زاوية مينا
من الصعب الربط ما بين لبنان و “شفاء أسماء الأسد” حاكمة القصر وسرير الزوج في سوريا، وبالنتيجة “الظل”، أما هذا الربط فقد ساقه بما لايبدو مفهوماً مقال لجان عزيز المقرّب فيما مضى من الجنرال ميشال عون، والمنسحب من الجنرال ما بعد أن غدا الجنرال رئيساً.
يبدأ عزيز بالقول :”حتى أميركيّاً الكلّ يعرف أنّ اتصالاتٍ مباشرة حصلت، وأنّ طروحات متقدّمة جداً قد تمّ تبادلها، وإن توقّفت عند عقدة المواطن الأميركي أوستن تايس، الذي يعتقله النظام السوري. المهم أنّ مبدأ التواصل والتفاوض قد أُقرّ. الباقي تفاصيل متعلّقة بحسابات سياسية “بلديّة” لدى حكّام البلدين، لجهة التوقيت و”مومنتوم” الخطوة ومكاسبها القصوى وسلبيّاتها الدنيا وسوى ذلك من جزئيّات.
المهمّ فيما يراه جان عزيز أنّ “سوريا تغيّرت، ودائماً بحسب العصف الفكري الأوروبي الأميركي المشار إليه. وسيتأكّد أكثر هذا التغيير، لا بل حتى الانقلاب، حين يتمّ الإعلان عن شفاء “السيّدة الأولى” من دائها الأخير. بحيث تتكامل الخطوات بين وقائع الأرض ودعوات السماء، للسيّدة أسماء!”.
حتماً ثمة غرابة في مثل هذا الاستخلاص، والأغرب أن لم يسع عزيز للبرهنة على استخلاصه متكئاً على “نباهة قارئه”، سوى أنه يستدير إلى توقيت آخر، إنه توقيت “قيس فرّاج”، السوري، الإسلاموي، المعادي والمناوئ لنظام الأسد، وكان الرجل قد اطلق النار على السفارة الامريكية ليصيب الصمت اللبناني دون أن تهتز مع رصاصاته أسوار السفارة / الترسانة.
قبل أربعين عاماً ناقصة بضعة أشهر، / والسرد هنا لعزيز / استهدف انفجارٌ انتحاري مبنى السفارة نفسها في عوكر. قيل إنّ جهة إسلامية متطرّفة كانت خلفه.
يومها كان قد مضى عامان ونيّف على انسحاب جيش حافظ الأسد جزئياً من لبنان، تحت وطأة الاجتياح الإسرائيلي في حزيران 1982.
ويومها كانت واشنطن قد تلقّت ضربات “جهادية” متكرّرة، من تفجير سفارتها في عين المريسة في نيسان 1983، إلى تفجير المارينز في تشرين الأوّل من العام نفسه، وصولاً إلى تفجير عوكر.
في تلك الفترة كانت “خلوات بكفيا” التفاوضية منطلقة بين بيروت ودمشق. بعدها تطوّرت الأمور على مسارين اثنين:
مبادرات متنقّلة ومتقلّبة لحلّ لبناني شامل، من “الخلوات” إلى ورقة أبريل غلاسبي إلى بدايات مسوّدات اتفاق الطائف.
مقابل تدهورات عنيفة على الأرض وفي كلّ المناطق، تدحرجت صراعاتٍ داخل كلّ فريق ومنطقة، وحروباً ذاتية تدميرية. حتى تبلورت تدريجياً عودةٌ سوريّةٌ إلى بيروت في شباط 1987، ثمّ سيطرة كاملة على كلّ لبنان في تشرين 1990.
6 سنوات بين الحدثين؟! صحيح. لكنْ من قال إنّ أحداً مستعجلٌ في لبنان الآن، أو في محيطه أو حتى الخارج؟!
ثمّ من قال إنّ الأمور غير قابلة للتسريع والتسارع، بفضل رعونة مسؤولي بيروت وجشع بعضهم ودجل بعض آخر؟!
وصولاً حتى ارتضائهم العودة إلى “الوصاية”، جهلاً منهم وعجزاً عن فهم ميثاق لبنان. هذا الميثاق الذي جوهرُه إدارةُ المترفّعين لشأنه العامّ، لا حكم التافهين الدجّالين لمصالحهم الفردية الصغيرة.
سيروي عزيز عن راو هو ريتشارد مورفي، أما مورفي فقد روى لعزيز ماحدث قبل ثلاثين سنة، يوم اشتغل مورفي على اختبار الجنرال ميشال عون، يوم اشتغل على امتحان الجنرال وقد سأله:
ـ وماذا عن استحقاق الجمهورية بعد أربع سنوات؟
تابع مورفي أن عون قال له: “كل ست سنوات يكون لبنان عل موعد مع رئيس، لكنه قد ينتظر قرناً كاملاً ليكون مع محرر”.
طبعاً وفق عزيز، روى مورفي تلك الواقعة هازئاً. لكنّ عون نفسه، نفى حصولها كليّاً.
سينهي عزيز ما كتب بملاحظة، تتطلب تفكيك رمزيتها:”غداً يسافر قائد الجيش الحالي، العماد جوزف عون إلى واشنطن، بعد ساعاتٍ قليلة على حادثة عوكر، كما على افتتاحه طرقاً عدّة على الحدود الشرقية للبنان. فيما الجيش على خطّ الحدود في الجنوب!”.
بالنتيجة كل سنوات سيكون للبنان رئيساً.
ـ متى تاتي المئة عام ليعثر على :
ـ محرر.