مرصد مينا
ما أن تُلفظ “عين الحلوة” حتى يكون الحضور لرسام الكاريكاتير ناجي العلي، وكأن اسمه ملتصق بها كما القضية الفلسطينية بزهوها في الوجدان العربي والعالمي، دون الالتفات إلى أن اغتيال ناجي العالي واكب اغتيال “القضية” كل القضية وقد تحوّلت إلى اقتتال فلسطيني / فلسطيني، وسلطتين واحدة للناعس أبو مازن محمود عباس، وموازية لحماس وغزة، وجبهة مفتوحة ما بين السلطتين بمواكبة إقليمية سمحت ليكون لكل منهما مرجعيته، وبالتأكيد ليست فلسطين.
ما يعانيه فلسطينيو الشتات وحصراً فلسطينيو لبنان، هو أنهم بائسون ضمن حزام بؤس ليتضاعف بؤسهم ويزيده الاقتتال الفلسطيني في المخيمات وقد يتنقل ما بين مخيم ومخيم.. من نهر البارد إلى ويفل إلى عين الحلوة، ولكل من الجهات المقتتلة مشروعها على الأرض المضيفة، أما الأرض المضيفة فهي الأرض التي:
ـ تحرم الفلسطيني من مزاولة ٩٩ مهنة وحرفة، بذريعة دفع الفلسطيني إلى العودة.
وحين يشتبك المخيم مع المخيم، فعلى الجيش أن يطفئ نار القنّاصات والدوشكا، ليزج بالجيش اللبناني في معركة ليس له ولا من حقه الاختيار مع أي طرفي القتال سيكون وبمواجهة من منهما، فيما من حقه أن يُصاب له جندي أو يُقتل ضابط من صفوفه، والسياسيون يجلسون على حافة النهر بانتظار الجثة.
إذا تدخل الجيش، فعليه التضحية برجاله أو التضحية بسمعته، وإن وقف على الحياد طولب بما لا بوسعه، والاشتباكات تتصل فإن لم يكن اليوم فبالغد، وقد بات المخيم موئلاً لـ “فتح” ليس لها من تاريخ فتح في لبنان سوى تاريخ “فتح لاند”، ولفصائل إسلامية تتبدّل أسماؤها ولا تتبدل مشاريعها، ومن بين الأسماء ما يمكن أن يُنسب لقاطع طريق بما يجعل من المخيم صندوق باندورا نعرفه مغلقاً دون أن نعرف ما في جوفه.
هذا في لبنان، أم ما وراء الحدود، فلا أبو مازن يصحو من غيبوبته ويشتغل على تسوية داخل المخيم، ولا إسماعيل هنية يتنازل عن شعاراته وعقيدته القتالية بما يسمح له أن يكون جامعاً فلسطينياً أو قاسماً مشتركاً يوفر على المتحاربين بعض الدماء ليرسم للمخيم صيغة تسمح له بأن يكون ضيفاً في بلد يضوج من ثقل الضيوف، وهكذا تستمر لعبة المعركة وصولاً لاستخدام الصواريخ التي قد تعبر المخيم وصولاً إلى مدينة صيدا بما يحوّل المخيم إلى مساحة على عداوة مع المحيط ليتضاعف الألم الفلسطيني، بعد أن كان ألماً قاتلاً في صيغة لم تسمح للفلسطيني الطبيب بأن يكون طبيباً وهو يسكن في هامش كل ما يمنحه صفة “عتّال في الميناء” أو عامل تنظيفات في ناصية من بيروت المدينة أو صيدا المدينة او سواهما من المدن التي لا ترحب بالمخيم على كتفها.
من نهر البارد إلى عين الحلوة، الاقتتال الفلسطيني/ الفلسطيني يتنقل، ولكن بلا “حنظلة” وناجي العلي.
يتنقل على أكتاف “زعران المخيمات” الذين استبدلوا فلسطين بهدر الدم الفلسطيني.
فتح فقدت صلاحيتها، والتنظيمات الإسلامية ترى في القتل وعد بـ “حورات” وعسل، وعلى الدوام ثمة من يعتقد أن مجمل الحكاية أن في المخيم تنظيمات متطرفة دون النظر إلى أي علاقة لقائد المخابرات الفلسطينية ماجد فرج بما يجري اليوم، رغم علمهم بأن تثبيت وقف إطلاق النار يحتاج إلى قرار منه شخصياً. فهو الآمر الناهي الذي تفوق سلطته على الأرض سلطة السياسيين من عزام الأحمد إلى محمود عباس.. الناعس.