“بدنا نعيش”، كان هذا شعار تظاهرات السويداء، وقد تطور إلى المطالبة بإسقاط النظام، ما يعيد إلى الذاكرة بدايات انطلاق تظاهرات 2011، وكان أن عمل “مثقفون ثرثارون”، على التقليل من قيمة الشعار الاول “بدنا نعيش”، حتى ربطوا العيش (كل العيش) برغيف الخبز، دون النظر أن العيش الذي يتضمن رغيف الخبز، يحمل كذلك “الكرامة الإنسانية / العدالة / الحرية / المساواة”، وكذلك وقف تغوّل العنف المنظّم الذي تمارسه السلطة وهو عنف يمتد من البراميل المتفجرة وصولاً للإخفاء القسري.
هبّة السويداء، لاتعني للسلطة مجرد عشرات من الشباب المتظاهرين، إنها تعني الكثير، بل والكثير جداً، ومن القليل من الكثير أن هذه الهبّة تأتي من الجنوب، ليلاقي شباب درعا شباب السويداء، ويحملون الشعارت نفسها، والأغنية نفسها والمطالب نفسها، وبذلك يفوّتون على السلطة ما اشتغلت عليه لسنوات وسنوات، وهو تفخيخ علاقة حوران الجبل ، بحوران السهل، وذلك عبر الخطف والخطف المضاد، وكلاهما الخطف والخطف المضاد لم يكن سوى عبر أجهزة السلطة، المعلنة منها والخفية، كما من قليل الكثير، أن هبّة السويداء فوتت على السلطة ذلك الذي عملت عليه، وهو ما يسمى بتحالف الأقليات، لتأتي تظاهرات السويداء وتقول بأن الأقليات في سوريا، ليست طوائف ولا مذاهب ولا أعراق، فالأقليات هم ملوك الفساد،ملوك القتل ، كما صبيان الطغاة والطغاة، ولهذا سارعت أجهزة السلطة للاستنجاد، بجرائها في الجوار فسارعت إلى طلال أرسلان (بوصفه درزيًا)، كما إلى وئام وهّاب (لذات السبب)، وطلبت منهما إسكات صوت السويداء، بالاستعانة بوجوه اجتماعية من السويداء، هي ليست وجوهًا للسويداء بقدر ما هي أقفية للسلطة، وكل ذلك لإيقاف شرارة احتجاج قد تتسع وتتسع، لتعيد الثورة الى الميادين السورية.
في السويداء، ثمة حركات شبابية، وهي حركات تستمد مشروعيتها من الوجع، ومن الحنين للحرية والحنين للعدالة الاجتماعية والحنين لدولة مؤسسة لادولة عائلة، وشباب السويداء يعرفون كيف يسقطون زعامات الوجهاء (زعامات الأقفية)، وزعامات الأقفية هذه تتدرج من قطّاع طرق إلى زعامات دينية، ليس لها من الدين سوى ما تقرره الأجهزة الأمنية، وهذا مايسمح بالقول أن تظاهرات السويداء ليست ثورة على السلطة والنظام وأجهزته فحسب، بل على تلك الزعامات أيضًا، والكل يعلم أنه لامكان لنصف رجل من مثل طلال أرسلان في السويداء، ولا مكان لسافل كامل الأوصاف كما وئام وهاب، فالمكان كل المكان لشباب يذهبون بعيدًا في سوريتهم.. في وطنيتهم السورية، في البحث عن حق الكلمة وحق الصوت وحق اللقمة.
الأروع في الموضوع تلك اللحظة التي لاقاهم بها شباب درعا.. والأروع من هذا وذاك تظاهرات ادلب بمواجهة التكفيريين.
هنا سلطة نهبت وقتلت وأجاعت، وهناك فصائل إسلامية تلاقي السلطة في القتل النهب والفساد.
وهناك شباب يتوحدون على مطلب العدالة الاجتماعية وحق الحياة.
سلام لشباب درعا / السويداء / إدلب.
كل السلام