سوريا تعلن وقفاً شاملاً لإطلاق النار في السويداء بعد اتفاق مع إسرائيل برعاية أميركية

مرصد مينا

أعلنت الرئاسة السورية، اليوم السبت، وقفاً شاملاً وفورياً لإطلاق النار في محافظة السويداء، بعد ساعات فقط من إعلان المبعوث الأميركي إلى سوريا، توماس براك، التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل وسوريا لوقف إطلاق النار عقب الاشتباكات العنيفة التي شهدتها المنطقة ذات الغالبية الدرزية خلال الأيام الماضية.

وأكدت الرئاسة السورية، في بيان رسمي، أن أي خرق لهذا الاتفاق سيُعتبر انتهاكاً مباشراً للسيادة الوطنية، محذّرة من تداعيات أي تجاوز على الأرض.

وفي وقت سابق، باشرت قوات الأمن السورية بالانتشار التدريجي في محافظة السويداء، في مهمة وصفتها وزارة الداخلية بـ”الوطنية”، هدفها الأول حماية المدنيين ووقف حالة الفوضى التي اجتاحت المحافظة.

وقال المتحدث باسم الوزارة، نور الدين البابا، عبر حساب الداخلية الرسمي على “تلغرام”، إن قوى الأمن الداخلي بدأت انتشارها ضمن خطة تهدف إلى إعادة الاستقرار وفرض النظام العام.

وفي موازاة ذلك، دعا حكمت الهجري، الزعيم الديني الدرزي، اليوم السبت، إلى تحكيم صوت العقل ونبذ السلاح، مؤكداً أن الدروز لم يكونوا يوماً دعاة فتنة أو صراع، بل يسعون دائماً للتفاهم وحفظ السلم.

وقال الهجري في تصريحاته: “نمد أيدينا إلى كل إنسان شريف يعمل لإنهاء هذه الاشتباكات وإعادة الأمن إلى المحافظة”.

وعلى الرغم من هذه الدعوات أفادت تقارير صحافية صباح السبت، بأن محاور القتال في محافظة السويداء لا تزال تشهد اشتباكات متقطعة بين مقاتلين من العشائر البدوية وفصائل درزية، مع تأكيده أن القوات الأمنية السورية لم تدخل بشكل كامل إلى داخل المدينة بعد، رغم تمركزها عند مشارفها.

في السياق نفسه، أفادت مصادر إعلامية سورية بأن وزارة الدفاع أمهلت مقاتلي العشائر البدوية حتى فجر السبت لمغادرة المحافظة، مع مطالبتها لهم بتسليم الأسلحة التي استولوا عليها من مستودعات تابعة لفصائل مسلحة داخل السويداء.

ووفق المعلومات المتداولة، فإن دخول قوات من وزارتي الداخلية والدفاع سيكون بهدف فض الاشتباكات وفرض السيطرة الأمنية والإدارية في المحافظة.

صحيفة “الوطن” السورية نشرت بدورها تفاصيل الاتفاق الذي تم التوصل إليه، مشيرة إلى أنه ينص على دخول مؤسسات الدولة الإدارية والأمنية إلى السويداء، مع دمج عناصر الفصائل المسلحة المحلية ضمن أجهزة الأمن ووزارة الدفاع، ليُكلَّفوا بحفظ النظام بالتعاون مع القوات النظامية.

كما يتضمن الاتفاق تسليم السلاح الثقيل والمتوسط من الطرفين، مع دراسة آلية دمج أبناء الطائفة الدرزية في المسار السياسي للمرحلة المقبلة، وفتح ممرات آمنة لمن يرغب في مغادرة البلاد ممن يرفض الاتفاق، إضافة إلى تعهد بمحاسبة مرتكبي الانتهاكات القانونية من كلا الطرفين.

المبعوث الأميركي إلى سوريا، توماس براك، دعا عبر منصة “إكس” فجر اليوم، إلى إلقاء السلاح وبناء “سوريا موحدة”، مطالباً الدروز والبدو معاً بإنهاء المواجهات. وكشف براك أن الاتفاق جرى برعاية ودعم كل من تركيا، الأردن، وعدد من الدول المجاورة.

تأتي هذه التطورات بعد اشتباكات دموية اندلعت مساء الجمعة، في المدخل الغربي لمدينة السويداء، بين مسلحين من العشائر البدوية ومقاتلي الفصائل الدرزية داخل المدينة، حيث اشتبك نحو 200 مقاتل باستخدام الرشاشات الثقيلة والقذائف، وفق مصادر لوكالة “فرانس برس”.

الرئاسة السورية، التي أعربت عن “قلق بالغ وأسف عميق” إزاء الأحداث الدامية، أصدرت بياناً أوضحت فيه أن ما حدث في الجنوب السوري كان نتيجة تمدد مجموعات مسلحة خارجة عن القانون استخدمت السلاح لفرض الأمر الواقع، مما عرّض حياة المدنيين للخطر، خاصة الأطفال والنساء والشيوخ.

وأضاف البيان أن الدولة السورية ترفض منطق الانتقام، مؤكدة أن التعامل مع الفوضى سيكون عبر سيادة القانون، وأن الرد على التعديات سيتم عبر تطبيق العدالة وليس بالثأر. وأعلنت الرئاسة عن إرسال قوة أمنية متخصصة لفض الاشتباكات بالتوازي مع اتخاذ إجراءات سياسية وأمنية لاستعادة الاستقرار وضمان عودة الهدوء في أسرع وقت.

يُذكر أن حالة التوتر في محافظة السويداء كانت قد تصاعدت منذ 13 يوليو، مع اندلاع اشتباكات عنيفة بين عشائر بدوية ومقاتلين دروز، قبل أن تدخل قوات الأمن السورية إلى المدينة في 15 يوليو في محاولة لفرض الاستقرار. غير أن إسرائيل استهدفت لاحقاً، عبر غارات جوية، آليات عسكرية سورية كانت متجهة إلى السويداء، كما قصفت مواقع استراتيجية في العاصمة دمشق في 16 يوليو.

وفي ختام تلك التطورات، أعلنت وزارة الدفاع السورية، مساء 16 يوليو، سحب قواتها العسكرية من مدينة السويداء، التزاماً باتفاق وقف إطلاق النار، رغم استمرار بعض الاشتباكات المتفرقة بين البدو والفصائل الدرزية داخل المحافظة.

Exit mobile version