ساعات مضت على إعلان الرئيس الأمريكي عن خطته للسلام في الشرق الأوسط، توالت بعدها سلسلة من ردود الأفعال والتطورات المرتبطة بالقضية الفلسطينية، صدر أولها من الحكومة الإسرائيلية، التي أعلنت تأييدها للخطة، معتبرة أنها فرصة لن تتكرر لتحقيق السلام، بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
ردة الفعل الإسرائيلية لم تقتصر على التصريحات والمواقف، وإنما ارتطبت بإجراءات مرتبطة بالخطة، حيث أشارت صحف إسرائيلية إلى أن وزير الدفاع الإسرائيلي “نفتالي بينيت”، أوعز اليوم – الأربعاء، بإقامة طاقم خاص من أجل تطبيق السيادة الإسرائيلية على كل المستوطنات في الضفة الغربية وغور الأردن دون الانتظار إلى ما بعد الانتخابات البرلمانية.
وأضاف “بينيت”: “يجب اغتنام ما وصفها هذه الفرصة التاريخية التي لن تتكرر للقيام بذلك” لافتاً إلى أن الخطة الأمريكية ستفسح المجال لترسيم الحدود وترسيخ متطلبات الأمن.
ثاني المواقف حيال الخطة الأمريكية، جاء من السلطة الفلسطينية، حيث أعلن رئيس السلطة الفلسطينية “محمود عباس” عن تنديده بصفقة القرن، مؤكداً أن السلطة متمسكة بالثوابت التي صدرت عن المجلس الوطني الفلسطيني عام 1988، وأنها لن تتنازل عن أياً من تلك الثوابت.
وأضاف الرئيس الفلسطيني: “لن تمرّ هذه الاتفاقية وستذهب إلى مزبلة التاريخ كما ذهبت مشاريع التآمر في هذه المنطقة”، وذلك تزامناً مع تهديد السلطة الفلسطينية بالانسحاب من اتّفاقية أوسلو، التي نصّت على فترة انتقالية من خمس سنوات يتم خلالها التفاوض على قضايا القدس واللاجئين والمستوطنات والترتيبات الأمنية والحدود والعلاقات.
وعلى الجانب الشعبي، خرج عشرات الفلسطينيين في مظاهرات في الضفة الغربية، تنديداً بالخطة الأمريكية للسلام، معربين عن رفضهم لها وعدم اعترافهم بها، كما أحرقوا صوراً للرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” ورئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو”.
من جهتها، أعلنت متحدثة باسم جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، أن المظاهرات أدت إلى إصابة 12 شخصاً بالغاز المسيل للدموع خلال مواجهات في بلدة العيزرية شرقي مدينة القدس، مضيفةً: “هناك إصابة بالرصاص المطاطي بالوجه في مدخل البيرة الشمالي”.
عربياً، أكد الرئيس اللبناني “ميشال عون”، تمسك بلاده بالمبادرة العربية للسلام التي أُقرت في قمّة بيروت، لاسيما حق عودة الفلسطينيين إلى أرضهم وقيام دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس، مشدداً على أهمية وحدة الموقف العربي حيال مسألة الخطة الأميركية لتسوية القضية الفلسطينية-الإسرائيلية، صفقة القرن.
وأشار “عون” خلال اتصال هاتفي مع الرئيس الفلسطيني “محمود عباس” إلى تضامن لبنان الكامل رئيساً وشعباً مع الفلسطينيين في مواجهة التطورات التي نشأت عما بات يُعرف بـ صفقة القرن”.
في غضون ذلك، أعربت قطر عن ترحيبها وتقديرها، لمساعي الإدارة الأمريكية لحل الصراع في الشرق الأوسط، طالما كان بإطار الشرعية الدولية، مؤكدة أنه لا يمكن تحقيق سلام دون صون حقوق الفلسطينيين بإقامة دولة ذات سيادة على حدود 1967″.
من جهته، اعتبر الأمين العام لجامعة الدول العربية، “أحمد أبو الغيط”، أن الإدارة الأمريكية أهدرت الكثير من الحقوق الفلسطينية في خطتها المعلنة للسلام، واصفاً إياها بالمشرعنة للاستيطان والاحتلال.
ونوه “أبو الغيط” إلى أن الخطة الأمريكية هي مجرد رؤية للسلام وغير ملزمة، مضيفاً: “نعكف على دراسة الرؤية الأمريكية بشكل مدقق، ونحن منفتحون على أي جهدٍ جاد يُبذل من أجل تحقيق السلام، لكن القراءة الأولى من خلال الإعلان تشير إلي إهدار كبير لحقوق الفلسطينيين المشروعة في أرضهم وعدم ملاءمة الكثير من الأفكار التوفيقية المطروحة”.
كما اعتبر الأمين العام، أن تحقيق السلام العادل والدائم بين الإسرائيليين والفلسطينيين مرهونٌ بإرادة الطرفين وليس بإرادة طرف دون الآخر، موضحاً أن السلام العادل والقابل للاستدامة لا يُمكن تحقيقه بتجاهل حقيقة الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية منذ عام 1967، أو بالعمل على شرعنة هذا الاحتلال.
وأكد أبو الغيط أن “الموقف الفلسطيني بطبيعة الحال هو الفيصل في تشكيل الموقف العربي الجماعي من خطة السلام الأمريكية، مُشيراً إلى اجتماع مجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري السبت لبلورة هذا الموقف العربي”.
أما الموقف الأقوى، فقد صد عن الحكومة الأردنية، حيث حذرت وزارة الأوقاف من فرض واقع جديد على المسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، مشددةً على أن مسجد الأقصى المبارك وقف إسلامي لا يقبل الشراكة، وليس لغير الـمسلمين أي حق فيه.
وأشارت الأوقاف في بيانٍ لها، أن الأردن بقيادته الهاشمية هو صاحب الوصاية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس وهو يقوم بهذا الدور نيابة عن الأمة الإسلامية، وذلك على خلفية إعلان خطة التسوية الفلسطينية-الإسرائيلية المعروفة باسم “صفقة القرن” التي تضمنت الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية واعتبار القدس عاصمة “غير قابلة للتجزئة” لإسرائيل.
تزامناً، رحبت فرنسا بخطة الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” الخاصة بالسلام في الشرق الأوسط، والتي تعرف إعلامياً بصفقة القرن، لحل الصراع العربي – الإسرائيلي، والتي أعلن عنها أمس – الثلاثاء.
وأشارت الخارجية الفرنسية إلى أنها ستعمل مع بقية دول الاتحاد الأوروبي على تعزيز فرص السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، لافتةً إلى تمسكها الكامل بحل القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين، للتوصل إلى سلام عادل ودائم بالشرق الأوسط.
كما طالبت الخارجية الفرنسية، بأن يكون الحل المعتمد في الخطة الأمريكية، متوافقاً مع القانون الدولي والمعايير المتفق عليها دولياً.
وكان الرئيس الأمريكي قد أعلن مساء أمس – الثلاثاء، رؤيته لإقامة دولة فلسطينية ضمن خطة لإحلال السلام في الشرق الأوسط، والتي تعرضت بدورها لانتقادات من السلطة الفلسطينية، لما تحويه من شروط صارمة أولها مسألة القدس، وسماحها لإسرائيل بالسيطرة على مستوطنات الضفة الغربية.