مرصد مينا – هيئة التحرير
خطوات انتدابية جديدة، تسعى روسيا إلى اتخاذها في سوريا، هكذا يصف مصدر سوري خاص، لمرصد مينا، توجيهات الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين”، الخاصة بتسلم الجيش الروسي المزيد من المنشآت الحيوية السورية، لافتاً إلى أن موسكو انتقلت حالياً إلى مرحلة الانتداب الرسمي في سوريا.
وكان الرئيس الروسي قد وجه وزيري الدفاع والخارجية في بلاده للبدء بمحادثات مع النظام السوري حول تسلم الجيش الروسي ممتلكات غير منقولة ومناطق بحرية إضافية في سوريا، بموجب البروتوكول رقم 1، المضاف للاتفاقية المبرمة بين الجانبين، في آب 2015 المتعلقة بنشر مجموعة من سلاح الجو الروسي في سوريا.
ما بقي من نظام الأسد.. توقيعه
يرى المصدر المقرب من دوائر القرار داخل النظام، أن إمبراطورية الأسد السياسية عملياً سقطت، ولم يبقى منها سوى توقيع رأس النظام، الذي انحصرت صلاحياته فقط بتشريع الوجود الروسي، ومنحه النفوذ المطلوب، مضيفاً: “بنية النظام السياسي في سوريا تبدلت بعد عام 2015، الوجود الروسي ألغى فعلاً أي دور سياسي أو سيادي لعائلة الأسد، الروس اليوم يدخلون مرحلة السيطرة الحيوية على البلاد بعد ان انهوا السيطرة العسكرية، وهذا واضح من خلال الاتفاقيات والمعاهدات، التي جعلت من الروس ورثة فعليين للنظام”.
وكان النظام السوري قد وقع مع الروس بعد عام 2015 معاهدات طويلة الأمد من بينها عقود لإعادة الإعمار وإدارة الموانئ واستخراج الفوسفات والتنقيب عن النفط، بالإضافة إلى النفوذ السياسي والعسكري.
الحديث عن سيطرة روسيا على القطاع الحيوي، لا يرتبط بحسب المصدر فقط بجني الأموالوتعويض المبالغ التي أنفقتها روسيا في سوريا وحسب، وإنما تشمل إحكام السيطرة على القرار السوري، وتحويل البلاد إلى جزء حقيقي من ما يعرف برابطة الدول المستقلة، الموالية لورسيا والتي كانت في ما مضى، جزءاً من الاتحاد السوفياتي، موضحاً: “إن دخلت إلى ما وراء الكواليس فلن تجد أي فرق بين الشيشان ونظامها وبين سوريا ونظامها في التبعية للقرار الروسي”.
كما يلفت المصدر إلى أن تعيين الممثل الخاص للرئيس الروسي في سوريا، هو إعلان وصاية فعلية على سوريا، ويعني بشكل أو بآخر انتهاء دور العسكر وبدء دور رجال السياسة لتثبيت السطوة السياسية الروسية، على حد وصف المصدر.
وكان الرئيس الروسي، قد عين قبل أيام قليلة، سفير موسكو في دمشق، “ألكسندر يفيموف”، ممثلاً رئاسياً خاصاً لتطوير العلاقات مع سوريا.
آثار مدمرة وبعيدة الأمد
خطورة العقود طويلة الأجل، والسطوة الروسية في المجال الاقتصادي والحيوي، يلخصها الباحث الاقتصادي، “مناف قومان”، بتكبيل الاقتصاد السوري والنظام بشكل عام، كما انها تمنع حكومة النظام الحالية أو أي حكومة مستقبلية من القيام بأي خطوات تنموية من شأنها الاستقلال بالقرار الوطني واستثمار ثروات سوريا الطبيعية، مؤكداً أن العقود والاتفاقيات بين روسيا وسوريا سيكون لها آثار مدمرة على الاقتصاد السوري على المدى البعيد.
وتصف المعارضة السورية، الاتفاقيات مع روسيا بأنها نهب للثروات السورية، وخاصة في الصفقة مع المؤسسة العامة الثروة المعدنية، الخاصة باستثمار واستخراج خامات الفوسفات من تدمر، والتي تقتصر فيهاحصة الشركة على 30 في المئة من الإنتاج، على أن تتحمل تكاليف الإنتاج، لمدة 50 عام.
إلى جانب ذلك، يشير الباحث “قومان” إلى أن عملية تنموية في المستقبل ستصطدم بحائط روسي يعترض العملية، ويلغيها، مشدداً بحسب ما نقله موقع عنب بلدي، على خطورة العقود المتعلقة تحديداً باستثمار موانئ نفطية وحق التنقيب عن النفط والغاز والفوسفات واستخراجه.
اتفاقيات مافيوية وحديث الأولويات
هنا يذهب الباحث الاقتصادي، “يونس كريم” إلى توصيف الاتقافيات الروسية الموقعة مع النظام، بأنها اتفاقيات مافيوية بشكلها العام، كما أنها تسعى إلى تحقيق أهداف استراتيجية روسية، أهمها منفذ المياه الدافئة في البحر الأبيض المتوسط، إلى جانب الحصول على الكثير من العقود في الفوسفات ومناجم الملح والقطاع النفطي وغيرها، في إشارة إلى الاهمية التي يوليها الروس لضرورة السيطرة على القرار السوري بشكل كامل، كمصلحة استراتيجية وقومية روسية.
ويضيف “كريم”: “الروس بعد 2015، اعتمدوا على نمط جديد من الاستثمار في سوريا، هو الاستثمار المافياوي، القائم على أن تحوز الشركة استثماراً بتكلفة أقل من قيمته الحقيقية، ثم تبدأ بالاعتماد على الدولة السورية في تمويله من حسابها، بحيث تكون المنشأة جاهزة للاستخدام والاستثمار أو إعادة بيعها لمستثمرين أجانب بسعر أعلى”، وفقاً لما نشره موقع سوريا على طول المعارض.
وسبق لشركة ستروي ترانس غاز الروسية، ان طردت نحو 200 موظف سوري من المنشآت التي استولت عليها في ميناء طرطوس ومعمل الأسمدة في حمص، بعد تعاقدها مع حكومة النظام، بحسب ما نشرته صحيفة الوطن المقربة من النظام.