مرصد مينا
هو السؤال:
لماذا سوريا ولبنان؟
واستكمالا: لماذا يحلّ بهما الخراب؟
ثمة من يختزل الإجابة بـ “لأنهما جارتا إسرائيل”، والأمر كذلك لأن سوريا حاضرة تاريخية و “دولة”، فيما لبنان تاريخ المجتمع الأهلي المتعدد، وبالتالي العلمانية، وكلتاهما ينافسان إسرائيل على المركز شرقي المتوسط، وبذلك لابد من تصحيرهما… الأول ونعني سوريا تصحيرها عبر نظام سياسي هو تزاوج العنف مع الفساد والثاني الفساد بتزاوجه مع “الطائفة”، ما جعل بلداً مثل سوريا لعبت دور المركز طوال حقب تاريخية أن تتحوّل إلى بلد هامشي لا يعدو أن يتحول إلى خرابة، فيما ساقت لبنان إلى حرب أهلية ما أن توقفت حتى انتعش ملوك الطوائف فيها ومعهم انتعش الفساد ومع الفساد استحالة التحوّل من “مجتمع أهلي” إلى “دولة”، وهكذا استأثر بسلطة البلدين حزبان الأول مسخ الدولة باسم القومية، والثاني مسخ المجتمع الأهلي باسم الإسلام، فكان “الأسد أو نحرق البلد” في سوريا فيما حلّ “حزب لله” محلّ القوى الوطنية اللبنانية آخذاً البلد إلى ثقافة “الحزام الناسف”، وما حوّل البلد من مطبعة الشرق إلى بلد مؤقت، الباحثون فيه عن المغادرة أضعاف القابلين بالعيش فيه، ولكلا البلدين ما يماثل إسرائيل وينافسها عليه:
ـ سوريا تنافس إسرائيل بعسكرة المجتمع وتحويل البلد إلى ثكنة.
والثاني ينافس المتطرفين الإسرائيليين، ويرقصون للوعد، الأول للمسيح المنتظر والثاني للمهدي الذي لن يطأ أرضاً إن لم تكن خربة.
وفي كلا الطرفين المتنافسين تنتصر إسرائيل، مرة بالعسكرة، وثانية بالتطرف العقائدي، فيما تضيع قيم الاستقلال الوطني عن كل من سوريا ولبنان، ما حول سوريا إلى بلد مُقسّم تتناهشه لعبة الأمم، فيما جعل لبنان تنتفل من بوابة سفارة إلى عتبة سفارة أخرى، وهكذا باتت الدولتان، دولتا الهويات الضائعة، الأولى مقسّمة موضوعياً، والثانية على طريق التقسيم مادامت قبضة حزب الله تطوّق عنقها، وبعد ذلك يأتي السؤال:
وماذا عن إسرائيل والصراع معها؟
والإجابة بالغة الوضوح، فصواريخ الثكنة السورية اختبرت في تدمير سوريا ولم تصب هدفاً في إسرائيل، أما قوّات حزب الله وأناشيدها، فهذه حرب غزة تقول بالفم الملآن أنه ما من جبهة مفتوحة على إسرائيل، وبالنتيجة فما إسرائيل سوى الذريعة للأول، كما الذريعة للثاني وكلا الذريعتين تأخذا دلالتهما من “الصراع مع إسرائيل” وهو الصراع الذي لم يحدث، ولن يحدث، فإذا ما كان “يهوا” هو إله إسرائيل فما عليه سوى أن:
ـ يشكر سوريا الأسد في مواعيد الصلاة كلّها ومعه أن:
ـ يشكر حزب على نصرته.