fbpx
أخر الأخبار

ساعة الرمل الإيرانية

للإيرانيين “ساعة رملهم”، وهذا وصف كانت قد أنتجته “معاريف” الإسرائيلية، وكاتب المقال وصفها على هذا النحو بعد أن قال بأن إيران تواصل جمع المعرفة والتجربة في البحث والتطوير والإنتاج وتفعيل أجهزة طرد مركزي متطورة، قال ذلك وأضاف ماهو أشد خطورة:

 ـ هي على مسافة أسابيع قليلة من جمع مادة مشعة تكفي لقنبلة أولى.

ـ قنبلة أولى؟

إذا كان كلام معاريف دقيقًا، فقنبلة أولى قد تكون القنبلة الأخيرة، فهي تكفي لتدمير مدينة، وليس مطلوبًا في الحروب مايزيد عن “ناغازاكي” ليكون الفعل تدميريًا، وبالتالي فعلى الإسرائيليين التحسب لمثل هذا، وكانوا قد اكتفوا باغتيال هناك، وضربة محدودة في مكان آخر، بينما الطهاة الإيرانيون يطبخون القنبلة، ومن الحماقة تصديق المرشد الأعلى علي خامنئي وقد “حرّم” عقائديًا إنتاج هذا السلاح، فالعقائد عند الملالي رجراجة، ولابد تتحرك وفق مواسم المصالح.

قنبلة نووية إيرانية ستعني فيما تعنيه تهديد الخليج، كل دول الخليج، أما عن إسرائيل، فقد تكون الأقل تضررًا تبعًا لإمكانياتها الردعية الأعلى، فيما احتمالات التصعيد باتت على مرمى  السنة القريبة القادمة ، ووفق “معاريف”.

ـ  ولكن..

ـ ولكن ماذا؟

 لكن بخلاف ما ادعاه رئيس الوزراء نفتالي بينيت هذا الأسبوع بأن إسرائيل غيرت في السنة الأخيرة سياسة عملها ضد إيران، واضح أن جهاز الأمن بكل أذرعه يكيف طريقة العمل (الأكثر هجومية) مع تقويم الوضع المتغير، وعمله لا يشكل تعبيراً عن قرار بتغيير السياسة.

أكثر من ذلك ماجاء على لسان وزير الدفاع بيني غانتس مؤخراً في مؤتمر معهد السياسة والاستراتيجية في جامعة رايخمن، بأن إيران تواصل جمع المعرفة والتجربة في البحث والتطوير والإنتاج وتفعيل أجهزة طرد مركزي متطورة، وهي على مسافة أسابيع قليلة من جمع مادة مشعة تكفي لقنبلة أولى.

غانتس كما نفتالي، كلاهما يعلم علم اليقين،  بأن إيران تشتغل على توسيع نفوذها في الشرق الأوسط من خلال، تسليح ومساعدة ودعم ميليشيات ومنظمات إرهاب، فيما أن كمية وسائل القتال الاستراتيجية الكفيلة بأن تهدد دولة إسرائيل ازدادت بشكل كبير في اليمن والعراق.

إن محور النووي ومحور التموضع الإيراني في الشرق الأوسط في قلب الانشغال الأمني والسياسي لإسرائيل ومجموعة دول الخليج، تلك حقيقة، أما الحرب في أوكرانيا والاهتمام الدولي الموجه إلى هناك، فيتركان المسألة الإيرانية بعيدة عن جدول الأعمال الدولي، وللنظام الإيراني طول نفس لمواصلة ميول وسياقات ثابتة، وذلك بخلاف ظاهر مع كل منطق من زاوية نظر غربية، في ضوء الأثمان الجسيمة التي تدفعها إيران في الضرر الثابت اللاحق باقتصادها تحت عبء العقوبات، مثلما هو أيضاً استثمارها الذي لا ينقطع في وسائل قتالية تنقل إلى الشرق الأوسط، وقسم لا بأس به منها يحترق عقب الهجمات المنسوبة لسلاح الجو الإسرائيلي، كما الحال عبر عمليات القصف التي تطال مواقع إيرانية في دمشق ومحيطها وآخرها قصف مطار دمشق الدولي.

لكن من هنا بالضبط تنشأ الاستراتيجية الإيرانية، وثمة صعوبة للتصدي لها بوسائل عسكرية فقط. فالقدرات الاستخبارية الاستثنائية لإسرائيل ومستوى التنفيذ المنسوب لسلاح الجو، لم تحل، ولن تحول دون التوسع الإيراني في دمشق وصولا الى اليمن والعراق.

رئيس الوزراء الإسرائيلي، قال هذا الأسبوع إن إسرائيل تعمل في السنة الأخيرة ضد رأس الأخطبوط وأذرعه، مثلما كان يجري في الماضي.

كان بوده أن يقول عملياً إنه غير سياسة المعركة تجاه إيران منذ تسلمه المنصب.

أثارت أقواله في هذا الموضوع غضباً في جهاز الأمن الإسرائيلي، بل إن محافل رفيعة المستوى في إسرائيل وصفت هذه الأقوال “بغير المسؤولة” على خلفية إخطارات خطيرة جداً بعمليات ثأر إيرانية. أقوال فارغة من المضمون تستهدف جني ربح سياسي.. هكذا وصفت أقول رئيس الوزراء الإسرائيلي.

قبل نفتالي بينيت، ووجه نتنياهو وقد اتهم بسياسات أمنية غامضة لاعتبارات سياسة تخص ظهوره الى النور.

هنا المكان لقول ما هو مسلم به؛ فسياسة الغموض التي تتخذها إسرائيل لا تنبع من اعتبارات كتمان السر. فعندما يهاجم سلاح الجو أهدافاً في دمشق، فالعنوان واضح؛ إذ لا يعتقد أي محفل في الشرق الأوسط بأن سلاح الجو البلجيكي هو الذي يقف خلف العملية.

تتميز الفترة الأخيرة باحتدام خط هجومي لإسرائيل تجاه إيران، كما في تصفية الضابط الكبير في “فيلق القدس” على مدخل بيته. على مدى سنوات طويلة، تعزى لإسرائيل تصفيات لعلماء نووي، كجزء من الضرب ومحاولة تشويش البرنامج النووي الإيراني وكبديل عن الهجوم على منشآت النووي.

تصفية ضباط كبار من الحرس الثوري؟

يحصل هذا ولكنه لم يحل دون التقدم الذي توجد فيه إيران اليوم – تخصيب اليورانيوم إلى مستويات عالية وتطوير أجهزة طرد مركزي حديثة.

في اختبار النتيجة فما حدث بعد انسحاب الأمريكيين من الاتفاق النووي مع ايران، قصر الإيرانيون الجداول الزمنية بسنوات عديدة واستخدموا الخروج الأمريكي من الاتفاق حتى أقصى مدى لصالحهم، ويحدث ذلك بعد غياب الخيار العسكري الإسرائيلي للهجوم على منشآت النووي حتى اللحظة، وليس واضحاً ما إذا كان يمكن لإسرائيل أن تتصدر خطوة كهذه بشكل مستقبلي.

ولكن السؤال الآن:

ـ ماذا لو اتخذت إسرائيل خطوة واسعة، وقصفت المنشآت النووية الإيرانية كما في سابق الزمان وكانت قد قصفت المفاعل النووي العراقي؟

سيبقى السؤال معلّقًا، فتحت عمامات “الملالي” الكثير من الأسرار، قد تكون القنبلة النووية من بينها.

ـ ما الذي يمنعنا من الاعتقاد بأنهم انجزوا القنبلة وانتهى الأمر؟

عندها ستكون القيامة الكبرى.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى