fbpx

غودو.. مدخنة الكابيتول

وكأنما مرسوم للعالم أن يقف على قدم واحدة لنصف سنة كل أربع سنين بانتظار الدخان الأبيض من المدخنة الأمريكية:

 ـ تفوز هيلاري كلينتون، أو يفوز دونالد ترامب.

ـ يفوز ترامب أم سيكون الفوز لمنافسه بايدن.

ومع تنبؤأت الفوز أو السقوط، تنبؤات بانكسار الآمال أو نشوتها، مع أن الإدارة الأمريكية ليست رئيسًا، فهي كونغرس وأجهزة استخبارات لايشق لها غبار، وهي مراكز أبحاث وأدمغة، وهي وول ستريت، وهي تراكم من مؤسسات دولة استثمرت في الديمقراطية حتى جابت أساطيلها العالم واستقوت جيوشها على كل الجيوش، بما يجعل من الرئيس مفتاحًا وليس بابًا، وقوة ناعمة لايسعها منافسة القوى الخشنة ولا القوى الناعمة الأخرى المختبئة في الصناديق السوداء التي تقرر مصائر العالم بدءًا من فايروس، وصولاً لحرب زواريب.

العالم اليوم بانتظار الرئاسة الأمريكية ومن سيخرج منها سالمًا معافى.. بايدن أم ترامب، والمرجّح أن يكون ترامب هو الفائز، فيما العالم مازال يعيش تحت نيران:

ـ التدخلات الايرانية في الخليج العربي وفي حرب اليمن وتهديده المتصل للملاحة فيه.

ـ الصراع العربي الإسرائيلي، الذي كلما ارتسمت نهاياته يأتي من يقوّضه ويحدث اختراقات فيه.

ـ المسألة السورية بتشابكاتها وتعقيداتها.

ـ الاحتمالات اللبنانية التي لاتتوقف عند حد، وليس من حل واضح في أفقها.

ـ الصراع الصيني ـ الامريكي.. بضاعة وسلاحًا ومختبرات الحرب على الفايروس.

ـ التطلعات التركية في “المتوسط” بدءاً من فجوات الغاز فيه وصولاً لنظرية “الوطن الأزرق” التي يعتمدها أردوغان وهو ينسج رداءه الامبراطوري.

ـ الوجود الروسي في “المتوسط”.. حدوده وإلى أين سيمضي.

ـ المشروع الإسلامي القائم على تقويض الدولة الوطنية لحساب العصابة وتأثيراته على العالم وتحديدًا على المجموعة الأوربية.

ـ المجموعة الأوربية ومكانتها في عالم اليوم والتصدعات والشيخوخة التي أصابتها.

وكلها عناوين، كل منها قادر على إحداث خراب في هذا العالم الذي لم يتبق من منطقة فيه إلاًّ ولحقها الخراب، بما فيها الولايات المتحدة التي شهدت ما يشبه حرب أزقة أعقاب النشوة العنصرية التي احتلت شوارعها وانطفأت وليس بعيدًا أن تعود.

العالم بانتظار الانتخابات الأمريكية، وكل المسائل في الثلاجة لغاية جلاء الصورة والتأكد ممن سيحتل كرسي الكابيتول.

حدث ذلك مع رئاسة ريغان، وحدث مع رئاسة كلينتون، وقبلهما مع رئاسة آيزنهور بزمان طويل، واليوم مع رئاسة ترامب، ومع كل رئاسة سابقة على هذه وتلك، وعلى ماسيأتي من رئاسات، واليقين اليقين، أن التاريخ الأمريكي يمشي بمحركاته الخاصة به، أما الرئيس فهو يعجّل أو يؤجّل ولا يصنع تاريخًا.

واليوم؟

ماذا لو فاز ترامب؟

ـ هل سينزع العمامة عن رأس خامنئي ويقول له:

ـ توقف عن توليد الهباب إلى هذا الشرق؟

ـ هل سيقطع الطريق على حزب االله ويقوّض دولته في لبنان وقد باتت مسلخًا للدولة وزريبة لجمهوره؟

ـ هل سيوقف الاحتراب الليبي ـ االليبي ويقول لليبيين هذه مواردكم تمتعوا بها، وتوقفوا عن القتل والقتل المضاد؟

ـ هل سيقول لبشار الأسد كفى بلاهة.. تنحّى وكفّ عن تهريب السوريين بالثلاجات إلى مقابر اللجوء؟

ـ هل سيحوّل عالم الحروب الى عالم السلام.. التعايش.. طريق الملح بديلاً عن طريق البارود؟

العالم ينتظر.

ـ غودو في الخيال.. غودو لن يخرج من مدخنة الكابيتول.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى