fbpx
أخر الأخبار

طهران ـ موسكو: أوهام الصراع، حقائق التحالف.. دير الزور مثالاً

يتقلص الدور الأمريكي في سوريا، يتمدد الدور الإيراني / الروسي، وتلك قاعدة، دون النظر إلى أوهام الصراع الروسي / الإيراني، وهو صراع مؤجل، وثانوي بمواجهة صراع كليهما مع الوجود الامريكي فلدى  روسيا وإيران أسباب أكثر من أي وقت مضى للحفاظ على تحالفهما العامل في سوريا، كما لديهما من الأسباب مايكفي ليكون الصراع مع الوجود الأمريكي مفتوحًا إلى زمن أطول.

المعادلة على النحو التالي: موسكو تستثمر  بشكل كبير الأنشطة الإيرانية في دير الزور للحفاظ على نفوذها هناك، وفي المقابل، تستفيد إيران استراتيجياً ومالياً من علاقتها مع الداعم العسكري الأساسي لبشار الأسد.

وفق قراءة لمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، فإن “هذه الديناميكية قد مكّنت موسكو من لعب دور شريك حقيقي على الساحة العالمية وسط عملها ضد الأهداف الدبلوماسية للمجتمع الدولي على المستوى المحلي، فضلاً عن تأمينها المصالح الروسية وضمان بقاء الأسد”.

وللبراهان على هذا الاستخلاص فقد “تظاهرت روسيا مراراً وتكراراً بالتعاون مع مفاوضات الأمم المتحدة نحو الانتقال السياسي على النحو المنصوص عليه في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، لكن بدلاً من ذلك تُركز أنشطتها المحلية بالكامل على العمل مع إيران”،  وبالمثل “قدّمت روسيا عرضاً بتقويض التوسّع الإيراني من خلال دفع الجماعة الشيعية الوكيلة “لواء الفاطميون” خارج حقول النفط والغاز بالقرب من الرقة خلال آذار/مارس الفائت، إلا أن قواتهما تعاونتا منذ ذلك الحين بطرق عديدة، بدءًا من ممارسة نفوذ أوسع نطاقاً في دير الزور، مروراً بتغيير التركيبة السكانية للمحافظة، ووصولاً إلى إخراج الولايات المتحدة والتحالف العالمي و”قوات سوريا الديمقراطية” التي يقودها الأكراد.

في التفاصيل فإن جزءًا  كبير من استراتيجية طهران في دير الزور يعتمد على نشر نسختها من الإسلام الشيعي الإثني عشري بين القبائل المهيمنة في المنطقة. ويشمل ذلك تكتيكات مثل التسلل إلى النسيج الاجتماعي السني إلى حد كبير واستغلال الظروف الاقتصادية الصعبة من خلال تقديم المساعدة المالية لعائلات المجندين في الميليشيات إذا كانوا على استعداد لتغيير معتقداتهم”.

في المؤكد من المعلومات الميدانية فقد  انضم ما لا يقل عن10,000  سوري إلى الميليشيات المدعومة من إيران وروسيا في دير الزور في السنوات الأخيرة. وإلى جانب العديد من المقاتلين الأجانب الشيعة المنتشرين هناك، وهذا مامنح إيران وروسيا قوة محلية بالوكالة يبلغ مجموعها حوالي 25,000 عنصر، يتركز معظمهم غرب نهر الفرات.

لقد سهلت موسكو أيضاً تكتيكاً إيرانياً آخر، وهو: سرقة الأملاك الخاصة المهجورة لكي يستخدمها المقاتلون الأجانب كملجأ من الضربات الجوية. ومنذ نيسان/أبريل، تمت مصادرة حوالي 75 من هذه الأملاك في البوكمال والميادين وحدهما. على سبيل المثال، أفادت بعض التقارير أن ميليشيا “لواء الفاطميون” سرقت 15 ملكاً في الميادين وأقامت ما لا يقل عن 10 مستودعات للأسلحة في قرية عياش شمال عاصمة المحافظة. وبالمثل، قامت ميليشيا “لواء أبو الفضل العباس” بإخفاء أعداد كبيرة من الأسلحة بين الأنقاض الأثرية وفي الأنفاق بالقرب من الميادين لتجنب الضربات الجوية. وتشتري إيران أيضاً مساحات شاسعة من الأراضي في المنطقة بأسعار منخفضة للغاية، مستفيدةً من الحاجة الملحة للسكان المحليين إلى الأموال النقدية.

