- تمهيد
- قانون العمل في هيئة تحرير الشام، 70 دولار معدل المرتب الشهري للعنصر.
- الموارد الاساسية لتحرير الشام، والدور التركي فيها.
- 20 دولارا معدل مرتبات الجبهة الوطنية للتحرير، وتركيا تستمر بتشطيب الأعداد.
- المشاريع الانتاجية حكر للهيئة، ومصير مظلم ينتظر الوطنية للتحرير بدون مشاريع.
- خلاصة
تمهيد تعتبر محافظة إدلب الواقعة تحت سيطرة قوات المعارضة السورية، وهيئة تحرير الشام على وجه الخصوص في هذه الأيام محورا رئيسيا للأحداث الجارية في سوريا، حيث تجري معارك عنيفة جدا في المنطقة بين قوات النظام المدعومة من روسيا من جهة، وفصائل معارضة على رأسها هيئة تحرير الشام من جهة أخرى. وتتذرع روسيا لتبرير أعمالها العسكرية في إدلب بوجود هيئة تحرير الشام فيها، والتي تعتبر امتدادا لتنظيم جبهة النصرة، والمصنف ارهابيا على المستوى الدولي. بينما تقف تركيا عاجزة أمام ايجاد مخرج للمحافظة التي تعتبر استراتيجية جدا بالنسبة للأتراك كما يصف العديد من المهتمين بالشأن السوري، اذ لم تتمكن تركيا حتى اليوم كونها ضامناً في اتفاق استانا من الوقوف عند مسؤولياتها بحماية المحافظة، وتجنيب المدنيين ويلات الحرب. العديد من الناشطين الميدانيين في إدلب، والمهتمين بالشأن السوري يرون أن لتركيا دور بارز في وصول إدلب لما هي عليه اليوم من معارك طاحنة ومجازر بحق المدنيين. بالطبع فإن تركيا لم تشارك النظام السوري في عمليات القصف الجوي أو المدفعي الذي يطال القرى يومياً لكن مقاتلين قدامى في الجيش الحر كأمثال أبو جميل الذي يقطن اليوم في أحد المخيمات نازحاً يرون أن الدور التركي كان في إيجاد وتقوية الذريعة الروسية ( تحرير الشام) من خلال دعمها، وإضعاف نفوذ الجيش الحر في إدلب. أبو جميل يقول: “القوتان الرئيسيتان في محافظة إدلب اليوم هما هيئة تحرير الشام، و الجبهة الوطنية وهي تحالف يضم ما تبقى من الجيش الحر في إدلب، لنجري مقارنة من حيث القوة بين الطرفين اقتصاديا، وعسكريا؛ سنكتشف بالتأكيد ماهية الدور التركي الحقيقة”.
قانون العمل في هيئة تحرير الشام، 70 دولار معدل المرتب الشهري للعنصر
مؤخرا وبحسب مصدر خاص من داخل هيئة تحرير الشام فإن الهيئة قامت بسن “قانون العمل”، وهذا القانون بحسب المصدر هو قانون تنظيمي يحدد المخصصات المالية ومرتبات العناصر والقياديين حسب التحصيل العلمي، والخبرات، وطبيعة العمل. بحسب القانون الجديد الذي تم إصداره بداية هذا العام فإن المعدل الوسطي لما يتقاضاه عنصر من تحرير الشام قد يصل ل 70 دولاراً أي ما يعادل 40 ألف ليرة سورية، وقد صنف القانون الجديد العناصر والمقاتلين في تحرير الشام وفق مجموعة فئات قمنا وبحسب ما حصلنا عليه بتصنيفها كالتالي:
قطاع الشهداء
يصل عدد القتلى في هيئة تحرير الشام، وفق احصاءات داخلية اطلعنا عليها إلى 9 آلاف قتيل يوزع عليهم ما قدره 700 ألف دولار شهريا بمعدل 75 دولاراً للأسرة الواحدة، ويختلف هذا الرقم من أسرة لأخرى، وذلك حسب عدد الأطفال إذ يكون المرتب الشهري المقطوع 50 دولاراً للعائلة الواحدة، ويضاف إليه 10 دولارات لكل طفل، ويشمل هذا الرقم أسر القتلى من محافظة إدلب، والأسر القادمة من مناطق التهجير القسري، وأهمها حلب المدينة، وريف دمشق، وغيرها. (س.خ) زوجة أحد القتلى من تحرير الشام، والتي كانت تقيم سابقاً في مدينة حلب أكدت بالفعل تلك الأرقام، وقالت: “كنت أعاني بالفعل من موضوع الضائقة المادية، لكن بعد أن صدر القرار الأخير نشعر بالاستقرار نوعا ما، 70 دولار كمبلغ مالي شهري نستلمه من مسؤول الشهداء في منطقة اقامتنا أنا وأطفالي الاثنين يجعل أمورنا المادية، ومعيشتنا أفضل من قبل”. وتضيف (س.خ): ” قبل إصدار قانون العمل كان يتبع في الهيئة نظام المنحات، وهو نظام سمته التقشف إذ كنا لا نتقاضى أي أموال طيلة أربع أو خمسة أشهر، اليوم يبدوا أن الوضع المالي للجماعة جيد، وهو ما دفعها لاعتماد مثل هذه الإجراءات”.
قطاع الجيوش
الجيوش (المركزية سابقاً) هي القوة الضاربة لهيئة تحرير الشام في كل عملياتها العسكرية، والأمنية، وبحسب ما رشح على إعلام الهيئة في الفترة الماضية فإن الجيوش (جيش ابو بكر، جيش عمر، جيش عثمان، جيش علي ، العصائب الحمراء) قد تشكلت في أواخر العام المنصرم وتتخصص كل فئة منهم بنوع من أنواع القتال، وعلى سبيل المثال لا الحصر فإن جيش علي متخصص بقتال “الخوارج” داعش، وأما العصائب الحمراء مثلا فمهمتها تنفيذ عمليات خلف خطوط العدو، وذلك بحسب ما تنشر معرفات تحرير الشام عن عملياتهم. أبو الفتح وهو إسم مستعار لأحد المتطلعين على ملف قانون العمل في الهيئة أخبرنا أن “الجماعة” خصصت المرتب الأعلى لعناصر الجيوش حيث يحصل العنصر الواحد 100على دولار شهريا مقابل أن يلتزم بمهامه القتالية، والميدانية مدة 20 يوما متواصلا خلال شهر واحد، وبسبب طول مدة العمل فإنه يجب أن يكون المنضمون لأي فئة من فئات الجيوش أعزباً وفق ما قال أبو الفتح. ويصل عدد المقاتلين في هذه التشكيلات الأكثر قوة في تحرير الشام حوالي 6 إلى 7 آلاف مقاتل بناء على تقديرات غير رسمية، أي أن حوالي 700 ألف دولار أخرى تصرفها تحرير الشام شهرياً كمرتبات لعناصر جيوشها.
القطاع الخدمي، وحكومة الإنقاذ
لا توجد تقديرات رسمية بخصوص عدد العاملين في هذا القطاع الذي تطور مع تشكيل حكومة الإنقاذ، واتساع سيطرتها مؤخراً إلا أن المؤكد كما يقول من تواصلنا بهم من العاملين في هذا المجال أن المنحة الشهرية لأي عامل خدمي مهما كان اختصاصه يصل إلى 50 ألف سوري للجامعي و 25 ألف لمن يحمل الثانوية العامة و 15 ألفا لمن حصل على شهادة التعليم الأساسي وما دونها، ويضاف 10 ألف ليرة عن كل زوجة وألفان عن كل طفل. أبو محمد سعيد أحد العاملين في الإنقاذ أخبرنا أنه يعمل في مجال الأفران، و المطاحن، ويحصل على 40 ألف سوري شهريا، حيث أنه يحمل شهادة معهد متوسط وهو متزوج ولديه ولدان فقط، وهذا يؤكد ما نص عليه قانون العمل. قطاع المرابطين أو ما يعرف بسرايا الدفاع: يقول أبو الفتح عن هذا القطاع: “هو الأضخم في “الجماعة” ويضم حوالي عشرة آلاف مقاتل، ويمثل هذا القطاع جميع المرابطين و العاملين في التدشيم، والتحصين، والمدفعية، وغيرها، ويمثل سواد هذا القطاع المنتسبون الجدد للهيئة أو الخاضعون لدورات قصيرة”. ويضيف أبو الفتح: “بما أن عدد أيام رباط المقاتلين في سرايا الدفاع لا يتجاوز الأسبوع شهرياً فإن قانون العمل جعل ما يتقاضونه الأقل بين التصنيفات السابقة، اذ يحصل العنصر الأعزب على 20 ألفا، والمتزوج على 40، ويضاف اليها سلة غذائية شهرية بقيمة 5 آلاف، وهي حكر على أصحاب العوائل طبعا”.
الموارد الأساسية لتحرير الشام، والدور التركي فيها بالنظر إلى المعطيات السابقة التي وردتنا فإن تحرير الشام وفق القانون الجديد قد تضع تكاليفا تصل إلى 2 مليون دولارا شهريا فقط كمنح المنضوين تحت جناح الهيئة ناهيك عن مصاريف أخرى أضخم بكثير كالعبء الحربي، والعسكري، ومستلزمات السيارات، والوقود، وغيرها، وهذا يدفعنا الى البحث في موارد الهيئة الحالية.
التجارة الخارجية والتهريب
يصنف مصعب و هو ناشط من محافظة ادلب الموارد الخارجية للهيئة إلى شطرين الأول متعلق بالتجارة مع تركيا و الآخر بالتجارة مع النظام. الشطر متعلق بتركيا ويشمل عائدات معبر باب الهوى من جهة وعائدات التهريب من جهة أخرى. ويرى مصعب ان تركيا سهلت النشاط التجاري عبر باب الهوى في فترة سيطرة تحرير الشام أكثر بكثير مما كان عليه الحال إبان حكمه من قبل أحرار الشام التابعة للجبهة الوطنية حاليا. مصعب لا يعلم حجم الرسوم التي تتقاضاها الهيئة من معبر باب الهوى لكنه يؤكد ان تلك الرسوم تصل لملايين الدولارات شهريا حيث يتدفق اطنان من المواد الصناعية، والغذائية، والمحروقات عبر هذا المعبر، وكل تلك المواد تدخل بتسهيل تركي، وتفرض عليها الهيئة الضرائب. ويضيف مصعب “لننظر فقط في مجال الوقود المستورد، ونعمم الأمر على باقي المجالات، هيئة تحرير الشام ابتدعت شركة حصرية باسم وتد لاحتكار فوائد بيع المحروقات، وتركيا سهلت التعامل مع وتد، ولاتزال تضخ لها كميات وفيرة منها، في نظري هذا يندرج تحت إطار الدعم غير المباشر”. وأما عن عائدات التهريب فلا يستهان بها مطلقا كما وصف رامي، وهو أحد العاملين في مجال التهريب على الحدود السورية التركية حيث قال رامي إن هيئة تحرير الشام أقدمت على افتتاح مكاتب متخصصة بتهريب الأشخاص فيفرض على أي شخص يحاول عبور الحدود أن يدفع عمولة قدرها 50 دولارا حتى يسمح له بالخروج الى تركيا من قبل تحرير الشام. وأضاف رامي “إن كل عمليات التهريب التي تدر أموالا طائلة تجري عبر الحدود و أمام أعين الاتراك وهذا يعتبر دعما، وغض طرف تركي عن مورد مهم لتحرير الشام في إدلب”. وأكد رامي أن الهيئة لم تكتف برسم الـ 50 دولار، وراحت تشارك المهربين في عملهم مقابل توفير حماية أكبر لهم، حيث يعمل عدد كبير من المهربين اليوم بتبعية كاملة للهيئة. ويتابع رامي: “التهريب لا يقتصر فقط على الأشخاص، ويشمل أنواع عديدة من البضائع كالسكر، والتبغ وحتى الآثار، التي تعتبر صفقاتها الأضخم، والتي تتم في بعض الأحيان بتنسيق مباشر بين تركيا وتحرير الشام”. الشطر المتعلق بالنظام في التجارة أيضا مهم في الواردات المالية لتحرير الشام حيث تسيطر الهيئة على عدة معابر مشتركة مع قوات النظام، وتصدر إليه العديد من المواد بكافة أنواعها، وأهمها الطوناج وحجارة البناء وبعض الماشية. وعن الدور التركي في هذا النوع من التجارة قال الناشط مصعب “تركيا جعلت من تحرير الشام معبرا لمرور الكثير من البضائع كترانزيت عبر ادلب بشكل غير رسمي، لربما أن الكميات العابرة من تركيا إلى إدلب، ومن ثم مناطق النظام قليلة في الوقت الحالي، ولكنها في تزايد مستمر، وكل تلك البضائع تجلب لتحرير الشام أموالا إضافية”. ويتابع مصعب متحدثاً عن آلية عبور البضائع من تركيا إلى النظام بواسطة تحرير الشام قائلا: “هنالك شبكة من التجار كل في اختصاصه مرتبطون بتحرير الشام، يقومون بشراء المواد من تركيا، وإدخالها إلى إدلب، لتتولى شبكة أخرى تصدير المواد إلى مناطق النظام، لتحصد الهيئة بالنهاية أرباحا جيدة”.
التجارة الداخلية، الرسوم والضرائب
يوضح أبو محمد أحد سكان إدلب، وأحد اصحاب محلات الجملة التجارية العمليات التجارية الكبرى، وحتى المتوسطة باتت بيد تحرير الشام تماما، ويضيف إن ذلك أمر مفروغ منه إذ إن التجارة الخارجية الأهم مع تركيا بيدهم ، فمن الطبيعي أن تكون عمليات البيع والشراء بيدهم ايضا، فهم يمتلكون الحق الحصري ببيع السكر، والمحروقات وحتى الموز أصبح حصريا بيد تجارهم. الناشط مصعب يقول “بينما يباع كيلو الموز الواحد في عفرين بـ 200 ليرة سورية، في إدلب لن تشتريه بأقل من 500 ليرة سورية فارق السعر الهائل هذا بين منطقتين متجاورتين يعود لاحتكار استيراد الموز، وتوزيعه على الاسواق في المحرر من قبل تحرير الشام، وبالطبع كل تلك الأرباح الضخمة ستكون بالنهاية في خزينة الهيئة”. أبو جميل المقاتل السابق في الجيش الحر يرى أن كمية الأموال الأكبر التي تكسبها تحرير الشام من إدلب تعود للضرائب و الرسوم المفروضة على كل شيء. يضيف أبو جميل: “بقي الهواء فقط كي ندفع ضريبته، نحن ندفع ضريبة الماء والكهرباء، و النظافة، وإن اعتبرنا أن تلك الضرائب بدل خدمات لكن ماذا عن أصحاب المحلات والبقاليات والسيارات و الصيدليات؟، ماذا تقدم لهم الهيئة حتى تفرض عليهم رسوما ضخمة كرسم السيارة 100 دولار سنويا؟” الناشط مصعب أضاف بخصوص الضرائب “تفرض تحرير الشام على كل شاب متزوج مبلغ 500 ليرة سوري شهريا، مهما كان وضعه الصحي أو الاجتماعي أو المالي، وتستلم الهيئة هذه المبالغ تحت مسمى رسوم نظافة، الجميع يعلم أن قطاع النظافة، وجمع القمامة في إدلب مخدم من عشرات الجمعيات، ومنظمات المجتمع المدني، الحقيقة هذا الرسم الشهري أيضا يذهب إلى خزائنهم المتخمة بأموال الضرائب و المكوس”.
20 دولاراً معدل مرتبات الجبهة الوطنية للتحرير، وتركيا تستمر بتشطيب الأعداد
ويتابع مصعب “وفي مقابل كل تلك الواردات الضخمة لهيئة تحرير الشام الممثل الأبرز للتنظيمات الإسلامية في إدلب، فإن المكون الأبرز للجيش الحر في المحافظة (الجبهة الوطنية للتحرير) يتابع مسيرة القتال بدون أي مقومات تذكر مقارنة بالهيئة، فالجبهة الوطنية للتحرير، وكنتيجة لبعض السياسات التركية التي امتدت عبر السنوات الثلاث الماضية أضحت تعتمد وبشكل مطلق على واردات الدعم التركي الشحيحة جدا”. ويتحدث أبو جميل عن السياسات التركية بخصوص الجيش الحر عموما فيقول:” من وجهة نظري الخاصة تركيا لم تكن داعمة للجيش الحر، لقد عملت في الجيش الحر منذ تشكيله وحتى تمكنت تحرير الشام من اضعافه، وأرى أن تركيا هي من تسببت في ذلك”. ويؤكد أبو جميل أن تركيا ساهمت في اضعاف الجيش الحر منذ بداية عهده لصالح تنظيمات أكثر تشددا و ضرب على ذلك مثلا مهاجمة تحرير الشام لفصيل “جبهة ثوار سوريا” والذي كان يتزعمه القائد الشهير جمال معروف، ويرى أبو جميل أن تواصلا استخباراتيا تركيا كان يجري مع قيادات تحرير الشام بهدف الإطاحة بأكبر تجمع للجيش الحر، وذلك بهدف تقويض دور الجيش الحر، والذي كان يلقى دعما عربيا وغربيا. الناشط مصعب يعتقد أن تركيا حاولت ضرب النفوذ الغربي، والعربي في