تسببت النزعة الطائفية في العراق أولاً ثم في سوريا بالكثير من جرائم الحرب بعضها يصل لمستوى الإبادة الجماعية والتغيير الديمغرافي، لكن طرفاً واحداً يعتبر المسؤول الأول عن النسبة الأكبر من هذه الجرائم.
ينسب بعض الحقوقيين والمختصين بالقضايا الإنسانية لعصائب أهل الحق العراقية مسؤولية عمليات قتل جماعية وتغيير ديمغرافي في محافظات عراقية وسورية، فمن هي عصائب أهل الحق؟.
التأسيس
تعود جذور المليشيا الشيعية المسلحة إلى “جيش المهدي” الذي كان يقاتل تحت لواء رجل الدين الشيعي العراقي “مقتدى الصدر”، حيث كانت حركة عصائب أهل الحق إحدى السرايا المؤلفة لذلك الجيش، ولكن مع بداية 2006 بدأت الحركة تعمل بشكل أكثر استقلالية عن بقية سرايا الجيش، فيما بدأت العمل بشكل مستقل تماماً بعد إعلان تجميد جيش المهدي في 2008.
قبل قرار التجميد انقسم جيش المهدي إلى عدة فصائل؛ منها هذا التنظيم السري الذي تبنى الإشراف عليه “محمد الطباطبائي” في عام 2005 وهو الذي أطلق عليهم اسم “عصائب أهل الحق”، لكن التأسيس الفعلي كان في عام 2006 على يد “قيس الخزعلي”.
عمل “الخزعلي” مع بعض ضباط فيلق القدس على توفير تدريب عسكري خاص في إيران لـ “40” عنصر من حركة النجباء، بالتعاون مع العقيد “جلال رزمي” وهو ضابط في فيلق القدس”، وبالفعل تم التدريب لمدة 10 أيام داخل المعسكرات الإيرانية، حيث اختص هؤلاء الـ 40 عنصر في تنفيذ العمليات الإرهابية وعمليات الخطف.
حيث أشرف “رزمي” مع عدد من ضباط حزب الله اللبناني على التدريب، وتم تقسيم المشاركون في التدريب إلى ثلاثة مجموعات؛ اختصت واحدة منهم بعمليات الاختطاف، والأخرى بعمليات الاغتيال السياسي، أما المجموعة الأخيرة فكانت بخصوص عمليات الاغتيال الطائفي.
ويتراوح اليوم عدد أفرادها الآن بين 7 آلاف و10 آلاف عضو حسب مركز “مشروع مكافحة التطرف”.
انشقاقات ودعم إيراني
في تشرين الثاني 2008 عندما أنشأ مقتدى الصدر جماعة جديدة لخلافة جيش المهدي أسماها “لواء اليوم الموعود”، طلب من العصائب وجماعات أخرى الانضمام لها، لكنهم رفضوا؛ الأمر الذي أدى إلى حدوث مشاكل كبيرة حول زعامة اللواء.
في ذلك الوقت انشق “قيس الخزعلي” عن التيار، وأسس مجموعة “عصائب الحق”، خلال هذه المرحلة تلقت الحركة من إيران السلاح والتدريب والدعم اللوجستي، وحصل المقاتلون على دورات داخل الأراضي الإيرانية والعراقية بإشراف مدربين من الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني، وتحمل مسؤولية هذه العمليات رجل الدين الشيعي “أكرم الكعبي”.
وفي كانون الأول 2010 عاد قادة ميليشيات شيعية سيئي السمعة مثل “أبو درع” و”أبو مصطفى الشيباني” من إيران إلى العراق للعمل مع العصائب، وارتبطت الحركة بعلاقة وثيقة مع رئيس الوزراء السابق “نوري المالكي”، كما أن الأخير اعتمد تزويد العصائب بالمال والسلاح والدعم الكافي.
استغلال الجيش وتغيير ديمغرافي
نشرت منظمة العفو الدولية تقريرا في عام 2017، ذكرت فيه أن الميليشيات شبه العسكرية التي تعمل بشكل صوري ضمن التشكيلات العسكرية للقوات العراقية المسلحة، تستخدم أسلحة من مخزونات الجيش العراقي، المقدمة من الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا وروسيا وإيران، في ارتكاب جرائم حرب وهجمات انتقامية، وسوى ذلك من الاعتداءات.
وركز التقرير على أربع ميليشيات رئيسية قامت منظمة العفو الدولية بتوثيق ارتكابها انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، وهي “منظمة بدر” و”عصائب أهل الحق”؛ و”كتائب حزب الله”؛ و”سرايا السلام”، والتي تعد جزءا من ميليشيات الحشد الشعبي.
وقال التقرير الدولي، إن هذه الميليشيات ذات الأغلبية الشيعية استخدمت هذه الأسلحة في تسهيل عمليات اختفاء قسري لآلاف الرجال والأولاد، واختطافهم، وفي عمليات تعذيب وإعدام خارج نطاق القضاء، وكذلك في عمليات تدمير وحشية للممتلكات.
وتمكن التقرير الدولي من التوصل لحقيقة المليشيا العنصرية، حيث إن مليشيات “العصائب” أسست بهدف تأجيج الحرب الطائفية وباعتبارها الآلة العسكرية للنظام الإيراني في العراق، فهي التي نظمت عمليات اغتيال عديدة، حيث اغتالات العديد من زعماء أهل السنة بمن فيهم شيوخ وعلماء وكوادر شابة وأكاديميين.
كما اتهمتها منظمات حقوقية بارتكاب إبادات وإعدامات عشوائية، في حق المدنيين السنة ترقى إلى مستوى جرائم الحرب، من بينها عمليات تهجير السُنة في محافظة ديالى، عن طريق قتلهم وتفجير بيوتهم ومساجدهم، أضف إلى ذلك فان عمليات الخطف تعد إحدى الطرق للحصول على الإيرادات المالية لميليشيا العصائب، ولا يعود في أغلب الأحيان المخطوفين إلى ذويهم بعد دفع الفدية لهم إذ يجري قتلهم ورمي جثثهم.
مرصد الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الإعلامي