
زاوية مينا
قد يكون الحدث الذي يتلو بأهميته إسقاط نظام الأسد، هو الاتفاق الموقع ما بين السلطة الانتقالية في سوريا و “قسد”، أما أهميته فقد أدركها السوريون وصولاً لهذا الاحتفال المُعبّر عنه عبر وسائل التواصل الاجتماعي، كما لو نشوة أصابت السوريين ما بعد متاهة طالت وصولاً لحدود أن تُرى سوريا كما لو قطار لا يعرف سكته.
أما أهمية الحدث فيمكن إجمالها:
ـ أولاً، قطعت الطريق على إمكانية التقسيم، وكانت البلاد تحت احتمالاته بفصل شمال شرق سوريا عن “الأم”، وبالتوقيع إياه، استعادت البلاد أرضها بناسها ومواردها، ودون المساس بالحقوق القومية للكرد، وهي حقوق لا ينبغي الاعتداء عليها أو التقليل من شأنها في دولة المواطنة.
ـ ثانياً، قطعت الطريق على المشروع الإسرائيلي، وطالما اشتغل على الكوريدور الممتد من الجنوب السوري وصولاً لمناطق قسد.
ـ ثالثاً، قطعت الطريق على التدخلات التركية وقد اشتغلت على استعدادات لخطوات عسكرية باتجاه مناطق “قسد” لاقتطاعها من الأراضي السورية تحت يافطة “محاربة الإرهاب الكردي”.
ـ أما الأهم من بين “الأهميات السابقة” فهو قطع الطريق على استفراد الفصائل القادمة من ادلب بالسلطة، عبر فتح الطريق لشراكة وطنية يتوقع لها أن تتسع لتشمل مجموع السوريين، ولهذا تفاصيل يمكن اختزالها:
ـ هيئة تحرير الشام وقد انتقلت من الثورة إلى الدولة، لن يكون بوسعها تحقيق هذا الانتقال مادامت “هيئة” ومادامت مطوّقة بفصائل راديكالية إسلامية لن تستوعب صيغة الدولة، ولحظة اختار الشرع توسيع تحالفاته وتفاهماته، فلابد أنه اختار تحالفات ستعينه على “قصقصة” هذه الفصائل الراديكالية لنفيها أو لادماجها بـ “الدولة”، أقله وقد تسببت بنكسة بالغة البشاعة عبر ارتكاباتها التي وقعت في أحداث الساحل السوري، والمتابع يعرف بالتمام والكمال أن “سلطة الشرع” كانت محاصرة بهذه الفصائل من طراز الحمزات والعمشات، ولابد من الاستعانة بحلفاء أقوياء لإزاحة هذه الفصائل من المشهد، وبوسع “قسد” عبر دمجها بالدولة أن تحقق بالتحالف، مالم يحققه “الشرع” بمفرده.
ـ خطوة الشرع هذه، ونعني التلاقي مع “قسد” قطعت الطريق على فصائل “درزية” اشتغلت وتشتغل على الانفصال عن الدولة عبر رهانها على الامتداد بـ “قسد”، فأخرجها هذا الاتفاق من أوهامها، ولم يعد أمامها سوى المواجهة بمفردها، وهذا يعني وأدها، أو التراجع عن مشروعها والانضواء تحت لواء الدولة بناسها وسلاحها، وهذا انجاز يستكمل إعاقة مشاريع تقسيمية لو أنجزت لتسببت بدمار بلد غير قابل لأن يقسّم.
كيف جاء الاتفاق، وبضغط مِن مَن، أو بوساطات مِن مَن، ليس سؤالاً جديراً بالبحث عن إجابة عنه، فالعبرة بالنتائج، والنتائج تقول:
ـسوريا لن تقسّم.
ستكون “لن”، هي البديل عن “لم” و “لو” و”إذا”.
سوريا اليوم باتت محمية من التقسيم، وما بعد ذلك فالمخاض السوري بات أقل عتمة من اللحظة التي حملت توقيعين:
ـ مظلوم عبدي .. أحمد الشرع.