
مرصد مينا
لم تعد مواكب الزفاف وحدها تُختتم بها القصص العاطفية والسعادة للفتيات في المغرب، بل أصبحت الكعكة السوداء وأجواء الرقص والاحتفال تمثل بداية جديدة للعديد من النساء المغربيات بعد الانفصال.
في الآونة الأخيرة انتشرت ظاهرة تنظيم “حفلات الطلاق”، التي توثق بالصوت والصورة وتنشر على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تظهر النساء يحتفلن بالانفصال كما يحتفلن بالزواج.
تتضمن تلك الحفلات قوالب حلوى من الشوكولاتة مكتوب عليها عبارات مثل: “مطلقة وأفتخر”، فيما ترتفع أصوات الزغاريد والضحكات، وسط أجواء مليئة بالرقص والمرح، في مشهد كان إلى وقت قريب يعتبر من المحرمات في المجتمع المغربي.
لكن في عمق الثقافة الصحراوية المغربية، لم يكن الطلاق يوماً وصمة عار. تقول أمينة تو، سيدة صحراوية في الستينات من عمرها، إن قبائل الجنوب وسوس والأطلس لطالما نظرت للمرأة المطلقة باعتبارها فرداً فاعلاً في المجتمع، لا يُقصى ولا يُعزل.
وتضيف في تصريح صحافي أمس الإثنين :”في مجتمعنا، استقبال المطلقة بحفل عند عودتها ليس جديداً. إنه احترام لها وإعلان عن بداية مرحلة جديدة في حياتها”.
وفي تحليله لهذه الظاهرة، اعتبر أستاذ علم الاجتماع المغربي فؤاد بلمير، أن هذه الحفلات تمثل تحولاً ثقافياً عميقاً في المجتمع، إذ لم يعد يُنظر إلى الطلاق كفشل، بل كفرصة للتحرر الشخصي وإعادة بناء الذات، خاصة للمرأة.
ويرى بلمير أن منصات التواصل الاجتماعي لعبت دوراً أساسياً في هذا التحول، عبر منح النساء فضاءً حراً للتعبير عن تجاربهن، وكسر الحواجز الاجتماعية، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن هذه المظاهر الاحتفالية قد تخفي أحياناً ألماً داخلياً، أو تكون مجرد طريقة لمقاومة الوصمة الاجتماعية.
ويؤكد الباحث المغربي أن هذه الظاهرة ليست جديدة بالكامل، بل لها جذور ممتدة في بعض التقاليد المحلية، حيث كانت النساء في مناطق الجنوب وسوس والأطلس يُحتفى بهن عند العودة إلى حياة العزوبية، ضمن طقوس رمزية تعزز اندماج المطلقة في المجتمع.
وبين التأييد والانتقاد، تستمر هذه الظاهرة في الانتشار بين المغربيات، لتصبح الكعكة السوداء رمزاً لبداية جديدة، ورسالة واضحة بأن نهاية الزواج لم تعد نهاية للحياة.