ليس سعد الحريري، محررًا كما لو كان سيمون بوليفار، ولكنه مايشبه الاكثرية السنّية في لبنان، أو مايقاربها، فالسنّة الموزعين في لبنان على نجيب ميقاتي، أو فؤاد مخزومي، وسواهما، لايشكلون أكثرية يمكن أن تشكل مظلة لسنّة لبنان، وبالتالي فخروجه من الصيغة اللبنانية، يعني إخرج السنّة من الصيغة أو إضعافهم على أبسط تقدير.
وهاهو الرجل يعود إلى بيروت، لينبئ محازبيه بخروجه من الحياة السياسية، فمن يخرج من البرلمان، يخرج من الحياة السياسية، ما يعني فراغًا سنيّاً، سيكون في محصلته مساحة ليملأه “حزب الله”، مع حليفه “حركة امل”، وفي الحالين، ما يعني اشتداد قبضة حزب الله على لبنان، بل و”كراء” لبنان، كما لو كان مخزنًا لسلاحهما وعقيدتهما، والاستئثار بلبنان كل لبنان، والصف المسيحي متشتت على مجموع مرجعيات متناحرة متجاورة، لايقبل عبرها سمير جعجع بسلمان فرنجية ولا سليمان فرنجية بميشال عون، أما عن الدروز، فلا مشيخة عقل تجمعهم، ولا عقل وليد جنبلاط يكفيهم، وثلثيهما يخدمان بشار الأسد، فيما الثلث الثالث محاصر في المختارة.
يعلم سعد الحريري أنه حتى ولو شكّل كتلة برلمانية فلن تكون له غلبة الصوت تحت ظل السلاح القاتل للصوت.
ويعلم أنه بلا سند ولا ظهير لا إقليمي ولا دولي.
ويعلم أنه ورث رفيق الحريري، والميراث ثقيل، بل وثقيل جدًا، لأسباب اولهما فارق القدرة ما بين المورث والوريث، وليس آخرها اختلاف الصيغة ما بين مرحلة الأب ومرحلة الابن فالزمنان مختلفان، والصيغة مختلفة، وحتى (المال) باعتباره عصب السياسة في بلد مثل لبنان مختلف، فالابن مفلس، فيما الأب في قمة رجال الأعمال.
ومع كل ذلك، ما الذي يعنيه انسحاب سعد الحريري من الصيغة؟
ـ كل ما يعنيه، التسليم لحزب الله.
ومع التسليم لحزب الله، سيكون التسليم لإيران.
أما عن التسليم لإيران فما الذي يعني من بين ما يعنيه؟
يعني أمرًا واحد:
فتح الطريق للثعبان إلى كل المنطقة.. إلى كل هذا الشرق اللعين، وأول خطواته استقرار الصيغة الإيرانية في سوريا، ومن ثم الفوز باليمن، وفي كلتا الحالتين “الفوز لإيران” لتكون إيران :
ـ المركز الإسلامي، فيما بقية العالم الإسلامي من الأطراف.
أول المتضررين ستكون المملكة العربية السعودية.
وأول الصواريخ الإيرانية ستوجه إلى المملكة وصولاً لقبر الرسول.
و”الحسّابة بتحسب”.