قوة (المذهب) من قوة العراق ومن قوة طوائفه وأعراقه”.
ويشير الصدر في كلماته التي وضعها بين قوسين إلى تحالفه مع تحالف تقدم بزعامة رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي (37 مقعدا) وتحالف عزم بقياد خميس الخنجر(14 مقعدا) والحزب الديمقراطي الكردستاني برئاسة مسعود بارزاني (31 مقعد ) اضافة الى ائتلاف تصميم بزعامة محافظ البصرة أسعد العيداني (5 مقاعد) من مقاعد البرلمان البالغ عددها 329 مقعدا ومع اضافة 73 مقعدا حصل عليها التيار الصدري فان مجموع الكتلة الاكبر ستضم مع انضمام فائزين مستقلين آخرين حوالي 175 مقعدا بينما تحتاج الكتلة الاكبر لتمرير الحكومة المقبلة نصف عدد النواب زائدا واحد اي 165 عضوا .
ووجه الصدر في تغريدته خطابا إلى الإطار التنسيقي الشيعي الذي يتزعمه نوري المالكي وكلك الفصائل الرافضة لنتائج الانتخابات والموالية لإيران بقوله: “أي مساس بسمعة المذهب وسمعة المقاومة من خلال نشر التهديدات والعنف لن يجدي نفعا.. فنحن أول من قاوم من الشيعة حينما كان الجميع يمثل أمام المحتل أو يدافع عنهم.. فاتقوا الله وأحسنوا ولا تخلطوا الأوراق فلسنا أصحاب مطامع سياسية بل جل ما يهمنا هو (الوطن) وحب الوطن من الإيمان.. ولن نركع إلا لله”.
وقال الاطار في بيان تابعته “ايلاف” انه “ناقش الجمعة قضية الكتلة الاكبر ومسار الجلسة الاولى وعبّر عن حرصه على التزام السياقات القانونية والدستورية”. ودعا “جميع نواب المكون الاجتماعي الاكبر (الشيعة) وبالخصوص الاخوة في الكتلة الصدرية لتشكيل الكتلة الاكثر عدداً للمحافظة على هذا الاستحقاق الدستوري واستقرار العملية السياسية”.
بالمقابل حذر عضو الإطار التنسيقي عن ائتلاف دولة القانون عارف الحمامي من ان ترك تحالفه خارج الحكومة المقبلة انتحار سياسي مشيرا الى ان منصب رئيس الوزراء اصبح عرف دستوري انه للمكون الشيعي كما رئاسة الجمهورية للمكون الكردي والبرلمان للمكون السني وبالتالي لا يمكن ان يستأثر بها فريق على حساب إخوته من ذات المكون”.
واعتبر الحمامني “ترك تحالف الاطار التنسيقي الشيعي خارج التشكيلة الحكومية المقبلة انتحار سياسي وعواقبه خطيرة على مستقبل البلاد”.
وعلى الرغم من تفسير عدد من المراقبين تغريدة زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، مساء أمس الجمعة على أنها إشارة واضحة إلى أنه ذاهب نحو تحالف سياسي مع “تقدم” و”عزم” و”تصميم”، بالإضافة إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني، فإن المشهد لا يزال غامضا، ولم تشكل بعد الكتلة النيابية الأكبر.
مصادر سياسية أفادت بأن بأن الكتلة الأكبر لا تزال بانتظار الحسم، موضحة أن المستقلين سيكونون بيضة القبان على صعيد البيت أو المكون الشيعي، لاسيما أن الصدر لم يتوصل بعد إلى توافق مع الإطار التنسيقي، رغم دنو جلسة البرلمان غدا الأحد.
كما أوضحت أن الكتل الكردية المؤلفة من الاتحاد الوطني الكوردستاني والحزب الديمقراطي، فضلا عن السنية (تقدم وعزم) لم تحسما أمرهما بعد في الانضمام إلى أي من الأطراف الشيعية (الكتلة الصدرية أم الإطار التنسيقي)، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن الكتلتين تفضلان مشاركة شيعية واسعة في الحكومة الجديدة وتبحثان عن تفاهمات أكبر.
وكان مقر الهيئة السياسية للتيار الصدري، في بغداد شهد أمس الجمعة اجتماعات عدة مع وفود من الحزبين الكرديين، والكتل السنية، فيما عقد الإطار التنسيقي (يضم تحالفات شيعية أبرزها تحالف الفتح ورئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي) لقاءات منفصلة أيضا.
