fbpx
أخر الأخبار

عزيزي الأمريكي.. خليك بأفغانستان

العادة، أن ترحب البشرية برحيل قوات أجنبية من مكان ما.. يظهر أن ثمة ما انقلب، لا بالمفاهيم، ولكن بالوقائع، فالقوات الأمريكية ستغادر أفغانستان في سبتمبر المقبل، تاركة وراءها السؤال:

ـ كيف يمكن احتواء القاعدة والدولة لإسلامية مع غياب التواجد العسكري الغربي في البلاد؟

مسؤولو المخابرات الغربية أن تلك التنظيمات مازالت تتطلع إلى التخطيط لهجمات إرهابية دولية من مخابئها في أفغانستان، تماما كما فعل زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن في 11 سبتمبر/أيلول من عام 2001.

تنقل الـ بي بي سي، عن الجنرال “السير نيك كارتر” رئيس أركان الدفاع البريطاني : “لم تكن هذه النتيجة التي كنا نأملها”، هناك الآن خطر جسيم يتمثل في أن المكاسب التي تحققت في مكافحة الإرهاب على مدى السنوات العشرين الماضية، بتكلفة باهظة، يمكن أن تتراجع لأن مستقبل أفغانستان يأخذ منعطفا غير معروفة عواقبه”.

الانسحاب هو قرار الرئيس بايدن، وثمة من يشكك في رؤى الرئيس الامريكي، ومن بين من يشككون وزير الدفاع الأمريكي السابق روبرت بايدن وقد وصف الرئيس في مذكراته بأنه”

“كان على خطأ في كل قضايا السياسة الخارجية والأمن القومي الرئيسية تقريبا على مدى العقود الأربعة الماضية”.

إذن، كيف ستبدو عملية المكافحة الغربية للإرهاب في أفغانستان على المستوى العملي بعد سبتمبر/أيلول المقبل؟

ـ بطائرات الدرون؟

الذين يقولون بذلك يعتمدون على تجربة سابقة، فقد كان لضربات الطائرات بدون طيار المتتالية، في المناطق القبلية النائية في باكستان على الحدود مع أفغانستان، وفي المناطق البرية في اليمن حيث كان كان يختبئ قادة كبار من القاعدة، “تأثير مخيف” على عمليات تلك الجماعة، وفقا لضباط المخابرات، حيث أجبرت تلك الضربات قادة تنظيم القاعدة على البقاء في حالة تنقل مستمر فلم يمكثوا أكثر من ليلة أو ليلتين في مكان واحد مما حد من قدرتهم على التواصل، ولم يعرفوا أبدا ما إذا كانت مغادرة أحد الزوار سيتبعها صاروخ هيلفاير أطلقه عدو غير مرئي.

لكن ضربات الطائرات بدون طيار وفق تقرير للـ بي بي سي، مثيرة للجدل حيث أنها يمكن أن تكون محفوفة بالمخاطر، ليس للمُشغّل بالطبع الذي عادة ما يكون جالسا في حاوية شحن مكيفة الهواء على بعد آلاف الأميال في قاعدة جوية في نيفادا أو لينكولنشاير، ولكن بالنسبة للمدنيين في المنطقة،  ففي اليمن على سبيل المثال ، كثيرا ما تم الخلط بين التجمعات القبلية المسالمة والمتمردين المسلحين، وحين يكون الكلام عن افغانستان، سيأتي الكلام عن تعاون وثيق ما بين الاستخبارات الأفغانية والاستخبارات الغربية، وهو تعاون يشكك الكثيرون في جديته، فهل سيكون الغرب مستعدا في يوم من الأيام لمشاركة المعلومات الاستخباراتية مع طالبان بعد كل هذه السنوات من قتالها؟

يجيب مشؤول غربي عن السؤال بالقول:”سيكون من الصعب للغاية تخيل ذلك”.

هذا جانب من الموضوع، ولكن الأهم والسؤال الرئيسي الذي يطرح نفسه هنا هو ما إذا كانت حركة طالبان قد قصدت بالفعل ما قالته عندما أبلغت مفاوضي السلام في العاصمة القطرية الدوحة أنها قطعت علاقاتها مع تنظيم القاعدة، ذلك أن تلك العلاقات تمثل روابط في بعض الحالات تاريخية وزوجية وقبلية وسبقت هجمات 11 سبتمبر/أيلول من عام 2001 بعدة سنوات، وتتمتع حركة طالبان بما يكفي من الذكاء لتعلم أنه إذا كانت ستصبح جزءا من حكومة أفغانية مستقبلية تتمتع باعتراف دولي فلا يمكن اعتبارها في نفس المعسكر الذي تعيش فيه الجماعات الإرهابية المحظورة، ومع ذلك، يعتقد غافين ماكنيكول، مدير المركز البريطاني “إيدن إنتليجنس” للدراسات، أنه سيكون من السذاجة الوثوق بطالبان.

ما يحدث اليوم، أنه يتم إغلاق القاعدة السرية الموجودة في شرق أفغانستان، والتي تستخدمها القوات الخاصة الأمريكية كنقطة انطلاق لعمليات ضد “أهداف عالية القيمة”، وستكون هذه أخبار جيدة للقاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية اللذين لن يشعرا الآن بالخوف من الوصول غير المتوقع للعديد من الأمريكيين المدججين بالسلاح في منتصف الليل، إذن، أين يمكن الآن توفير بديل مناسب في المنطقة لشن مثل تلك المداهمات؟

حسنًا، وهل سيكون التعاون الباكستاني الأمريكي هو المخرج لمواجهة القاعدة وتنظيم الدولة فيما لو حدث الانسحاب؟

باكستان هي المرشح الأكثر وضوحا من الناحية الجغرافية، لهذا التعاون لكن هناك شك عميق في الغرب بأن المخابرات الباكستانية السرية (آي إس آي) لديها عناصر لهم صلات بجماعات إسلامية متشددة، ومن يقولون بذلك يشتشهدون بوقائع من بينها أنه عندما أطلقت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) عملية نبتون سبير لقتل زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن أو القبض عليه في مايو/آيار من عام 2011 اختارت الولايات المتحدة الأمريكية عدم إبلاغ باكستان، عندما حلق فريق من قوة العمليات الخاصة في مشاة البحرية الأمريكية في طائرة هليكوبتر شبحية في المجال الجوي الباكستاني، فقد كان الجانب الأمريكي يخشى من أن يسرب أحد تلك العناصر بالاستخبارات الباكستانية المعلومات لأسامة بن لادن فيهرب قبل وقوع الهجوم.

مثل هذا الأمر يعني أن الثقة مفقودة ما بين الاستخبارات الأمريكية والاستخبارات الباكستانية.

هل انتصرت حركة طالبان في أفغانستان؟ وهل ستندلع حرب أهلية بعد الانسحاب الأمريكي؟

  • سؤالين بالغا الخطورة، يعمل فرانك غاردنر، من محققي البي بي سي، على الاجابة عنهما، فالحقيقة الصعبة تتمثل في أن عملية “احتواء” كل من تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية في المناطق البرية من أفغانستان على وشك أن تصبح أكثر صعوبة، ولا يوجد بديل سهل للحصول على مكان لوجود القوات العسكرية على الأرض، والقدرة على استدعاء تلك القوات في وقت قصير جدا، وسيتوقف الكثير الآن على رغبة الحكومة الأفغانية الحالية ومدى فعاليتها في مواجهة تلك الجماعات الإرهابية العابرة للحدود.

يرسم جون راين، خبير الأمن الإقليمي في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية (آي آي إس إس) والذي عمل سابقا في منصب رفيع في الحكومة البريطانية، صورة متشائمة عن الاتجاه الذي تسير إليه الأمور قائلا: “إنه نظرا ليس لكم التطرف في أفغانستان، فحسب بل والفائدة الاستراتيجية التي سيراها اللاعبون الخارجيون في امتلاك قدرات إرهابية في ذلك البلد، فإنه يمكن أن تكون هناك عودة إلى ظروف تشبه مشكلة الاحتباس الحراري للجيل القادم فيما يتعلق بالتهديدات الإرهابية ومكافحة الإرهاب”.

بالنتيجة، فالانسحاب الأمريكي من افغانستان، قد يعيد المشكلة الأفغانية إلى ماكانت عليه ما قبل الدخول الأمريكي إلى تلك البلاد، وسيترك وراءه السؤال:

ـ إذن لماذا كل تلك الحرب، وكل تلك النفقات الهائلة المصاحبة للحرب؟

في العربية ثمة مثل يقول:

ـ تيتي تيتي، متل مارحتي متل ما اجيتي.

السيد جو بايدن يشتغل على هذه (التيتي).

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى