fbpx

سقط “صدّام” ماحال “المنّ والسلوى” في العراق؟

بلا تردد بالوسع القول أنه ما من بلد شهد سطوة الدكتاتورية والطغيان كما شهدها العراق على يد الشخصية النرجسية السايكوباتية “صدّام حسين”، وبالوسع القول أن تحرير العراق من صدام حسين لم يكن الضفة الأخرى التي تعني “المنّ والسلوى ” لبلد عانى ماعاناه ما بعد رحيل صدام، فقد:

ـ قُتل مابعد سقوط نظام صدام حسين مايزيد من 100 ألف مدني عراقي على مدى السنوات العشرين الماضية.

ـ كلفت “عملية حرية العراق” خلال سنوات الغزو وما بعدها أكثر من تريليوني دولار أمريكي.

ـ سجلت هذه الفترة فضائح كثيرة منها القتل بدم بارد لمواطنين عراقيين على يد جنود بريطانيين وعمليات تعذيب وإهانة لسجناء عراقيين في سجن أبو غريب على يد جنود أمريكيين.

ـ ذهب الكثير من مولعي الحرب إلى القول بأنها كانت حرباً تساوي خطأً جسيماً ومن هؤلاء جون ماكين، السيناتور الجمهوري الراحل، الذي كان من أشد المدافعين عن تحرير العراق لسنوات. وفي مذكراته التي نشرها قبل وفاته عام 2018 تراجع ماكين عن موقفه وكتب قائلا: “لا يمكن الحكم على تلك الحرب، بتكلفتها العسكرية والانسانية، سوى أنها خطأ… خطأ خطير للغاية، وعلي أن أتحمل نصيبي من اللوم على ذلك “.

ـ  لا تزال أوضاع حقوق الانسان في العراق محل انتقاد من قبل العديد من منظمات الحقوقية الدولية. ففي عام 2021، نشرت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان دراسة تحدثت فيها عن ظلم شديد يطال نظام العدالة في العراق. وجاء فيها أن المعتقلين يحرمون من بعض حقوقهم وأن الاعترافات تنتزع منهم من خلال التعذيب وأنهم يجبرون على توقيع وثائق تعترف بجرائم لم يرتكبوها. علاوة على تعريضهم للضرب المبرح والصدمات الكهربائية والوضعيات المجهدة والاختناق.

ـ هيمنت النزاعات الدامية والفساد فالعراق اليوم يأتي على رأس قامة الفساد في عالم الأنظمة الفاسدة.

ـ سيطر تنظيم الدولة الإسلامية على نحو ثلث مساحة العراق في صيف عام 2014 وحتى أواخر العام 2017 صدمة كبيرة للنسيج الاجتماعي في البلاد، أسفرت عن تغيير عميق في المجتمع العراقي الذي يميزه تنوع عرقي ومذهبي فريد. وتراجعت أعداد المسيحيين والايزيديين في البلاد بسبب تعرضهم لجرائم إبادة جماعية ارتكبتها عناصر تنظيم الدولة الإسلامية.

ـ  أضحى 12 مليون عراقي من أصل 42 مليونا يعيشون تحت خط الفقر، فيما بلغ معدل البطالة في فئة الشباب 25٪ في بلد تقل أعمار 60٪ من سكانه عن 25 عاما.

ورغم احتياطاته النفطية الهائلة لا تزال البنى التحتية العراقية، من طرق وجسور ومنشآت، متهالكة. ويعاني العراقيون من انقطاع يومي في التيار الكهربائي وغياب شبكات توزيع المياه الصالحة للشرب.

وشهدت العاصمة بغداد ومدن أخرى في أكتوبر عام 2019 احتجاجات غير مسبوقة نددت بالفساد وسوء الإدارة والتدخل الايراني في شؤون البلاد.

كل ماسبق يقول بأن سقوط الدكتاتور لم يعن سقوط الدكتاتوريات، كما يقول بأن هذا النوع من الانظمة يورث لمن بعده معضلات تستولد معضلات.

يرحل دكتاتور مُشخًص لترثه دكتاتوريات بلا أسماء ولا صفات.

إسقاط تمثال صدّام لم يسقط تلك الدولة العميقة التي ترعرت على القبضة الفولاذية والفساد.

وهاهو العراق اليوم، وكما يقول السيّاب:

وفي العراق جوع.

لنتخيل أعظم دولة نفطية : تجوع.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى