مرصد مينا
تصدر خبر إحباط الأردن لمحاولة إيران لنقل أسلحة إلى المملكة لتنفيذ أعمال تخريبية وسائل الإعلام خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية.
وكاننت مصادر أكدت لوكالة رويترز أن “الأسلحة أرسلتها فصائل في سوريا مدعومة من إيران إلى خلية تابعة لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن، لها صلات بالجناح العسكري لحركة حماس”.
محللون سياسيون أردنيون أشاروا إلى أن تستهدف نشر البلبلة وزعزعة الأمن في المملكة، التي تعد حليفا للولايات المتحدة، مستبعدين في الوقت نفسه القول بأن “إيران تستهدف النظام الملكي في الأردن، أو إنها قادرة فعلا على ذلك”.
الكاتب والمحلل السياسي الأردني، مالك العثامنة، أشار إلى وجود “جناح متشدد في إيران يقود العمليات الخارجية وأن طهران تستهدف “أمن الأردن، إذ أن نشر الفوضى يخدم مصالحها، المتزامنة مع تصريحات لافتة من حماس ومتكررة لتأجيج الشارع الأردني وذلك لغايات تخفيف الضغط على ما تتعرض له في غزة”.
وأعاد التذكير بتصريحات من قادة في حركة حماس قبل أسابيع تضمنت دعوة الشعب الأردني للزحف إلى الحدود مع إسرائيل، إذ طالت الاتهامات حينها حركات إسلامية أردنية بتأجيج الاحتجاجات، فيما اعتبر البعض أن من يقف خلفها جهات موالية لإيران تريد العبث باستقرار الأردن.
وقال العثامنة بحسب موقع الحرة إن “علينا ألا ننسى أن الأردن يخوض حربا حقيقية سبقت الحرب على غزة، على حدوده الشمالية والشرقية مع وكلاء طهران في عمليات التهريب للمخدرات التي تستهدف العمق الإقليمي العربي كله، وتهريب الأسلحة، ناهيك عن حديث عن تهريب البشر”.
من جهته وصف معاذ الخوالدة الناطق الإعلامي باسم جماعة الإخوان ما أوردته رويترز بأنه “غير صحيح ومستهجن ويتنافى مع الحقيقة” موضحا أن موقف جماعة الأخوان المسلمين لا “لبس فيه وبشكل صريح، بالتزامنا بأمن واستقرار الأردن منذ عقود”، مستغربا “الزج باسمهم في هذا الأمر”.
وأضاف بحسب المصدر نفسه أن الإخوان “لا علاقة لهم بإيران أو ميليشياتها، وموقفها تجاه النظام الأردني، ومؤسسة العرش بوجود العائلة المالكة، وهو واضح من خلال وثيقة الفكر السياسي التي صدرت قبل سنوات”، مشيرا إلى وجود “علاقة رشيدة حكيمة بينهم وبين السلطات الأردنية المختلفة”، ومشددا على أن الجماعة “جزء من النسيج الاجتماعي والسياسي في المملكة” حسب تعبيره.
بالمقابل أكد ممثل بارز لللإخوان في الأردن بحسب ويترز أن بعض أعضاء الجماعة اعتقلوا، في مارس، وبحوزتهم أسلحة، لكنه قال إن أيا كان ما فعلوه لم يكن بموافقة الجماعة، مضيفا أنه يعتقد أنهم كانوا يهربون الأسلحة إلى الضفة الغربية وليس بهدف تنفيذ عمليات في الأردن. حسب تعبيره.
كما قال ممثل الجماعة الذي طلب عدم ذكر اسمه نظرا لحساسية الأمر: “هناك حوار بين الإخوان والسلطات. إنهم (السلطات) يعلمون أنه إذا كانت هناك أخطاء فلم تصدر عن جماعة الإخوان المسلمين، بل عن أفراد فقط وليست من سياسة جماعة الإخوان”.
وقال قيادي آخر في الجماعة طلب عدم الكشف عن هويته للوكالة ذاتها إن أعضاء الخلية الذين تم اعتقالهم كانوا ممن تم تجنيدهم من قبل نائب رئيس المكتب السياسي لحماس، صالح العاروري، الذي كان العقل المدبر لعمليات حماس في الضفة الغربية من منفاه في لبنان. وقتل العاروري في ضربة جوية بطائرة مسيرة في بيروت، في يناير، وهو هجوم يعتقد على نطاق واسع أن إسرائيل نفذته.
في السياق نفسه قالت مديرة الدراسات الإيرانية، آليت سافيون، في معهد ميميري إن “خطة إيران الكبرى تركز على هدف مباشر في إسقاط النظام الأردني، بمجرد حصول طهران على أقصى فائدة على الجبهة القتالية عبر حزب الله” مشيرا إلى ترحيب “الميليشيات الموالية لطهران خلال الفترة الماضية، بتصاعد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الأردن، وأعربت عن رغبتها في فتح جبهة جديدة ضد إسرائيل من الحدود الأردنية”.