المنطقة، عبر التواصل مع تحرير الشام التي أنهت فصائل مثل جبهة ثوار سوريا، وحزم واللواء السابع وجيش المجاهدين، وعشرات الفصائل الأخرى، ويؤكد مصعب أن العلاقة التركية بهيئة تحرير الشام لاتزال توصف بالجيدة جداً حتى الآن، ويرى مصعب أن تركيا بعد أن تخلصت من العديد من فصائل الجيش الحر عبر أداة تحرير الشام تمكنت تماما من السيطرة على الجزء الذي تبقى منها و بدئت بتقديم دعم قليل جدا بحيث تبقى فصائل الحر موجودة فقط اسمياً دون أي فاعلية على الأرض، وذلك للمحافظة على القوة بيد تحرير الشام التي باتت أداة لتحقيق الغايات التركية في المنطقة. حول الدعم المقدم من تركيا إلى الجبهة الوطنية تواصلنا مع عبد الله إداري إحدى المجموعات في الجبهة الوطنية، والذي اكد أن كل فصائل الجبهة الوطنية لا تمتلك أي موارد خاصة، وهي تعتمد بشكل مباشر ورئيسي على ما تقدمه تركيا من مساعدات مالية، وعسكرية. وأضاف عبد الله: “تقدم تركيا مبلغ 500 ليرة تركية كل فترة 40 يوما عن كل مقاتل مسجل، ومعتمد وفق الاسم، والصورة لديها، وهذه المخصصات تشمل منحة العنصر، ومصروف الآليات والإطعام والصحة والمحروقات والتذخير، بالتأكيد فإن تلك المصاريف ضخمة جدا، وما يقدم من تركيا لا يكفي مطلقا لكن ما باليد حيلة، سياسة التقطير هذه مستمرة منذ أكثر من سنة ونصف و العناصر لم تحصل على أكثر من عشرين دولارا كمرتب شهري منذ أكثر من سنة”. عبد الله أيضا قال: “إن الموضوع لم يقف عند هذا الحد، وإنما تقوم تركيا باستمرار بعمل جرد لعناصر الجبهة الوطنية موثق بالصورة، والاسم، ويعمد الأتراك في كل جرد إلى تشطيب، وحذف أعداد من فصائل الجبهة الوطنية، وبسب ذلك فإن فصيلا يبلغ تعداده حوالي 3500 مقاتلا على الأرض يتلقى دعما 2000 مقاتل فقط وهذا ما يزيد من حدة الضائقة التي تقع فيها الفصائل”. وعن التعداد المعتمد من قبل تركيا للجبهة الوطنية أطلعنا من مصدر في الجبهة على الجرد الخاص والذي أجرته تركيا حتى تاريخ 1/4/2019، وبحسب الجرد فإن عدد عناصر الجبهة الوطنية يصل إلى 69711 مقاتلا من بينهم حوالي 470 ضابطا، ويتوزع المقاتلون على خمس عشر فصيلا، أكبرها فيلق الشام ب 26 ألف مقاتلا، و أقلها ثوار الشام ب 1400 مقاتلا. ويرى العديد من العاملين ضمن تلك الفصائل أن تركيا غير منصفة من حيث الأعداد، وتعمل باستمرار على تخفيضها في نفس الوقت الذي تعمل فيه تحرير الشام على زيادة اعدادها، وهذا ما ينعكس سلبا على نفوذ الفصائل المعتدلة في المنطقة ككل. مؤخرا، وبحسب ما رصدنا فإن تركيا، وضمن سياستها بتضييق الخناق على الجيش الحر أقدمت على انهاء عمل فصيل جيش إدلب الحر، وتعليق دعمه بشكل كامل، ووفق ما تداول مطلعون فإن تركيا قامت بهذا الإجراء كنوع من التحجيم على الفصائل المدعومة من قبلها ، اذ يعتقد ان يتوجه مقاتلو جيش إدلب إلى تحرير الشام في حال استمرار توقف دعمهم، أو من الممكن أن تستغل تحرير الشام ضعف امكانياتهم، و تنقض عليهم لتسيطر على أسلحة جيش دلب كما فعلت مع سابقيه من الفصائل.
المشاريع الانتاجية حكر للهيئة، ومصير مظلم ينتظر الوطنية للتحرير بدون مشاريع.
في حال توقف دعم أي فصيل مثلما حدث مع جيش إدلب الحر فإن نهايته ستكون الزوال بالتأكيد هكذا قال الناشط مصعب، وأضاف إذ لا تمتلك تلك الفصائل أي مشاريع انتاجية مطلقا، و أي فصيل يفكر بعمل مثل هذه المشاريع معرض للهجوم من قبل تحرير الشام، كما ان تركيا لا تشجع الفصائل التابعة لها بالبحث عن مصادر تمويل ذاتية و تحاول التضييق على الفصائل التي تسعى وراء اقامة مشاريع انتاجية خاصة، وهذه سياسة الأتراك بالسيطرة على إرادة فصائل الجيش الحر والتحكم بها. يتابع مصعب “فصيل الزنكي هو آخر الفصائل التي كانت تمتلك مشاريع إنتاجية في حلب كبعض المعامل، وإدارة بعض الأسواق أيضا، لكن تم اتهامه بالتعامل مع قوات قسد في عفرين، ومن اتهم بالفساد، وهاجمته تحرير الشام خلال عدة جولات حتى تمكنت من الإطاحة به تماما، وسيطرت على سلاحه، ومقراته بالإضافة لعدة معامل، ومؤسسات صغيرة كانت تعمل تحت إشرافه، وبهذا أصبحت تحرير الشام المسيطر الوحيد على كل المشاريع التي تدر الأموال في إدلب”. عبد الله الإداري في فصائل الجيش الحر يعتقد أن أسبابا عدة تمنع فصائل الجيش الحر من تمويل نفسها ذاتيا، إذ إن مجموعات الجيش الحر في إدلب لا تمتلك رأس مال كاف لإقامة أي مشروع صغير أو كبير، كما أن الممول الوحيد لها هي تركيا التي لا تدفع ما يكفي لاستمرارها حتى عسكريا. ويضيف عبد الله ” تحرير الشام باتت تسيطر على كامل المعامل، والمؤسسات العامة، وهذا أيضا يمنع الجيش الحر من الاستفادة منها في موارد اضافية، بالنهاية فإن هنالك جهات ما عملت على توجيه الجيش الحر للابتعاد عن الحياة المدنية، والاقتصادية بهدف جعله ضعيفا في المنطقة، كنا نأمل أن نحقق اكتفاء ذاتيا، لكن يبدو أن هذا الامر مستحيل في الوقت الحالي، سنواجه مصيرا مظلما في حال قطعت تركيا دعمها عن الجبهة الوطنية لأي سبب كان”.
خلاصة:
ينتشر في إدلب اليوم تيارين من المقاتلين بشكل رئيسي ،فينضوي القسم الأول في صفوف تحرير الشام، بينما يمثل التيار الثاني بقايا فصائل الجيش الحر التي كانت تفرض سيطرة مطلقة على المنطقة قبل عدة سنوات، وفي الوقت الذي اصدرت فيه تحرير الشام قانون العمل الذي يخصص مبالغ جيدة لعناصرها و المرتبطين بها ، تعاني فصائل الجبهة الوطنية من ضائقة مالية كبيرة اذ لا يحصل مقاتلوها على أكثر من 20 دولار شهريا. وتعتمد تحرير الشام في مواردها بشكل رئيسي على التجارة المفتوحة مع تركيا، والنظام السوري فضلا عن فرض الضرائب، والرسوم، وتشييد مشاريع صناعية، وتجارية من أجل الاستفادة من مردودها الجيد، وفي نفس الوقت تحاول تحرير الشام منع فصائل الجيش الحر من تفعيل مشاريع مماثلة، بينما تعمل تركيا جاهدة على ارسال ما يبقي تلك الفصائل على قيد الحياة كمسميات بأجسام هزيلة. ويرى ناشطون وحتى قسم من العاملين في صفوف الجيش الحر في إدلب أن سياسات تركيا الاقتصادية وازدواجية التعامل فيما يتعلق بالجيش الحر وتحرير الشام هي من أوصلت الحال لما هو عليه، فالدعم غير المباشر عبر تسهيل التجارة، وافتتاح المعابر، ومنح الوكالات الحصرية من قبل الاترك للتجار التابعين لتحرير الشام، يقابله دعم مالي شحيح جدا مع حرص على عدم تحقيق الاكتفاء الذاتي في فصائل الجيش الحر، وهذه الازدواجية هي السبب الرئيسي في قوة تحرير الشام، وهيمنته، وضعف الجيش الحر وانحساره، فإلى أي مدى يمكن أن تستمر تركيا في خنق من تدعي دعمهم لصالح من تدعي قتالهم؟؟
مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي ;مينا;
حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي©.