مرصد مينا – هيئة التحرير
تزامناً مع تصاعد آثار الأزمة بين رئيس النظام السوري، “بشار الأسد”، وابن خاله، رجل الأعمال، “رامي مخلوف”، وانهيار الليرة السورية بشكل قياسي، يحذر مصدر من داخل النظام من مجاعة مقبلة قد تضرب البلاد قريباً، لافتاً إلى أن المنظومة الاقتصادية حالياً على بعد خطوات قليلة من الانهيار التام، تحديداً في ظل سياسات النظام القائمة على تجاهل المشكلة ومحاولة القفز فوقها.
وكانت الفترة القليلة الماضية، قد شهدت انهيار غير مسبوق لليرة السورية أمام الدولار، الذي وصل سعر صرفه إلى نحو 2500 ليرة، بحسب ما نشره موقع الليرة أونلاين، بالتزامن مع تصنيف سوريا على رأس الدول الأكثر فقراً، بنسبة 82.5 في المئة من إجمالي عدد السكان، وفقاً لبيانات موقع “World By Map” العالمي.
صراعات داخلية واستعدادات لما هو أسوأ
تداعيات الأزمة الاقتصادية، يربطها المصدر في تصريحات خاصة لمرصد مينا، في الدرجة الأولى، بحالة الصراع الموجودة داخل الدائرة الضيقة في النظام، للهيمنة على الاقتصاد السوري والاستيلاء على ما تبقى منه، مضيفاً: “الشعب السوري سيدفع ثمن تلك الصراعات، ولا أبالغ إن قلت بأن الوضع في سوريا يتجه لأن يكون أسوء بكثير من حالة العراق خلال فترة الحصار، لذا أنصح السوريين بالاستعداد إلى ما هو أسوء، إن استمر الوضع على ما هو عليه”.
وكان “مخلوف” قد ألمح في وقتٍ سابقٍ، إلى شن حرب تستهدف الاقتصاد السوري، في حال استمرار من وصفهم بأثرياء الحرب، باستهداف شركاته، مشيراً إلى أن النظام لن يتمكن من تحمل التبعات الاقتصادية مع استهدافه لأملاك “مخلوف” وأمواله.
إلى جانب ذلك، يذهب المصدر إلى أن الوضع السائد خالياً داخل النظام، يقوم على أساس محاولة كل طرف من الأطراف المتنفذة جمع أكبر قدر من الأموال على حساب الآخرين، تحسباً لأي طارئ أو تبدلات على المستوى السياسي، موضحاً: “الأمر أشبه حالياً بالمهلة التي منحها حافظ الأسد لشقيقه رفعت لسرقة أسواق الصاغة في دمشق لمدة ثلاث أيام، فأركان النظام تركز الآن على جني أكبر قدر من الأموال، فهم حتى الآن لا يثقون بمسألة بقاء الأسد في السلطة لفترة طويلة”.
كما يخلص المصدر، الذي رفض الكشف عن هويته لأسباب أمنية، أن خلافات “الأسد – مخلوف” ليست الوحيدة داخل المنظومة الحاكمة، ولكنها الوحيدة، التي طفت إلى السطح، مشيراً إلى وجود أطراف أخرى في الأزمة، لا سيما في ظل ما يتردد داخل مؤسسات الحكم والعائلة عن رغبة “أسماء الأسد” بتمكين أقاربها من الحكم والإطاحة بالرؤوس القليدية من عائلتي “الأسد” و”مخلوف”.
أزمة قمح.. ومستوردات لن تصل
الخطر الأكبر الذي يهدد حياة المواطن السوري بشكل مباشر، وكما يحدده المصدر، يكمن في عدم قدرة النظام على تأمين المستوردات من المواد الأساسية، كالقمح والمحروقات، ما يعني فقدان تلك المواد وموجات غلاءٍ جديدة، لافتاً إلى وجود عاملين أساسين في تلك الأزمة، الأول يرتبط بندرة القطع الأجنبي اللازم لعمليات تمويل المستوردات، موضحا: “البنك المركزي فقد بشكل كبير موارد الدولار والعملة الصعبة، بسبب العقوبات وتوقف واردات النفط، بالإضافة إلى سيطرة الروس على معظم القطاعات الاستثمارات الحيوية، كما أن ما بقي من قطع أجنبي، يسيطر مسؤولي النظام على جزء كبير منه، في حين يصرف الجزء الباقي على العمليات العسكرية”.
وتعتبر أزمة الدولار الحالية، هي الثانية من نوعها خلال فترة حكم “آل الأسد”، كانت أولها في ثمانينيات القرن الماضي، عندما تعرضت سوريا لحصار اقتصادي أوصل سعر الدولار إل ما يقارب 50 ليرة، بعد أن كان الدولار الواحد يعادل 3 ليرات سوريا حتى عام 1970.
أما العامل الثاني في أزمة المستوردات، فيشير المصدر إلى أنه يرتبط بالعقوبات المفروضة على مؤسسات النظام ورجال الأعمال الموالين له، والذين سيكونوا عاجزين عن عقد أي اتفاقيات أو صفقات مع جهات خارجية لتأمين المستوردات.
وكانت حكومة النظام قد فشلت مطلع العام الحالي بتوقيع عقود شراء 600 ألف طن من القمح، بعد أن رست ثلاث مناقصات لذلك الغرض على رجال أعمال مقربين منه ومشمولين بالعقوبات الأمريكية.
فقدان القطع الأجنبي، وتركيز النظام على تجميعه، يعني بحسب تأكيدات المصدر، تأكيد وقوع الكارثة وحدوث أزمة جوع حقيقة، معتبراً أن الشتاء القادم سيكون واحداً من أقسى الظروف التي مرت على سوريا منذ الحرب العالمية الأولى، والمجاعة التي ضربت البلاد في تلك الآونة.
قانون قيصر وحوالات المعتربين
على الرغم من أن قانون قيصر، الذي أقره مجلس الشيوخ الأمريكي، يستهدف النظام وشركاته، إلا أن المصدر أكد على أن النظام يعد حالياً خطط لمواجهة ذلك القانون على حساب المواطنين من خلال المضاربات في صرف الدولار في السوق السوداء، ورفع أسعار حوامل الطاقة، وأسعار السلع الأساسية.
ويستهدف قانون قيصر، فرض عقوبات مشددة عل أركان النظام ومؤسسات الرسمية والمقربين منه، بالإضافة إلى فرض عقوبات اقتصادية قاسية على الجهات الخارجية والدولية التي تتعامل معه، ضمن أي عملية اقتصادية، وحرمانها من دخول السوق الأوروبية أو الأمريكية.
وهنا يلفت المصدر، إلى أن حكومة النظام بدأت تفكر بالالتفاف على العقوبات من خلال حوالات المغتربين واللاجئين لذويهم في الداخل، موضحاً: “بدأت قوات أمن النظام بحصر طرق الحوالات بالمكاتب المعتمدة من جهتها، والتي يتصرف بدورها قيمة الحوالة بحسب سعر الصرف المحدد من البنك المركزي بـ 704 ليرات سورية، الأمر الذي يمكن النظام من تحقيق أرباح أكبر من متلقي الحوالة ذاته، كونه سيعيد طرحها بأسعار السوق السوداء لتي وصلت إلى 2500”.
كما يشير المصدر إلى النظام يراهن على إجبار المغتربين على مواصلة إرسال الحوالات النقدية إلى ذويهم، على اعتبار أنها تمثل شريان الحياة الوحيد بالنسبة لهم، وأن انقطاعها يعني كارثة حقيقة وعجز للعائلات السورية في الداخل عن تأمين تكلفة الغذاء لأكثر من يومين في ظل أزمة الغلاء الحاصلة، في إشارة إلى وجود دورٍ لمؤسسات النظام في رفع الأسعار كوسيلة ضغط للحصول على أموال المغتربين.
وكانت تقارير إعلامية محلية، قد كشفت خلال اليومين السابقين عن تصاعد معدلات تجارة بيع الكلى في مناطق سيطرة النظام، لافتةً إلى وجود 7 سوريين في العاصمة دمشق، أقدموا على بيع كليتهم بمبلف وصل إلى 30 مليون ليرة، بسبب تردي الأوضاع المعيشة والاقتصادية.