في حادثة هي الأولى من نوعها، تبنت فصائل المعارضة السورية المدعومة من أنقرة، رسميا، قصف قاعدة حميميم الروسية بصواريخ من نوع، أرض أرض، حيث سقط أحدها داخل القاعدة العسكرية، في حين استطاعت القوات الروسية تدمير البقية، في نقطة تحوّل مهمة بالنسبة الى العلاقة بين فصائل المعارضة والحكومة التركية، نظرا لحرص الأخير على مصالح حليفها الروسي، على حساب أكثر من 3 ونصف مليون مدني شمال غربي سوريا، لا سيما في ظل التقارب الأخير بين الجانبين ووصول منظومة الصواريخ اس400، الى أراضيها، فيما يرجح مراقبون وخبراء لمرصد مينا إبرام صفقة “خبيثة” تقضي بتنازل انقرة عن بعض المناطق في ادلب وحماة، مقابل سماح روسيا لها بإنشاء منطقة آمنة بعمق 50 كم، يليها الشروع بالعملية السياسية.
وبات السؤال الملح، هل شعرت المعارضة السورية بخذلان أنقرة حتى ضربت أهم قواعد حليفها الروسي في الساحل السوري؟
المتحدث العسكري باسم الجيش الوطني في سوريا، والمقرب من الحكومة التركية، الرائد يوسف حمود أكد في تصريحات صحافية، مسؤولية قواته عن الهجمات التي ضربت القاعدة الروسية في الساحل السورية وقال “ان الفيلق الاول وهو تجمع احرار الشرقية، التابع للجيش الوطني، استهدف قاعدة حميميم العسكرية ردا على العدوان الروسي، والمجازر اليومية في محافظة ادلب ومحيطها”.
وأضاف “نحن ننسق في العمل مع الجبهة للوطنية للتحرير ومن واجبنا الدفاع عن الاراضي المحررة وثورة الشعب في وجه العدوان الروسي الداعم لقوات النظام في سياسة الارض المحروقة، التي تطال اهلنا في مدينه ادلب وريفها وريف حماه”.
ويأتي هذا الإنذار بحسب ما يقول مراقبون، في وقت يحشد فيه الحلف الروسي السوري، قوات عسكرية مشتركة “خاصة روسية وميليشيات محلية واجنبية إضافة الى قوات النظام السوري” لمحاولة التقدم نحو سهل الغاب وجسر الشغور، فيما جلبت موسكو عربات عسكرية نهرية وبرية خاصة، من المرتقب وصولها خلال الساعات القادمة نحو ميناء طرطوس.
القائد العسكري لدى تجمع احرار الشرقية “لطفي شام”، أوضح بدوره في تصريحات صحافية، ان قواته استهدفت القاعدة بأربعة صواريخ أطلقوا عليها اسم “ساروت 1″، وهي صواريخ غراد لكن تمّ التعديل عليها، مع زيادة مدى إطلاقها لتصل إلى 50 كيلو متر، وذلك بخبرات محلية.
وأشار القيادي العسكري لموقع “بروكار” المحلي، أنّ الرادارات قامت بالتصدّي لاثنين من الصواريخ، بينما سقط أحدها داخل المطار وآخر في محيطه، لافتاً إلى أنّ الاستهداف هو الأول من نوعه في هذه الصواريخ، وهي تجربة لها إذ أثبتت فعاليتها بشكل ممتاز والقدرة على الوصول إلى الهدف، بحسب المصدر.
وأضاف أنّه لم يتم معرفة ما إذا كان هناك أي أضرار أو إصابات، بسبب حساسية وضع المطار، وتكتّم العاملين فيه عن نشر مثل هذه الأخبار، منوّهاً إلى أنّ هناك مشكلة وحيدة واجهتهم أثناء الاستهداف وهي موضوع إسقاط الصواريخ والرادار وسوف يتم تلافيها خلال الاستهدافات القادمة.
موقف روسي
وفي ظل صمت تركي عن المجازر اليومية التي يرتكبها حليفه الروسي، ضد المدنيين المعارضين للنظام السوري، في آخر بقعة لهم على أرضهم، أبدت موسكو امتعاضها من استهداف الفصائل قواعد انتشارها في سوريا، وبرز ذلك على لسان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الذي قال، أنه لا يمكن السكوت إلى ما لا نهاية عن وجود عشرات الآلاف ممن وصفهم بـ” الإرهابيين” في إدلب مشددا على أن القضاء عليهم من مصلحة الجميع.
