تضج وسائل التواصل الاجتماعي، ومعها قلوب السوريين بسياسة التضييق الغير مسبوقة التي تنفذها الحكومة التركية تجاه اللاجئين السوريين على أراضيها من ترحيل وقذف نحو الشمال السوري بشكل قسري رغم امتلاكهم لحق الحماية المؤقتة على أراضيها “الكملك”.
السياسة الأخيرة للحزب الحاكم في تركيا، تعاظم التضييق على السوريين، منتهكة القانون الدولي الذي يتضمن سلامة اللاجئ حتى لو ارتكب مخالفات غير جنائية، إلا أن أنقرة تضرب عرض الحائط بالقرارات الدولية وكذلك الأخلاقية التي لطالما كانت تتتغى بها طيلة السنوات الماضية.
“عمرو دعبول”، ناشط في الثورة السورية، ومهجر في تركيا، يمتلك أوراق الإقامة القانونية الخاصة باللاجئ “كملك”، ولكن تلك الثبوتيات لم تصفح عنه أمام همجية رجال الأمن التركي، الذي لم يتركوا وفق شهادته أي شكل من أشكال الترويع والإهانة إلا ومارسوها بحقه وبحق العشرات من ابناء سورية.
ونشر الشاب العشريني على حسابه في مواقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” رسالة ضمت شهادة مروعة ولقيت تفاعلاً وواسعا بين السوريين.
نص الرسالة
“أنا عمرو دعبول مواطن سوري أحمل بطاقة الحماية المؤقتة (كمليلك) صادرة عن ولاية غازي عنتاب”
سُجنت في سجن أيدن Aydin لمدة ٥ أيام بسبب محاولتي الهجرة بحراً إلى اليونان … علماً أنه كان معنا في القارب أشخاص من الجنسية السودانية والصومالية والأفغانية وجنسيات أخرى وألقي عليهم القبض معنا ولكن أطلق سراحهم جمعياً في اليوم التالي عدا السوريين بقينا في السجن.
عند التحقيق معي في سجن أيدن أبرزت كافة أوراقي الثبوتية … وعند انتهاء الأسئلة التي كانت توجه إلي من قبل المحقق … طلب المحقق مني أن أقترب إلى طاولته .. عندما أقتربت كانت مجموعة من الأوراق أمامه مغطاة بأوراق أخرى بيضاء فارغة لكي لا أستطيع قرأة ماهو مكتوب في الأوراق المغطاة.
قال المحقق: أبصم هنا( كان مغطي كامل الورقة بالورق الأبيض يوجد مكان فقط لأصبعي)
فسألته: على ماذا سأبصم؟
المحقق: مجموعة من الأوراق الروتينية التي سنرسلها لأنقرة لأخلاء سبيلك
أجبته : هذه أوراق ترحيل وأنا أعرف هذا.
صرخ المحقق مقسماً بالله: أنه ليس هناك ترحيل .. وبما أنني من حملة بطاقة الحماية المؤقتة فمن المستحيل ترحيلي خاصة أنها المرة الأولى التي أحاول في الهجرة بحراً.
قلت له: سأقرأ ثم أبصم.
هنا تغير وجه المحقق وبدى عليه الغضب الشديد وصرخ قائلا: عد إلى غرفتك داخل السجن وبعد أن تقبل بأن تبصم تعال (طبعا هناك أشخاص داخل السجن من ٤ شهور ترفض أن تبصم)
هنا أستسلمت لخيار الترحيل على خيار بقائي بالسجن وبصمت.
تم ترحيلي إلى معبر باب السلامة يوم الثلاثاء 16/7/2019 مع مجموعة تضم ٤٠ سوري من مختلف المحافظات السورية.
أثناء رحلة الترحيل من أيدن إلى معبر باب السلامة طلبنا من عناصر الجيش التركي أن يتوقفوا لأننا نريد استخدام الحمامات … توقف الباص بعد أربع ساعات من طلبنا وطلبوا منا النزول بمجموعات لقضاء حاجتنا … وقفنا قرابة عشرة شبان على حائط في محطة وقود مهجورة وأخبرونا بأن نقضي حاجتنا في هذا المكان لأنه لا يوجد تواليت … بعد أنتهائنا بدأنا بالعودة إلى الحافلة وإذ بعنصر من الجيش التركي يصورنا بكميرة موبايله بهذا الوضع المهين … صرخ بنا بأصوات يستخدمها الراعي عندما يقود الأغنام (تررررر يالله … تررررر) … توقفت أمام العسكري ونظرت إليه نظرة حقد فأتى عسكري آخر من خلفي وبدأ بضربي وقام بسحبي إلى الحافلة.
من بين المرحلين شاب سوري ديانته مسيحية (د.ي) موجود في إدلب حالياً ولا يستخدم أسمه الصريح… ناشدهم كثيراً بعدم الترحيل خوفاً على حياته وأنه ليس له أية أقارب في سوريا … وأنه لديه ملف مسجل لدى الأمم المتحدة بأنه مسيحي.
ومن بينهم أيضا طفل آخر بعمر ١٢ عام بقي في السجن لمدة ١٤ يوماً ومن ثم رحلوه معنا ( طبعا السجن يحتوي على ٢٠٠ رجل موقوفين بمختلف الجرائم وبينهم هذا الطفل وحيدا) الطفل كان ينام في غرفة مع ٧ رجال غرباء (٣ أفغان؛٢ أفارقة؛ ٢ سوريين).
في الحافلة كان هناك رجال مرضى (سكري؛ ضغط؛ كلى وغيرها) كان لهم أحتياجات خاصة مثل شرب الماء باستمرار أو حبوب دوائية نفذت منهم … كانوا يطلبون من عناصر الجيش التركي مساعدتهم … وكانوا يقابلون بالصراخ والشتم وأحيانا الضرب
داخل السجن أتصلت بمنظمة Asam وشرحلت لهم كافة التفاصيل والأنتهاكات وأخبروني أنهم سيرسلون محامي لنا يوم الثلاثاء 16/7 وطلبوا أن يتحدثوا مع كل سجين على حدى … أخبرتهم أننا سنرحل بهذا التاريخ أو قبل … أعتذروا عن استطاعتهم القيام بأي شيء أخر.
طلبت من كل السوريين الموجودين في السجن الحضور إلى الهاتف (الكولابا) وأخبرتهم أن يتكلموا مع موظفة Asam ويسجلوا بياناتهم والكل فعل ذلك (طبعاً كنا ممنوعين عن هواتفنا)
البارحة حاولت الدخول إلى تركيا من إحدى النقاط الحدودية مع مجموعة شبان سوريين ولكن تم الإمساك بنا وضربنا ومن ثم إعادتنا إلى سوريا مرة أخرى“.
مرصد الشرق الأوسط وشمال افريقيا الإعلامي