العديد من الأسئلة تطرح حول وجهة النظام السوري القادمة بعد أن سيطرت قواته المدعومة من روسيا وإيران على مدينة خان شيخون في ريف محافظة إدلب، شمال سورية، والتي تعبر المدينة الأكثر أهمية في ريف المدينة الجنوبي، لا سيما في ظل فرضه حصاراً مشدداً على مدن وبلدات في ريف حماة المتاخم، ليكون بذلك السؤال الأبرز للمرحلة القادمة، ماذا بعد خان شيخون؟
المتحدث العسكري باسم الجبهة الوطنية للتحرير “النقيب ناجي مصطفى” وفي تصريح خاص لمرصد “مينا” كشف أن النظام وبإشراف روسي مباشر يتبع سياسة “الخطوة خطوة”، لافتاً إلى احتمالية أن يتجه نحو ريف حماة الشمالي المجاور لإدلب استكمالاً لعمليته العسكرية التي أطلقها مؤخراً.
النقيب “المصطفى” أشار في تصريحه، أن النظام استفاد من الدعم الروسي للسيطرة على تل نمر في ريف إدلب، موضحا أن هذا التقدم ساعده في قطع الطريق عن خان شيخون وعزلها، الأمر الذي كان عاملاً مهماً في السيطرة على المدينة بعد اشتباكات قوية خاضها مع فصائل المعارضة، وذلك في إشارة ضمنية إلى إمكانية أن يكون حصار ريف حماة الشمالي هو مقدمة لعمليات عسكرية جديدة للنظام.
مسرح عمليات جديد
تحركات النظام العسكرية، وفقا لمصادر محلية جاءت على نحو مخالف للتوقعات السابقة، حيث استهدف طيران النظام مساء أمس ريف إدلب الشرقي بالبراميل المتفجرة ما أدى إلى مقتل 11 مدنياً وإصابة آخرين.
فيما يشير إلى إمكانية أن يتجه النظام نحو محاولة استكمال السيطرة على باقي مناطق المدينة، قبل الشروع بعمليات عسكرية في مناطق ريف حماة الشمالي، التي قال إن قواته عزلتها عن محيطها.
إضافة إلى توجه النظام السوري نحو الريف الشرقي من محافظة إدلب، فيما يبدو أنه محاولة لاستكمال السيطرة على كامل المحافظة، حيث بدأ الطيران الحربي يوم أمس باستهداف المنطقة المذكورة بالبراميل المتفجرة، الأمر الذي يشير إلى عملية عسكرية وشيكة هناك بحسب ما حذر منه الناشطون.
في السياق ذاته، أكدت مصادر في المعارضة السورية المسلحة أن العمليات العسكرية في محيط إدلب لم تنته، وأن الاشتباكات مع قوات النظام المتواجدة هناك لا تزال مستمرة.
مشيرة إلى استهداف الفصائل لسيارة تقل من عناصر النظام السوري داخل محور خان شيخون ما أدى لمقتل وجرح كل من فيها، إلى جانب استهدفت مواقع لها داخل قرية مدايا بقذائف المدفعية والصواريخ، الأمر الذي يزيد وفقاً لمراقبين ومهتمين في الشأن السوري من احتمالية أن يتجه النظام شرقاً لتأمين عناصر المتواجدين في ريف إدلب قبل التوجه إلى مناطق ريف حماة.
ظروف إنسانية قاسية
على الجانب الإنساني، أكدت مصادر محلية لـ “مينا”، أن القصف الذي استهدف المناطق الشرقية من إدلب قد أدى إلى نزوح أكثر من خمسين ألف مدني خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية من المنطقة.
جاء ذلك في وقت أعلن فيه فريق “منسقو الاستجابة في سورية” أن طيران النظام السوري والطيران الروسي استهدفا 113 مدرسة خلال عمليتهم العسكرية في ريفي حماة وإدلب، ما أدى إلى حرمان أكثر من 191 ألف تلميذ وتلميذة من استكمال تعليمهم، لافتاً إلى أن عدد كبير من المدارس المستهدفة تم تدميرها بشكلٍ كامل.
دولياً، كانت قضية إدلب إحدى المحاور التي أثارت اهتمام الأمم المتحدة التي كشفت عن نزوح أكثر من 400 ألف شخص من ريف إدلب باتجاه الحدود التركية، محذرةً من كارثةٍ إنسانيةٍ فيما لو استمرت العمليات العسكرية، لاسيما في ظل الاستهداف المباشر لفرق الإغاثة والطواقن الطبية بما فيها التابعة للأمم المتحدة التي فقد عدداً من عناصرها وفقاً لمتحدث باسم المنظمة الأممية.
مدن خالية
على الرغم من عدم إطلاق النظام السوري لعملية فعلية باتجاه مدينة حماة شبيهة بتلك التي شهدتها مدينة إدلب، إلا أن المرصد السوري لحقوق الإنسان أكد أن مناطق ريف حماة الشمالي التي لا تزال تحت سيطرة المعارضة باتت شبه خالية من السكان.
النظام السوري من جهته أعلن خلال الساعات الماضية عن فتح ممرات آمنة لخروج المدنيين في منطقة صوران بريف حماة الشمالي، إلا أن ناشطين وصفوا تلك الممرات بالوهمية لا سيما مع احتمالية تعرض الخارجين عبر ممرات النظام للاعتقال أو احتجاز الشباب للخدمة العسكرية الإلزامية، مستشهدين بعدة حالات مشابهة شهدتها مناطق القتال في سوريا.
إلى جانب ذلك، اعتبرت الجبهة الوطنية للتحرير عبر المتحدث بامها “ناجي مصطفى” أن النظام من خلال الإعلان عن ممرات آمنة يمارس الدعاية السوداء عبر بث الشائعات والتأثير على المعنويات، مضيفا أن “الشعب هارب من مناطق النظام ويقف بكل قوة مع الثوار”.
يذكر أن قوات النظام السوري مدعومةً بالطيران الروسي قد أطلقت قبل أسابيع حملة عسكرية واسعة ضد مناطق سيطرة المعارضة في مدينة إدلب شمال البلاد، على الرغم من أنها واحدة من المدن المشمولة باتفاقية خفض التصعيد الموقعة بين الأطراف الضامن “روسيا وإيران وتركيا” بموجب اتفاق أستانة.
وخلال العمليات العسكرية تمكن النظام من ضرب حصارٍ مشدد على مناطق في ريف حماة بعد السيطرة على مناطق استراتيجية عديدة في ريف إدلب الحنوبي وانسحاب مموعة من فصائل المعارضة من مناطق في ريف حماة الشمالي.
كما تخلل الهجمات، استهداف النظام نقاط المراقبة التركية المتمركزة في المنطقة مرتين على التوالي دون وجود أي أنباء عن وقوع ضحايا بين العناصر الأتراك.
مرصد الشرق الأوسط وشمال افريقيا الإعلامي