أثارت طريقة تعامل بعض البلديات في تونس مع جثث المهاجرين الأفارقة الذين لقوا حتفهم غرقا مقابل السواحل التونسية حالة استياء واسعة في أوساط التونسيين، وخاصة بعد أن تم نقل جثثهم عبر شاحنات كبيرة عادة ما يتم نقل النفايات فيها، ليتم دفن الجثث بعد ذلك في مقابر جماعية، ويبلغ عددهم 82 جثة كانت قوات الحرس البحري التونسية قد انتشلت جثثهم بعد أن لفظهم البحر جنوب البلاد.
من جهة أخرى ردت بلدية منطقة “دخيلة توجان” على صفحتها الخاصة على موقع الفيس بوك تعقيبا عن حالة الاستياء ضدها أنه وبعد “التشاور مع بعض المواطنين، والمجتمع المدني تبين لنا وجود خلاف، واختلاف في وجهات النظر حول دفن جثث المهاجرين الافارقة في مقبر دخيلة توجان، وتجنبا للاختلاف رفضت البلدية دفنهم في مقابرها”.
كما أن عدد من البلديات رفضت بحسب ما قالته مصادر محلية لـ “مرصد الشرق الأوسط وشمال افريقيا الإعلامي” دفن جثث المهاجرين الأفارقة الذين غرقوا قبالة سواحل تونس الجنوبية لأسباب لم تعلن عنها البلديات رسميا، إلا أن ناشطون أرجعوا السبب الحقيقي لعدم الدفن إلى أن الغرقى هم من “غير المسلمين”، ولهذا السبب قام مسؤولون لدفنهم في منطقة جرجيس في مقبرة تسمى “مقبرة الغرباء” ليلة السبت 13 من شهر تموز/ يوليو الجاري.
وأدان المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية طريقة التعامل مع الجثث مشيرا أن ما حدث بعد انتشال الجثث في سواحل جرجيس، وجربة ونقلها إلى مشفى قابس، ليتم بعدها البحث عن أماكن تقبل بدفنهم هو أمر “مخجل من حيث التعامل مع الذات البشرية بعد الموت” مذكرا أنه ومنذ عام 2016 قد وجه مراسلات للسلطات المركزية في تونس لتتحمل مسؤولياتها “في إيجاد مقابر لجثث المهاجرين”.
وجاء في بيان للمنتدى أن نقل جثث المهاجرين في “شاحنات معدة أساسا لنقل الفضلات إضافة إلى محاولات عديد من البلديات للتخلي عن مسؤولياتها الانسانية والاخلاقية في إيجاد مكان لائق للدفن”.
وطالب المنتدى التونسي القيام بجمع المعلومات التي تتعلق بالمهاجرين الغرقى، وتسجيلهم في قواعد بيانات مركزية يمكن الوصول إليها من قبل جميع المؤسسات التونسية التي لها علاقة بالأمر؛ لتتمكن عائلات الغرقى فيما بعد من التعرف على مصير أولادهم.
ورحب أيضا بأخذ عينات من الحمض النووي للجثث لتتمكن عائلات المفقودين من التعرف على أبنائهم في مرحلة لاحقة، مضيفا أنه “يدرك معاناة عائلات المفقودين من جميع الجنسيات من أجل معرفة مصير أبنائهم”.
قالت منظمة الهلال الأحمر جنوب تونس:”إن عدداً من المناطق البلدية بولاية قابس رفضت دفن عدد من جثث المهاجرين الغرقى الذين جرى انتشالهم في السواحل الجنوبية”.
كما قال رئيس منظمة الهلال الأحمر بولاية مدنين المنجي سليم لوكالة الأنباء الألمانية (د. ب. أ) :”تمكنا من دفن 16 جثة في مرحلة أولى ثم 18 جثة أخرى في مقابر بقابس لكن الوالي أعلمنا أن عددا من البلديات رفضت دفن جثث في مقابرها”.
وتابع سليم حديثه:”بعض البلديات تعللت بانتظار اتخاذ المجلس البلدي قراراً في ذلك بينما أعلنت بلديات أخرى أن المقابر مخصصة للمسلمين”.
وكانت “وحدات الحرس البحري التونسي” قد عثرت على غالبية الجثث في سواحل جرجيس وجزيرة جربة لكن جرى نقلهم إلى قابس التي تبعد حوالي 100 كيلومتر لعرضهم على التشريح الطبي والتحليل الجيني.
من جانبه استنكر “المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية”، ما قامت به بلدية جرجيس من دفن جماعي في حفرة واحدة لجثث المهاجرين.
معتبراً أن ما وقع أثناء انتشال الجثث ونقلها نحو “مستشفى قابس” والبحث عن أماكن للدفن، أمر مخجل من حيث التعامل مع الذات البشرية بعد الموت، حيث تم نقل عديد من الجثث في شاحنات معدة أساسا لنقل الفضلات، إضافة إلى محاولات عديد البلديات التخلي عن مسؤولياتها الإنسانية والأخلاقية في إيجاد مكان لائق لدفن الجثث المذكورة”.
ويتعهد نشطاء مجتمع مدني في بلدية “جرجيس” بدفن جثث المهاجرين التي تصل إلى شواطئها، لكن العدد هذه المرة على ما يبدو كان كبيراً جداً.
مرصد الشرق الأوسط وشمال افريقيا الإعلامي