قبل أن تؤخذ السويداء بنشوة النصر

أحداث السويداء الأخيرة برهنت على أمرين معًا، اولهما أن سياسة “تحالف الأقليات” التي اشتغل عليها النظام طويلاً ، مجرد وهم بنى عليها النظام، والحقيقة الثانية، أن القمع، العنف، والإفقار، لاتكفي لإفقار الناس روح التمرد والرفض والعصيان.

وكان رفض السويداء أوسع من مجرد رفض سياسات النظام، بل تعداها إلى رفض منظومته القيمية، وثقافته القاصرة، وكانت النتيجة:

ـ طرد النظام من المحافظة، طردًا كاملاً ناجزًا.

نقول طرد النظام؟

نعم هو الأمر كذلك، فالنظام بوصفه مؤسسات كان انسحب بإرادته من السويداء ليترك فراغ سلطة يُملأ بالميليشيات، وهي ميليشيات مرعية من الحرس الثوري الإيراني وممولة من خطوط تهريب والاتجار بالمخدرات، عدا الرفد المالي الذي يقدمه الحرس الثوري الإيراني بصفته الراعي لهذه الميليشيات.

بالمحصلة كانت الهبة الشعبية قد اطاحت بما تركه النظام من نواب عنه، وعادت السويداء لتحتكم اليوم إلى ناسها وللمجتمع الأهلي، دون إغفال المخاطر، وهي مخاطر لابد وتؤخذ بالحسبان فثمة خطرين رئيسيين:

ـ اولهما إعادة إطلاق “داعش” كما فعل قبل خمسة عوام، والناس جاهزون لهذا الاحتمال.

وثانيهما إعادة إنتاج ميليشيات جديدة، ولا يعوزه من هم قابلون للبيع والشراء، وكذلك الناس بكل الجاهزية لهذا الاحتمال.

أما من سيظهر مجددًا بالصورة، فمن الصعب استعادة الحرس الثوري الإيراني لوضعه في الواجهة، فقد يشتغل النظام على عقد صفقة مع زعامات درزية لبنانية من طراز طلال أرسلان، ووئام وهاب، والثاني اوقح وأرخص، ولابد  أن لهما في محافظة السويداء موضع قدم، وهي التي سيشتغل النظام على توسيعها ليرتكب حماقة قد تؤول إلى لعبة سلاح لن تتوقف عند حد، ومن ثم لابد وتنتقل رياحها إلى الجنوب السوري .. كل الجنوب.

ـ المخاطر مازالت إن لم نقل اتسعت، والنصر الذي حصده المجتمع الاهلي في السويداء قد يراكم نصرًا جديدًا.. هذا:

ـ إذا لم يؤخذ الناس بنشوة النصر، واحتسبوا للعبة النظام.

Exit mobile version