مرصد مينا – هيئة التحرير
تزامناً مع اقتراب موعد الانتخابات الليبية، المقررة نهاية العام الجاري، تتصاعد المواجهات السياسية بين رئيس حكومة الوحدة الوطنية، “عبد الحميد الدبيبة” ورئيس البرلمان، “عقيلة صالح”، لا سيما مع قرار البرلمان سحب الثقة من الحكومة.
يشار إلى ان المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب الليبي “عبد الله بليحق”، كان قد اعلن الثلاثاء، عن سحب الثقة من حكومة الوحدة بأغلبية 89 نائبا من أصل 113 نائبا حضروا الجلسة.
أزمة سياسية.. والحكومة ترفض قرار البرلمان
قرار البرلمان فاقم من حدة المواجهة مع الحكومة، خاصةً وأن “الدبيبة” رفض سحب الثقة وأصر على استكمال مهمته، التي كان من المقرر أن تستمر حتى موعد الانتخابات المقبلة نهاية العام الجاري.
ويرى “الدبيبة” أن حكومته لا يزال لديها مهام يجب ان تقوم بها، في مقدمتها توحيد أجهزة الدولة الليبية سياسياً وعسكرياً، وتمهيد الأوضاع في البلاد لإجراء الانتخابات، التي يعول عليها الليبيون للخروج من الأزمة الحاصلة وترسيخ الأمن والاستقرار بعد سنوات من الحرب.
يشار إلى أن “الدبيبة” سبق له أن اتهم البرلمان الليبي بعرقلة برامج عمل الحكومة التنموية من خلال عرقلة إقرار الموازنة العامة.
المحلل السياسي، “محمد موسى” حذر من إمكانية أن تتطور الخلافات بين “الدبيبة” و”صالح” إلى صدامات في الشارع الليبي، لا سيما مع دعوات “الدبيبة” إلى التظاهر في المدن الليبية رفضاً لقرار البرلمان، لافتاً إلى أن الاستقرار في البلاد بات على بعد خطوات من الانهيار.
كما يلفت “موسى” إلى أن خلافات الحكومة والبرلمان تمثل جانباً من الصراع المستمر على السلطة بين الأطراف الليبية، مشدداً على أن ذلك الصراع يحد من إمكانية إجراء الانتخابات أو الوصول إلى حكومة مستقرة في ليبيا.
ويضيف “موسى”: “ردود فعل الدبيبة ودخوله في صدامات مع البرلمان والجيش الليبي لا تشير إلى أنه سيستلم بسهولة لقرار البرلمان، الذي لن يتراجع بدوره عن قراره بسحب الثقة، وبالتالي فإن ليبيا ستعود إلى أزمة سياسة قد تعود من خلالها إلى دوامة العنف من جديد”، مشيراً إلى أن المطلوب حالياً من كافة الأطراف هو أن تعمل على أن تصل ليبيا بسلام إلى فترة الانتخابات.
زعيم الأمة ونشاط متعدد الاتجاهات
تعليقاً على موقف “الدبيبة” من قرار البرلمان، يقول الكاتب والمحلل “الحبيب الأسود”: “يتحرك رئيس الحكومة الليبية عبدالحميد الدبيبة، داخليا وخارجيا، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، إعلاميا وثقافيا، واقعيا وافتراضيا، يرسل الكثير من الوعود الوردية إلى الفئات الهشّة من المجتمع. يحاول كسب ود الشباب في مختلف أرجاء البلاد، ولعلّ صندوق الزواج أهم مشروع بدأ تنفيذه فعلا ويتم استغلاله على نطاق واسع للترويج لصورة الزعيم، الذي يشتغل على نفسه من منطلق أنه سيحكم إلى ما لا نهاية، وليس فقط إلى حين تحول حكومته إلى حكومة تصريف أعمال في الرابع والعشرين من ديسمبر القادم، وفق حيثيات منحها الثقة من قبل مجلس النواب في منتصف مارس الماضي”.
كما يلفت “الأسود” إلى أن “الدبيبة” يعمل حالياً بأعلى مستويات النشاط المصحوبة بحملة واسعة لتلميع الصورة وتثبيتها كواجهة للمستقبل، تنفذها آلة إعلامية ضخمة في الداخل والخارج، وجيوش إلكرتونية على مواقع التواصل الاجتماعي، لافتاً إلى أن هناك جهد كبير يبذل على صورة الدبيبة التي أصبحت تخضع للعبة الإضاءة وتوازنات الظلال المحيطة بها، وإلى زوايا التصوير وحركة الكاميرا، وإلى تقطيع المشاهد وفق سيناريوهات تعدّ سلفا، وتعتمد على توجيه الحركة وإشارات الملامح نحو أهداف الخطاب، وذلك وفق التعاطي مع أحدث تقنيات التأثير في الرأي العام المعتمدة عالميا ولاسيما من قبل نجوم الفن وقادة الرأي وصانعي السياسات، على حد قوله.
تزامنا، يشير المحلل السياسي، “صلاح باكير” إلى أن “الدبيبة” يحاول تكرار سيناريو سلفه “فايز السراج” بمواجهة البرلمان والجيش، مراهناً على قرب فترة الانتخابات ووقف العمليات العسكرية في البلاد.
ويلفت “باكير” إلى ان “الدبيبة” لا يرغب بأن يكون نسخة عن رئيس المجلس الرئاسي الليبي، “محمد النفي” الذي ترى بعض الجهات السياسية في البلاد أنه مجمد ولا يمارس أي صلاحيات، موضحاً: “الدبيبة يطمح أن يظهر بصورة المخلص المنتظر ومالك مفاتيح الحل الليبي، خاصة وأن حكومته جاءت بعد فترة تصعيد مسلح استمر لسنوات”.
موقف دولي والإخوان من بين المستفيدين
خلال أزمة الثقة بالحكومة، تعبر بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا عن قلقها من خطوة سحب الثقة من الحكومة، لافتةً إلى أهمية أن يكون استبدال الحكومة مرتبط بوجود حكومة أخرى من خلال عملية منتظمة تعقب الانتخابات.
كما تشدد البعثة في بيانٍ صادرٍ عنها، على ضرورة استمرار العمل على إجراء الانتخابات في موعدها المحدد وعدم تأثرها بما يحدث على الساحة الليبية، داعيةً إلى استكمال العمل على قانون الانتخابات النيابية خلال الأسبوع المقبل في أقصى تقدير.
من جهته، يعتبر الباحث في شؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، “موفق عبد الحميد” أن موقف البعثة الأممية يتجه لدعم حكومة الدبيبة على حساب موقف البرلمان والنواب، وهو ما يؤثر على مكانة السلطة التشريعية، التي من المفترض أنها أعلى السلطات في البلاد، لافتاً إلى ان البعثة كان عليها أن تتبنى موقفاً أكثر توازناً وقرباً من كافة الأطراف السياسية.
إلى جانب ذلك، يرى “عبد الحميد” أن أي توتر سياسي أو عسكري يحدث في ليبيا قبيل الانتخابات المقبلة قد يصب في مصلحة جماعة الإخوان المسلمين، التي تراهن على تأجيل الانتخابات لإعادة رص صفوفها والاستعداد لخوض غمار الاستحقاق الانتخابي بعد سقوط حكومة الوفاق المحسوبة على الجماعة.
ويلفت “عبد الحميد” إلى ان الجماعة عبرت بشكل صريح عن موقفها الداعي لتأجيل الانتخابات الرئاسية بشكل خاص، مشيراً إلى أن أي تأجيل سيعني إمكانية عودة ليبيا إلى مرحلة حكومة الوفاق وما رافقها من صراعات ونزاعات.
وكان رئيس المجلس الأعلى للدولة والعضو في جماعة الإخوان المسلمين، “خالد المشري” قد دعا قبل أيام إلى عدم إجراء الانتخابات العامة الليبية المقررة نهاية العام الجاري، معتبراً أنها لن تجلب الاستقرار إلى البلاد.