“ارحل يعني ارحل” صدحت بها ملايين الحناجر الجزائرية، في رفض علني صريح واضح لتجديد ولاية حكم جديدة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، ليصاب النظام الجزائري آنذاك بالشلل بسبب قوة الحركة الجماهيرية التي خرجت في جميع أنحاء البلاد، من الجزائر العاصمة إلى قسنطينة ومن وهران إلى تمنراست في أقصى الجنوب، للمطالبة باستقالة بوتفليقة وإنهاء الفساد والمحسوبية.
رفع المتظاهرون شعارات مثل “لا للتمديد فترة ولاية الرئيس الخامسة”، “القرار للشعب”، “ارحل يعني ارحل”، “نعم لحكم القانون على أساس الشرعية”، “عدم احترام الدستور جريمة “، “لا بدوي ولا سعيد ولا تمديد!”، وفي تمنراست كانت هناك لافتة كبيرة في الشارع كتب عليها: “لا واشنطن، لا باريس، نحن نعين الرئيس”، وتسبب الإصرار الجماهيري على التحرر من كل أشكال التبعية إلى عزل الرئيس “بوتفليقة” في شباط الماضي، والذي يراه محللون واجهة لحكم فرنسي.
ليخرج بعد كل ذلك السفير الجزائري في سورية “صالح بوشه” بعقلية النظام البائد ويقول “عندما يحصل اي تعد على سوريا لن نكون إلاّ بجانبها”.
فقد أكد السفير الجزائري في سورية “صالح بوشه” وخلال لقاء أجراه مع صحيفة الوطن السورية شبه الرسمية، حرص بلاده على أن تكون العلاقات الجزائرية السورية جيدة وتتطور قدر المستطاع بما يفيد الشعبين الشقيقين.
كما أشار إلى حرص الجزائر على التواجد في معرض دمشق الدولي بدورته الـ61، التي تأتي بعد انطلاق عملية إعادة الإعمار، واستعادة الاقتصاد السوري عافيته، حيث أبلغت الجزائر الجهات السورية المعنية أنها ستشارك في هذه الدورة من المعرض، وخاصة أن سورية تشارك بشكل دوري ونظامي في معرض الجزائر الدولي.
وقال السفير الجزائري الذي عُين في زمن المعزول “بوتفليقة”: “إنه عندما يحصل تعدٍ أو خطر داهم على وحدة سورية وشعبها وأرضها لن تكون الجزائر إلا بجانب سورية”.
لكنه وبخصوص ما يجري في الجزائر اليوم، اعتبر السفير الجزائري أن الأمر شأن داخلي يهم الجزائريين بنسبة مئة بالمئة، وهناك رغبة عند الشعب الجزائري ومؤسساته بالتغيير نحو الأحسن، “نعيش في الأشهر الأخيرة لهذه المرحلة، مرحلة التغيير والتي تمر وفقاً لرغبة الجزائريين والدستور الجزائري ومؤسسات الجزائر، ونسعى للذهاب نحو انتخابات رئاسية نزيهة وشفافة يكون للشعب الجزائري اختياره فيها، وتتيح الاستمرار في بناء الجزائر”.
وختم السفير الجزائري حديثه بالقول: “نحن عانينا الأزمة في التسعينيات والشعب الجزائري بكل فئاته لديه الرغبة الآن في الانتقال إلى الأحسن، لكن بوسائل سلمية وحضارية وعنوانها الكبير هو الحوار بين كل مكونات الشعب الجزائري الذي لديه القدرة على تجاوز هذه المرحلة وهذه الصعاب نحو الأحسن”.
لكن المسؤول الرسمي، لم يعرف على ما يبدو أن شباب التغير في بلاده قد نادت أيضاً بتغير اللغة الأجنبية في البلاد من الفرنسية المرتبطة بالاحتلال إلى الانكليزية، ليس طلباً للرقي التعليمي فحسب بل سعياً منهم للتحرر من كل ما هو مرتبط بفترة آلمت جميع الجزائرين، وقدمت لأجلها الجزائر مليون شهيد.
كما أن السفير، لم يعرف أن التحرر الجزائري وصل إلى مفاصل هامة بالدولة، وبدأ يطارد الفساد الذي أرساه وأسس له المعزول “بوتفليقة” حيث قالت مصادر قضائية جزائرية، أمس الثلاثاء 30 تموز، أن وزيرة الثقافة السابقة هربت من البلاد بإتجاه فرنسا عقب ملاحقتها بقضية فساد، تتعلق بما يعرف بالخيمة العملاقة.
فرياح التغير الجزائرية التي سعت الدولة العميقة حجبها عن الشعب الجزائري طالت بكل ما هو ممنوع، ولم يعرف بها السفير المعزول في دمشق، لربما تطاله هو الآخر يوماً ما.
مرصد الشرق الأوسط وشمال افريقيا الإعلامي