إلا أن كل تلك اللقاءات رغم الأجواء الإيجابية والتصريحات المتفائلة التي صدرت إثرها أمس، لم تشِ بأن التوافق مع الصدر قد حسم نهائيا!.
ويسعى التيار الصدري الذي تصدر نتائج الانتخابات النيابية التي جرت في العاشر من أكتوبر الماضي(2021)، إلى نسج تحالفات مع أوسع المكونات السياسية والطائفية في البلاد، تمكنه من تشكيل الكتلة الأكبر قبل جلسة البرلمان غدا، وبالتالي تشكيل حكومة “أغلبية وطنية”، بحسب ما أعلن أكثر من مرة سابقا.
يذكر أن الصدر كان حاز على 73 مقعداً نيابياً، وهو عدد أكبر مما حصل عليه أي فصيل آخر في المجلس المتشرذم الذي يضم 329 مقعدا.
ويتعين الآن تشكيل حكومة جديدة خلفاً لحكومة مصطفى الكاظمي، وغالبا ما يتم ذلك عبر الكتلة الأكبر، إلا أن العملية لا تخلو من تعقيدات، حيث لا يتمكن عادة تيار واحد في البلاد من الاستحواذ على السلطة التنفيذية، ما يدفع الفائز عامة إلى محاولة تقاسم السلطة مع غيره من التيارات والفصائل.
مشكلة الجلسة الأولى
عادة ما تمثل الجلسة الأولى للبرلمان العراقي عقدة سياسية قد تحتاج لشهور لحلها إذ تتولى الجلسة الأولى انتخاب رئيس البرلمان ونائبيه، وتحديد الكتلة الأكبر في البرلمان، إضافة لفتح باب الترشح لمنصب رئيس الجمهورية.
وينص الدستور العراقي على انتخاب رئيس البرلمان ونائبيه خلال 15 يومًا بأغلبية الثلثين من أعضاء مجلس النواب، وإذا لم يحسم التصويت من المرة الأولى، تعاد الانتخابات وتحدد النتيجة بناء على تصويت نصف أعضاء المجلس وهم 165 نائبًا، إضافة إلى انتخاب رئيس الجمهورية، وتحديد الكتلة الأكبر بالبرلمان خلال 30 يومًا لإتمام تشكيل الحكومة الجديدة.
متابعون للشأن العراقي توقعوا أن تقتصر الجلسة المقررة يوم غد الأحد على الإجراءات البروتوكولية الخاصة بأداء اليمين الدستورية للنواب، والدعوى للترشح لمنصب رئيس المجلس ونائبيه، مع إبقاء الجلسة مفتوحة لأيام لمنح وقت للقوى الشيعية لاستكمال مفاوضاتها حول الحكومة أغلبية كانت أم توافقية تضم جميع الفائزين بالانتخابات. وبالتالي لن تنجز الجلسة الأولى كل مهامها، ويرجح تسمية رئيس البرلمان والترشح لمنصب رئيس الجمهورية وتشكيل الكتلة الأكبر للحكومة حسب الاتفاقات السياسية خلال 3 أو 4 أشهر.
العرف السياسي في البلاد منذ 2003 أعطى منصب رئيس مجلس النواب للمكون السني، والنائبين أحدهما كردي والآخر شيعي، كنوع من المشاركة بين الأطياف، إلا أن هذه المناصب مرتبطة بالاتفاق على بقية المناصب العليا، وعلى رأسها منصب رئيس الجمهورية ونائبيه، ورئيس الوزراء ونائبيه، إضافة إلى الحقائب الوزارية.
وتشير الأنباء الواردة من العراق إلى أنه سيكون للقوى الكردية تأثير قوي، رغم أنها لم تتوافق على المناصب السيادية (مثل رئيس الجمهورية)، إلا أنها توافقت على ورقة للتفاوض مع الكتلتين السنية والشيعية بشأن التغيير الديموغرافي في إقليم كردستان، والمناطق المتنازع عليها بين الحكومة المركزية وحكومة الإقليم، ومناطق النفط في الإقليم، وحصته من الموازنة العامة؛ مما يجعل الكرد فريقًا واحدًا في وضع خريطة الحكومة.
وسارت المفاوضات بين الكتلتين السنية والكردية مع الكتلة الشيعية بشكل متوازن، دون إعلان طرف انحيازه للكتلة الصدرية أو الإطار التنسيقي، حيث التقى مسؤولون من الحزب الديمقراطي الكردستاني مع التيار الصدري، كما بحث الصدر مع الحلبوسي تفاهمات ما قبل جلسة البرلمان.