
مرصد مينا
أعلن صندوق النقد الدولي عن تباطؤ ملحوظ في النمو الاقتصادي في الجزائر، حيث سجل الاقتصاد نمواً بنسبة 3.6% في عام 2024، مقارنة بـ4.1% في عام 2023.
وأرجع الصندوق هذا التباطؤ بشكل رئيسي إلى تخفيضات إنتاج النفط والغاز التي فرضتها مجموعة “أوبك بلس”، بينما حافظ النشاط الاقتصادي في القطاعات غير النفطية على قوة نسبتها 4.2%.
وأوضح الصندوق في بيان ختامي لبعثته التي زارت الجزائر يوم الثلاثاء، أن ميزان الحساب الجاري للبلاد تحول إلى عجز في 2024 نتيجة لانخفاض إنتاج وأسعار المحروقات.
مع ذلك، أكدت البعثة على قوة الاحتياطيات الدولية التي بلغت 67.8 مليار دولار، مما يغطي حوالي 14 شهراً من الواردات.
من جهة أخرى، شهد التضخم انخفاضاً كبيراً من 9.3% في 2023 إلى 4% في 2024، مدعوماً بشكل خاص بتراجع أسعار المواد الغذائية، مع بقاء السياسة النقدية تيسيرية خلال النصف الأول من 2025.
فيما يخص الميزانية، أشار الصندوق إلى اتساع العجز المالي ليصل إلى 13.9% من الناتج المحلي الإجمالي في 2024، متأثراً بتراجع عائدات المحروقات وارتفاع الإنفاق على الأجور والاستثمارات. ويتوقع أن يستمر هذا العجز على مستويات مرتفعة خلال عام 2025.
رغم التحديات، أبدى الصندوق تفاؤلاً بتوقعات النمو القريب، مدعوماً بتخفيف تخفيضات إنتاج المحروقات من قبل “أوبك بلس”. إلا أن الضغوط المالية المتزايدة تمثل تحديات تمويلية خطيرة قد تؤدي إلى زيادة الدين العام على المدى المتوسط، خصوصاً في ظل حالة عدم اليقين العالمية وتقلب أسعار النفط والغاز التي قد تؤثر سلباً على الصادرات والاستثمار.
وحذر الصندوق من عدة مخاطر تواجه الاقتصاد الجزائري، منها تقلب أسعار المحروقات والتوترات الجيوسياسية، بالإضافة إلى العجز المالي المستمر الذي يزيد من أعباء الدين ويعمق الروابط المالية بين الحكومة والشركات والمصارف المملوكة للدولة.
لكنه أشار إلى أن الأفق الاقتصادي يمكن تحسينه على المدى المتوسط من خلال إصلاحات هيكلية مستدامة، وتنويع الاقتصاد، وتنفيذ خطة عمل حكومية فعالة.
وتضمنت توصيات الصندوق ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لإعادة التوازن المالي بشكل تدريجي، بهدف تقليل الاحتياجات التمويلية الناتجة عن العجز، وإعادة بناء الاحتياطيات المالية، وتثبيت الدين العام على المدى المتوسط.
كما أكد على أهمية استمرار السياسة النقدية في التركيز على هدف التضخم، ومراقبة القطاع المالي عن كثب، وتعزيز مرونة سعر الصرف لتعزيز قدرة الاقتصاد على مواجهة الصدمات الخارجية.
من بين أولويات الإصلاحات الموصى بها تعزيز الاستدامة المالية، وتحسين الأطر النقدية والمالية، ودفع عجلة الإصلاحات الهيكلية التي تزيد من الاستثمار الخاص، وتعزز النمو الشامل، وتوفر فرص عمل جديدة.
ويشمل ذلك تحسين تحصيل الإيرادات غير النفطية وترشيد الإنفاق، بالإضافة إلى إصلاح نظام الدعم الحكومي لإعادة بناء الاحتياطيات المالية مع حماية الفئات الأضعف.
وأشار الصندوق إلى التقدم في تطبيق القانون العضوي للميزانية لعام 2018، والذي من المتوقع أن يعزز الشفافية والمساءلة في تنفيذ الميزانية، بالإضافة إلى تحسين إدارة المخاطر المالية عبر إنشاء وحدة مختصة في وزارة المالية تتابع أداء الشركات الحكومية.
كما أشاد صندوق النقد الدولي بالجهود المستمرة للسلطات الجزائرية في تطوير القانون النقدي والمصرفي لعام 2023، وتحسين إدارة السيولة، وتعزيز قدرات التنبؤ الاقتصادي وتحليل السياسات.
وشدد على أهمية وضع إطار واضح وشفاف للسياسة النقدية لتعزيز فعالية نقلها، مع تحسين الرقابة على القطاع المالي لخفض المخاطر الناجمة عن الروابط القوية بين الحكومة والشركات والمصارف المملوكة للدولة.
في المجمل، يؤكد صندوق النقد الدولي على أن الجزائر بحاجة ملحة لإصلاحات مالية واقتصادية عاجلة لضمان استقرار الاقتصاد الكلي وتعزيز النمو المستدام في ظل التحديات المحلية والدولية الراهنة.