وعن تأخر السلطات الأردنية في الإعلان عن العملية الايرانية أوضح العثامنة: “تأخُّر الرد الأردني، أو الإعلان عن مثل هذه الأمور شيء اعتيادي في المملكة، من قبل السلطات الأمنية التي لم تعتد الإعلان المباشر عن عملياتها النوعية تلك، إلا بعد أن تستنفد تحقيقاتها وتحقق المطلوب منها معلوماتيا”.
واستطرد بأن لديه “قناعة مبنية على تسريبات ومعلومات اطلعتُ عليها قبل عامين، أن في جعبة أجهزة الأمن الأردنية الكثير من المخفي، والذي ربما ترتئي الأجهزة الرسمية حكمة في إخفائها وأحيانا توظيفها في قنوات خلفية لمصلحة المملكة”.
مصدران أردنيان طلبا بحسب رويترز قالا إن المؤامرة كانت تستهدف زعزعة استقرار الأردن الذي يمكن أن يصبح نقطة توتر إقليمية في أزمة غزة إذ يستضيف قاعدة عسكرية أميركية ويشترك في الحدود مع إسرائيل، وكذلك سوريا والعراق حيث توجد فصائل متحالفة مع إيران.
ولم يحدد المصدران الأسلحة التي تم ضبطها خلال العملية، في مارس، لكن قالا إن الأجهزة الأمنية أحبطت في الأشهر القليلة الماضية عددا من المحاولات من جانب إيران وجماعات متحالفة معها لتهريب أسلحة من بينها ألغام كلايمور ومتفجرات سي4 ومتفجرات سيمتكس وبنادق كلاشنيكوف وصواريخ كاتيوشا عيار 107 مليمترات.
وتابعا “(في) شهر يونيو عام 2023 صاروا يهربوا أسلحة وزادت كتير وفي منهم ألغام فردية ومتفجرات زي (مثل) السي4 ومسدسات غلوك وآخر شي هربوا كاتيوشا 107 ملم”.
من جهته قال المحلل السياسي الإيراني، حسين روريان كثيرا ما تصدر اتهامات بأن إيران هي من يقف وراء تهريب المخدرات أو الأسلحة عبر الحدود الأردنية، مؤكدا أنها “اتهامات سياسية لا صحة لها، وغير مقبولة” حسب تعبيره.
وقال روريان إنه “لا يريد الإنكار، بأنه قد يكون هناك تهريب أسلحة تستهدف الوصول للضفة الغربية، إذ لا يمكن التغاضي عن الإبادة الجماعية القائمة للفلسطينيين في غزة والضفة الغربية”.
وأضاف روريان”من المستغرب لدول احتضنت غرف عمليات لإدارة الأزمة والحرب في سوريا في سنوات سابقة، وكانت تمر عبرها الأسلحة بشكل دوري، أن تأتي حاليا، وتتهم إيران جزافا بأنها تهرب الأسلحة إليها” بحسب قناة الحرة الأمريكية.
وقلل من الاتهامات بوجود أولوية إيرانية “لاستهداف النظام الملكي الأردني، مؤكدا أنها ليست ضمن أهدافها أو أولوياتها، وأي تغيير للنظام السياسي الأردني ليس شأنا إيرانيا”. حسب تعبيره.
من جهته قال عامر السبايلة، وهو أكاديمي أردني ومحلل جيوسياسي، منذ مارس الماضي شهدت الساحة الأردنية “محاولات للتصعيد في الداخل، حيث سعت طهران عبر تصريحات ميليشيات موالية لها لتحويل الساحة الأردنية منطقة عالية التوتر”.
وأضاف كانت هناك العديد من التصريحات التي كانت واضحة باستهداف المملكة “وإحداث صدام في الداخل الأردني”، وهو ما سيخدم أهداف جيوسياسية لإيران التي أصبحت في “مواجهة مفتوحة مع إسرائيل”. بحسب المصدر نفسه.
وفي مطلع أبريل الماضي، قال أبو علي العسكري، وهو المسؤول الأمني في كتائب حزب الله العراقية، المدعومة من إيران، في بيان إن “المقاومة في العراق أعدت عدتها لتجهيز المقاومة الإسلامية في الأردن بما يسد حاجة 12 ألف مقاتل من الأسلحة”.
ويؤكد السبايلة أن “النموذج الأردني، يمثل تحديا أمام طهران، فهو الوحيد الذي يقوم على نظام قائم، فيه مؤسسات وسلطات واضحة لا لبس فيها، ولا يمكنه العبث باستقرارها”. بحسب المصدر نفسه.