كيف تسير العملية؟

في عودة لتقرير معهد واشنطن فإن تكتيك إيراني وروسي آخر يتمثل  في إغراء الوجهاء وشيوخ القبائل بوعود اقتصادية، ويشمل ذلك عائدات تهريب الأسلحة والمخدرات بين سوريا والعراق. فمنذ عام 2017، على سبيل المثال، تحالف الشيخ نواف البشير والكثيرون من أفراد قبيلته الكبيرة “البقارة” علناً مع إيران ونظام الأسد. وفي دير الزور، قام الشيخ بتجنيد وتمويل مقاتلين لصالح ميليشيات مدعومة من إيران مثل “لواء الباقر”. ومنذ منتصف حزيران/يونيو، كلّفت روسيا ونظام الأسد هذه الميليشيا والجماعة التي تنتمي إليها (“أسود العشائر”) بإضعاف الوجود المحلي لـ “قوات سوريا الديمقراطية،  وبالمثل، خضع قادة قبائل أخرى (على سبيل المثال “الجبور” و”المشاهدة” و”البوخابور” و”المعامرة” و”البوعاصي”) لأوامر روسيا وإيران، ووافقوا على المساعدة المالية مقابل العمل ضد “قوات سوريا الديمقراطية”  وعلى الرغم من تنافس موسكو وطهران أحياناً على النفوذ على هذه المجتمعات القبلية التي تعاني من ضائقة مالية، إلّا أن سلوكهما العام يتحول نحو التعاون بشكل متزايد.

ينقل معهد واشنطن  عن مصادر ميدانية أن مقاولون روس من مثل “مجموعة فاغنر، ساعدوا إيران بشكل متزايد على حماية وجودها العسكري في دير الزور، سواء من خلال منح “الحرس الثوري الإسلامي”  وأفراد الميليشيات إشعاراً مسبقاً بتوجيه ضربات جوية متوقعة أو مساعدتهم على إعادة نقل قواعدهم. بالإضافة إلى ذلك، منذ عام 2017، أفادت بعض التقارير أن روسيا زودت الميليشيات المدعومة من إيران بالذخيرة والأموال لتنفيذ حملات ضد “قوات سوريا الديمقراطية” وأي قوى معارضة محلية أو احتجاجات.

وامتدت مساعدة موسكو لتشمل الانخراط العملياتي المباشر أيضاً. فمن الجانب الغربي من نهر الفرات، تقوم الطائرات الحربية الروسية بمراقبة منطقة البادية بشكل يومي، حيث تقلع من مطار دير الزور إلى مناطق جنوبي الرقة مثل غانم العلي والزملة. ويتمثل جزء من مهمتها في هذا القسم من أراضي النظام غير الخاضع لمراقبة شديدة في توفير الحماية لمشاريع “الحرس الثوري الإسلامي”، والتي تشمل الحفاظ على حقول النفط والغاز التي تضررت أثناء القتال ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» وكذلك بناء سجون وقواعد جديدة. كما لروسيا وجود عسكري في مناطق الشولا وكباجب والبشري.

وبالنسبة لمهام أخرى، اعتمدت روسيا على “قوات الدفاع المحلية”، وهي جماعة مظلة ميليشياوية كبيرة تضم أعضاء من مختلف أنحاء البلاد. على سبيل المثال، في عام 2019، تمّ تكليف قوة أسسها حسام القاطرجي المولود في البوكمال بتأمين حقول النفط/الغاز ومحطات الضخ (على سبيل المثال، “تي تو” [T2]، “تي فور” [T4]، نيشان، التيم، الخراطة، الشولا) وكذلك المعابر مع أراضي «قوات سوريا الديمقراطية» (مثل الحسينية والصالحية). وفي وقت سابق من هذا العام، عززت موسكو وجودها في دير الزور من خلال نقل مختلف وحدات الميليشيات الخاضعة للنفوذ الروسي إلى هناك، والتي شملت ما يسمى بـ “الفيلق الخامس” وجماعة «لواء القدس» الفلسطينية. وإلى جانب “الفرقة الرابعة” المدرعة التابعة لنظام الأسد و”قوات الدفاع الوطني” غير النظامية، تم تكليف “الفيلق الخامس” بتنفيذ مداهمات في المنطقة.

بالنتيجة يغيب القط تلعب الفئران، مع ملاحظة أنه لا إيران فئرانًا ولا روسيا كذلك.

إنهما وكري ثعابين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى