سوريا الغد كما يراها فقهاء الأيباك

زاوية مينا

ربما يكون معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، هو المدحلة التي تفتح الطريق أقله للعقل الإسرائيلي في إدارة المنطقة، فالمعهد بالخلاصة كان قد تأسس من قبل لجنة العلاقات الأمريكية الإسرائيلية “إيباك” وهاهو اليوم يقدّم نصائحه التي تعني “ماتريده إسرائيل من سوريا”، والأولوية لـ :

ـ الدولة الفيدرالية.

سيبرهن المعهد وعبر فابريس بالونش، وهو مدير أبحاث في جامعة ليون الفرنسية، على أنه لا خلاص لسوريا سوى باستيعاب هذا العنوان، ويتوجه (وإن ضمنياً) للرئيس السوري أحمد الشرع بالقول “في الوقت الذي تستند الهياكل السياسية والعسكرية والبيرقراطية في سوريا الى الولاءات لشخصية داخل “هيئة تحرير الشام” كما ظهر ذلك في إدلب، حيث أسس السكان المحليون كياناً تضامنياً (قائم على العصبية)، مكنهم من تولي مقاليد السلطة (المُلك). لكن في بلد يبلغ عدد سكانه 20 مليون نسمة – مع احتمال ارتفاعه إلى 28 مليوناً بعودة اللاجئين – فمن شبه المؤكد أن النهج الحالي، القائم على المركزية ، لن يكون فعالاً على المستوى الوطني”.

ـ إذن؟
وفق المعهد فـ “قد تعلم بشار الأسد هذا الدرس بالطريقة الصعبة. فرغم تبنيه سياسة اللامركزية، إلا أن تطبيقها اقتصر على الجوانب الإدارية، مما أدى في نهاية المطاف إلى إضعاف الدولة دون تحقيق أي من المزايا الحقيقية للامركزية حيث ساهم هذا الخلل في تسريع انزلاق البلاد إلى الحرب الأهلية”.

ـ ما النصيحة التالية الموجهة إلى الرئيس الشرع ليتجاوز العثرات التي وقع فيها بشار الأسد؟

بالعودة إلى المعهد فـ “إذا أراد الشرع تفادي تكرار أخطاء الأسد، فقد يتعين عليه أن يطبق اللامركزية الحقيقية في السلطة السياسية ويقيم نظاماً فيدرالياً”.

كلام لاينقصه الوضوح، ويبدو أن كلاماً كهذا لابد ويتكئ على مرجعية ما في الإدارة الأمريكية، فالكلام طازجاً نقتطع منه:”أكدت الولايات المتحدة وأوروبا مراراً وتكراراً على أهمية إرساء الحكم الشامل للجميع في مرحلة ما بعد الأسد، ولكن كيف يمكن تحقيق هذه النتيجة في ظل نظام سياسي مركزي تحتكر فيه الهيئة السلطة المطلقة، بينما يتم تهمش الأقليات ؟”.

سيأتي الجواب بـ”التلويح بالعصا”، فهذا ما يتبناه المعهد وفق ما يصفه بـ “حل المعضلة”، فـ “لحل هذه المعضلة، ينبغي على القوى الأجنبية أن تربط رفع العقوبات والدعم المالي لسوريا باعتماد نظام فيدرالي.

الأكراد والعلويون والدروز يسيطرون بالفعل على مساحات واسعة يمكن أن تستوعب مناطق حكم ذاتي. ومن غير العملي تخصيص أقاليم منفصلة للمسيحيين والإسماعيليين والتركمان نظراً لمحدودية حجمهم وتوزيعهم الديمغرافي المبعثر.

ومع ذلك، يمكن منحهم مناطق ذات وضع خاص، مثل وادي النصارى المسيحي في محافظة حمص، والمنطقة التركمانية الممتدة بين أعزاز وجرابلس”.

سيستطرد أكثر (والكلام للمعهد):”على الرغم من أن الفيدرالية قد تساعد في معالجة الانقسام الطائفي في سوريا وتعزيز توزيع أكثر عدالة للسلطة، إلا أنها قد تطرح تحدياً حاسماً أيضاً يتمثل في توزيع الموارد.

فبالإضافة إلى السيطرة على النفط والغاز الطبيعي، سيتعين على المسؤولين اتخاذ قرارات صعبة بشأن حقوق استخدام إمدادات المياه والأراضي الصالحة للزراعة والوصول إلى البحر وما إلى ذلك. فعلى سبيل المثال، تتركز معظم المنشآت النفطية في مناطق “قوات سوريا الديمقراطية”، وإذا قرر الأكراد الاحتفاظ بسيطرتهم على هذا المورد بعد سقوط الأسد، فقد يواجهون خطر فقدان إمكانية الوصول إلى موارد استراتيجية أخرى، من بينها نهر الفرات، وبالمثل ستسعى المجتمعات الساحلية إلى فرض ضرائب على حركة البضائع عبر مرافئها، مما قد يؤدي الى توترات داخلية”.

ستستعين جرافة المعهد بالتجربة العراقية، فوفقها:”أظهرت التجربة العراقية أن الموارد الهيدروكربونية لا تحتاج بالضرورة إلى أن تكون تحت سيطرة الحكومة المركزية – بل إن بغداد استخدمتها في أحيان كثيرة كأداة ضغط ضد إقليم كردستان، علاوةً على ذلك، يبدو أن الاحتياطيات النفطية السورية ليست كبيرة بما يكفي لتبرير محاولات احتكارها، فقد كان الإنتاج اليومي للنفط قبل النزاع يبلغ نحو 400 ألف برميل فقط، وهو رقم ضئيل مقارنةً بإنتاج العراق البالغ 6 ملايين برميل يومياً”.
المعهد بالاستخلاص التالي: سيختم

ـ إذا تم تبني الفيدرالية، يجب أن تُطبق على جميع أنحاء سوريا، وألا تقتصر على الأقليات فقط. كما ينبغي أن يتمتع القادة الإقليميون في مختلف مناطق البلاد بدرجة من الاستقلالية عن البيروقراطية المركزية المثقلة بالأعباء، لضمان انتعاش سوريا السريع واستقرارها على المدى الطويل، وإلا، فقد تجد البلاد نفسها عالقة في دوامة لا تنتهي من الصراع.
إذا كان هذا لسان حال الايباك، فما هو مستقبل سوريا؟

سيكون:
ـ التقسيم، وتحت يافطة “الفدرلة”، وإن لم يكن فسيكون التقسيم بـ “الحراب” ولغة الساطور.

هكذا يفكّر الدماغ المُتحكّم في هذا الشرق لتكون:
ـ مملكة إسرائيل، بين ممالك بتيجان من تبن وسيقان من فخّار لم يكتمل احتراقه بعد لتستكمل الهشاشة مستقبله.
كل هذا سيقول لنا:
ـ ما يحدث في السويداء والساحل السوري، لم يكن صدفة.

Exit mobile version