وفي مقابلة مع صحيفة راينيس بوست الالمانية قال لافروف القضاء على بؤرة الإرهاب في سورية يعتبر من مصلحة الاتحاد الأوروبي لأنه سيخفض مستوى التهديد الإرهابي القادم من المنطقة ويقلل من تدفق المهاجرين”.
صفقة تركية
ويأتي هذا القصف وسط حالة من خلط الأوراق تعيشها سوريا، على الصعيد العسكري والسياسي، فعلى جبهة إدلب التي يفترض انها داخلة ضمن “الحماية التركية” فإنها تتعرض واقعيا لأعلى مستويات التصعيد، وسط معارك عنيفة تدور على تخوم إدلب وريف حماة الشمالي المحاذية لها، وتحشيد هو الأضخم من نوعه ما ينذر بمعركة وشيكة ضد المعارضة التي تحاول انقرة ارتهان قرارها وضبط إيقاع بنادقها، عبثا.
وفي هذا الإطار يقول “محمد عبادي” مدير مركز جدار للدراسات، لمرصد “مينا” انها ليست المرة الأولى التي تستهدف فيها فصائل من المعارضة السورية، قاعدة حميم الروسية، لكنّ اللافت هذه المرة أن الهجوم جاء من الجيش الوطنّي المقرب من تركيا، وسط بروز نوع من العلاقات المتميزة في الوقت الحالي بين أنقرة- موسكو، على خلفية وصول منظومة الدفاع الجوي الروسية الى تركيا.
واعتبر الباحث المصري ان روسيا لن تمانع من اقتحام المدينة، لأن رؤية الحل في سوريا والتي نوقش بعض تفاصيلها في قمة القدس التي جمعات مستشاري الامن القومي للدول الثلاث ( روسيا- أمريكا- إسرائيل) تقضي بخروج جميع الفصائل المسلحة من سوريا، وعلى رأسها الميليشيات الإيرانية، وغيرها من الفيالق الشيعية العراقية واللبنانية والأفغانية.
لصالح تركية فقط
وأمّا على مستوى الحدود السورية التركية، يقول مدير مركز جدار، محمد عبادي، إنّ التعزيزات التركية العسكرية الأخيرة، التي وصلت إلى الوحدات التركية المتمركزة على حدود سوريا، هي لمعارك تحضر لها أنقرة، وتصب في مصالحها القومية “والأنباء المتواترة عن نداء تركيا للفصائل العسكرية المقربة منها (الجيش الوطني السوري) للاستعداد والتجهز، يدل على عملية عسكرية وشيكة، قد تكون وجهتها مدينة تل أبيض بالرقة، أو مدينة منبج بريف حلب الشرقي، لتحريرها من سيطرة قوات سوريا الديموقراطية، وهذا ما لم يمكن أنّ يتم من دون ضوء أخضر روسي”.
واعتبر المتحدث ان ثمة صفقة ما، أبرمت بين موسكو وانقرة، تضرب بعرض الحائط تعهدات الأخيرة اتجاه حلفائها المحليين، وحمايتهم من هجمات النظامان الروسي والسوري، وقال “عبادي” لمرصد “مينا” قد يكون اقتحام النظام لإدلب، وإنهاء سيطرة المعارضة السورية على المدينة، مقابل المنطقة الآمنة من الساحل السوري وحتى حدود العراق بعمق 50 كم وفق مطالب تركيا، لتبدأ العملية السياسية السورية”.
20 غارة
من جهة أخرى، تشهد المناطق شمالا، تصعيدا هو الأعنف من نوعه، حيث تشن المقاتلات الروسية هجمات متواصلة على ادلب والأرياف الملاصقة بها، في حماة واللاذقية.
المرصد السوري لحقوق الانسان، قال ان طائرات النظام الحربية نفذت فجر وصباح اليوم السبت نحو 10 غارات استهدف خلالها كل من محيط أريحا ومنطقة الأربعين وكنصفرة وابلين وبليون وبسامس وفريكة بريف إدلب، كما شنت طائرات الضامن; الروسي بعد منتصف ليل الجمعة السبت ما لا يقل عن 12 غارة جوية استهدفت خلالها أماكن في بلدة بداما ومحيط الحمبوشية ومحور الخضر ومحور كبانة في ريفي إدلب واللاذقية، فيما ألقت طائرات مروحية 8 براميل متفجرة على قرية سطوح الدير في جبل شحشبو ومحور كبانة بريف اللاذقية الشمالي.
مرصد الشرق الأوسط وشمال افريقيا الاعلامي