فاسد يبيع بضاعة فاسدة لثالث فاسد، هو ذا ملخص المصالحة التركية السورية، فالرئيس طيب أردوغان، يشتغل اليوم على كونه البوابة الخلفية التي تركتها أنقرة لموسكو، وهي البوابة الضرورية للحرب الروسية الاوكرانية، فلطالما كانت الحروب تستدعي فتح بوابات كهذه، ذلك أن حشر روسيا وأغلاق كافة المنافذ عليها لابد وتعني تهورًا روسيًا قد يطيح بالعالم، فكانت البوابة التركية، وهذا ما دفع الروس للاستثمار في اللحظة، ومنح أردوغان مايكفي لـ :
ـ تخطي المعارضات التركية بخصوص موضوع المهاجرين السوريين عبر سلب شعارهم، وهو أمر بالغ الحساسية في لعبة الانتخابات الرئاسية المقبلة.
ـ ضرب مواقع “قسد” في شمال شرقي سوريا، بالتعاون مع النظام في دمشق، والمسألة الكردية مازالت تقض مضاجع الرئيس التركي.
أما البضاعة الفاسدة، فلابد وتتصل بالمعارضة السورية المقيمة في تركيا، وتعبيرها في الائتلاف، وهو المؤسسة التي تحوّلت إلى عار بالنسبة للسوريين الذين غرقوا بالدماء فكانت هذه المؤسسة وسواها من مؤسسات المعارضة، هي الجهة التي استثمرت في هذه الدماء بما جعل فسادها يطغى على فساد النظام.
أما الفاسد الثالث، فلابد أنه نظام الأسد، وقد أضاف إلى المجازر وكمّ الأفواه، إدارة ذهبت بالبلاد إلى حدود المجاعة، ولابد أنه يبحث عن نافذة في الطوق الدولي المفروض عليه، ومعها سيكون سهلاً عليه أن يشتري البضاعة الفاسدة دون أية تكلفة، فمؤسسات المعارضة جاهزة لهذه النقلة.
ثالوث الفساد إياه لابد وسيواجه معادلات عصية على التجاوز، وأوّلها ما يتصل بالمهجّرين السوريين، وحكاية عودتهم إلى البلاد، ليضافوا إلى المجاعة، ولابد أنهم سيضافون كذلك إلى الأصوات المنادية بإسقاط النظام، اقلّه بسبب المجاعة التي ستحل بهم، هذا عداك عن كون معظمهم من المطلوبين للأفرع الأمنية دون نسيان حزمة احكام الإعدام التي ستطال معظمهم، فإن لم يكن الإعدام فستكون التضييقات الامنية الاشبه بالإعدام، وهؤلاء لابد ويضافون إلى احتياط ثورة مقبلة في سوريا، وهو مالا يرغب به الرئيس السوري، فيما تضغط موسكو لقبوله، تمهيدًا لنظام بديل عن نظام الأسد، بعد استنفاذ أسباب هذا النظام.
المسألة لاكثر تعقيدًا ستكون في كيفية مواجهة “قسد” والقوات الكردية في شمال شرقي سوريا، فقوات “قسد” لن تستسلم لا للجيش التركي ولا الرديفه إن كان من قوات الأسد، ما سيجعل المجزرة السورية المقبلة، تتخطى سابقاتها من مجازر.
كل ذلك لن يأتي عبر حلول سياسية تمنح سوريا صياغة جديدة لنظام جديد يتصالح من الناس، ويؤمن الشرط الضروري للحياة، وهذا ما يدركه النظام حتى لتبدو المصالحة مع تركيا بالنسبة اليه، فعل اغتصاب صاغه الروس، وزج به النظام، مايعني أن ثمة مرحلة انتقالية ستشهدها سوريا، لابد وتمتد بعيدًا في الدماء، وهي مرحلة تؤجل المطامح التركية التوسعية في سوريا، ولكن لاتلغيها، فإذا ما انجزت مراحلها الاولى، فستكون بمرحلتها اللاحقة طريقًا مفتوحًا لتركيا، لتستعيد الأراضي التي انسحبت منها، وتحت شعار وقف القتل.
الثالوث، يشتغل وفق التالي:
تركيا تفتح نافذة لروسيا متخطية الحصار على الروس، وهو مطلب لم يخل من قبول أمريكي,
روسيا تستثمر في هذه النافذة عبر “ممرات القمح والغاز”.
أما النظام في سوريا فسيشتري مالايملك، في بازار البيع والشراء.