على وقع التهديدات.. مفاوضات مسقط بين طهران وواشنطن تركز على النووي والعقوبات

مرصد مينا

أكدت وزارة الخارجية الإيرانية، اليوم الأحد، أن المفاوضات التي جرت بين إيران والولايات المتحدة يوم أمس السبت في سلطنة عُمان، اقتصرت على مناقشة ملف البرنامج النووي الإيراني وسبل رفع العقوبات الغربية المفروضة على طهران، نافية شمولها لأي قضايا أخرى.

وفي بيان رسمي، أوضح المتحدث باسم الوزارة أن الجولة الثانية من هذه المحادثات قد تعقد في موقع مختلف، إلا أن سلطنة عُمان ستبقى الوسيط الرئيس بين الطرفين، في إشارة إلى استمرار الدور المحوري لمسقط في تسهيل التواصل بين الجانبين.

تأتي هذه التصريحات بعد محادثات نادرة عقدت في العاصمة العمانية مسقط، والتي قادها من الجانب الإيراني وزير الخارجية عباس عراقجي، أحد مهندسي الاتفاق النووي لعام 2015، بينما ترأس الوفد الأميركي ستيف ويتكوف، مبعوث الرئيس دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط، ورجل أعمال بارز في مجال العقارات.

وقال عراقجي للتلفزيون الإيراني إن الولايات المتحدة أعربت عن رغبتها في التوصل إلى اتفاق “في أقرب وقت ممكن”، لكنه أشار إلى أن تحقيق ذلك يتطلب استعداداً وتنازلات من الطرفين.

وأضاف أن اللقاءات شهدت “تقارباً واضحاً في وجهات النظر بشأن أسس التفاوض”، مشددًا على أن بلاده لا تسعى لمفاوضات عبثية أو مطوّلة بلا جدوى، بل تهدف إلى اتفاق عادل ومحترم.

من جانبه، البيت الأبيض وصف المفاوضات بأنها “خطوة للأمام”، حيث أكد في بيان رسمي أن اللقاء المباشر مع المبعوث الأميركي يمثل تقدماً في سبيل تحقيق نتيجة متوازنة، معلناً اتفاق الطرفين على عقد جولة جديدة من المحادثات يوم السبت المقبل.

وتولى وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي الوساطة المباشرة بين الوفدين، وأكد أن المناقشات جرت في “أجواء ودية” هدفها التوصل إلى “اتفاق ملزم وعادل”، مضيفاً أن الجهود ستتواصل لتقريب وجهات النظر.

ولم تشهد العاصمة العمانية أي مظاهر أمنية استثنائية خلال اللقاء، حيث أُجريت المحادثات داخل فندق البستان الفخم بهدوء، دون رفع أعلام أو اتخاذ إجراءات أمنية ملحوظة.

وقال ويتكوف في تصريح لصحيفة “وول ستريت جورنال” إن الموقف الأميركي لا يزال يطالب إيران بتفكيك برنامجها النووي بالكامل، رغم إدراك واشنطن أن طهران قد ترفض هذا الشرط، مضيفاً أن بلاده لا تستبعد “التوصل إلى تسوية” تحقق الأهداف الأمنية الأميركية، وعلى رأسها منع إيران من تحويل قدرتها النووية إلى طابع عسكري.

وجاء إعلان هذه المحادثات بشكل مفاجئ من قبل الرئيس ترامب قبل أيام، حيث قال من على متن الطائرة الرئاسية إنّه يريد أن يرى إيران “دولة عظيمة وسعيدة، ولكن من دون امتلاك سلاح نووي”.

من جهته، أكد علي شمخاني، مستشار المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، أن بلاده منفتحة على اتفاق “واقعي وعادل”، كاشفاً عن وجود “مقترحات قابلة للتطبيق” باتت جاهزة من الجانب الإيراني.

ورغم رغبة طهران في التخفيف من وطأة العقوبات الاقتصادية الخانقة، إلا أنها لا تزال ترفض نهج “الضغوط القصوى” الذي تبنّته إدارة ترامب، محذرة من أن أي تصعيد عسكري أو تهديدات قد يدفعها إلى اتخاذ خطوات تصعيدية، من بينها طرد مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

يأتي ذلك في وقت تتصاعد فيه التهديدات الأميركية والإسرائيلية بشأن الخيار العسكري في حال فشل المسار الدبلوماسي. فقد قال ترامب صراحة إن اللجوء إلى القوة “سيكون مطروحاً” إذا لم تنجح المفاوضات، وهو ما ردّت عليه طهران بتلويحات بإجراءات مضادة.

وكان الاتفاق النووي المبرم عام 2015 قد شمل إيران والقوى العالمية الكبرى: الولايات المتحدة، الصين، روسيا، فرنسا، المملكة المتحدة، وألمانيا. وبموجبه وافقت طهران على تقييد أنشطتها النووية مقابل رفع العقوبات الاقتصادية عنها، إلا أن واشنطن انسحبت منه من جانب واحد في 2018 خلال ولاية ترامب، ما دفع إيران لاحقاً إلى تقليص التزاماتها تدريجياً.

وفي تقريرها الأخير، أعربت الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن “قلق عميق” إزاء مخزونات إيران من اليورانيوم المخصب، والتي بلغت بحسب تقديراتها 274.8 كيلوغراماً عند مستوى تخصيب 60%، وهي نسبة تقرّب إيران نظرياً من العتبة المطلوبة لصنع سلاح نووي (90%).

Exit mobile version