سبق للرئيس التركي أن رفع هذا السلاح بمواجهة الاوروبين.. فـ : أذعنوا

مرصد مينا

اللغة الأعلى في لبنان اليوم، هي اللغة المتصلة بالنازحين السوريين، بما سمح لشخصية لبنانية مثل فريد البستاني بالقول “إنهم قنبلة موقوتة في لبنان”، وبما سمح لشاكر البرجاوي، وهو في الموقع السياسي  النقيض لفريد البستاني أن يكرّر كلام البستاني، وبما يسمح لوزارة المهجرين بالقول أنها عاجزة عن وضع أيّة حلول لمسألة النزوح السوري، و “بما جعل الكل يتوافقون على النازح” وصولاً لاقتراحات وصلت إلى حدود “رمي السوريين بالبحر”، والأخطر هي  تلك اليافطات المعلّقة في شوارع المدن والحارات البيروتية والتي تقول “ممنوع تجوّل السوريين ما بعد الثامنة مساء”، وتلك اليافطة ربما تكون التعبير الأشد ضراوة في عنصريتها وموقفها من النزوح السوري.

يحدث هذا ما بين لعبتين:

ـ الأولى يقودها نظام دمشق والذي يناسبه تفريغ البلد من ناسها، ولو لم يكن الأمر كذلك لما اشتغل على تهديم الحواضر السورية، والسنيّة منها على وجه لخصوص، بما لاتتطلبه ضرورات السلاح، ومن يعرف التدمير الممنهج الذي اتبعه النظام يدرك بالتمام والكمال أنه إذا ما أُخرج السوري من موطنه فهذا يعني فيما يعنيه ترك الساحة لأنصار النظام وحاضنات النظام.

ـ والثانية يقودها الغرب اليوم من الامريكاني إلى الفرنسي والذي يشتغل على توطين النازحين السوريين في لبنان وهو ما يلبي بالتمام والكمال إرادة بشار الأسد.

السوريون يعرفون ذاك المثل “من ترك داره قلّ مقداره”، وليس ثمة من سوري يرى في هجر موطنه خلاصاً، فالهجر قسرياً وهو لابد ويعود لأسباب:

ـ اوّلها النظام البوليسي وقد جعل من كل مواطن سوري سجيناً أو احتمال سجين.

وثانيها البني التحتية المدمّرة في سوريا، كما ضيق العيش وصولاً للمجاعات.

 ما يُنعت بالمجتمع الدولي يشتغل على تهجير السوريين لتوطينهم في لبنان بالتوازي مع الكلام القائل بتوطين الفلسطينيين أيضاً، وهذا المجتمع الدولي لا يقدم أيّة حلول لمسألة النزوح باستثناء تلك المعونات المقدّمة للنازحين والتي تنهبها مؤسسات المجتمع المدني اللبناني، بما جعل النزوح استثماراً لهذه المؤسسات، في الوقت الذي كان بوسع هذا المجتمع الدولي أن يشتغل على إعادة النازحين إلى مواطنهم مع الاستمرار بتقديم المعونات، وهو امر بلا شك سيلغي ولو جزئياً ذاك النزوح الاقتصادي ويخفف عن لبنان احماله، وفي الوقت نفسه يحدّ من تطلع بشار الأسد لتفريغ البلد من السكان، وبالتالي فعودة النازحين تعني استعادة ملامح الثورة الموؤدة، وتحريك مفاعيلها بمواجهة النظام، وهذا ما لايشتهيه الغرب، وقد عزف مع نظام الأسد على وتر واحد، بما جعله ينفّذ بالتمام والكمال رغبة الأسد ومشروعه، وبما أحال لبنان إلى مجموعة مآزق تستولد مآزق، فما أن تتفكك معضلة حتى تنتج معضلة لاحقة.

النزوح السوري إلى لبنان، وبكل المقاييس يستولد أزمات للبنان تضاف لأزماته السابقة والمتمثلة بفساد نخبته السياسية كما بفساد امراء طوائفه، غير أنها، ونعني الأزمة، لاتحلّ على حساب النازح السوري، بل تلقي بكل ثقلها على المجتمع الدولي الذي يعلم تمام العلم أن عودة النازحين لابد وتكون باستعادة سوريا، وسوريا تستعاد مرة واحدة:

ـ بتحولات سياسية تعني الانتقال من دولة البوليس إلى دولة القانون، ومن دولة برلمان التصويت بهز الرأس الى البرلمان الذي انتخبه شعبه، ولا تكون سوى بحياة سياسية، المواطن فيها شريك لا ضحية، وكلها لا تكون إلاّ بإزاحة هذا النظام باتجاه “سوريا الدولة لا سوريا الأسد”، وإذا لم يكن هذا هو الطريق فسيكون الطريق الآخر هو ما يدعو اليه بعض اللبنانيين:

ـ افتحوا طريق السوريين إلى البحر ليغرقوا أوروبا بالمهاجرين.

سبق للرئيس التركي أن رفع هذا السلاح بمواجهة الاوروبين.. فـ :

ـ أذعنوا.

Exit mobile version