قتل فيها أكثر من 8 آلاف شخص.. إحياء ذكرى أسوء مجازر القرن

مرصد مينا

شارك عدد كبير من البوشناق، في إحياء الذكرى الـ 26 لمذبحة سربرنيتسا التي تعتبر واحدة من أسوء المجازر التي عرفها القرن العشرين، والتي ارتكبتها وحدات مسلحة من ما يعرف بـ”جيش جمهورية صرب البوسنة” في الفترة من 11 إلى 22 يوليو 1995 خلال الحرب التي دارت في البوسنة والهرسك.

وبحسب إحصائيات الأمم المتحدة فإن المذبحة خلفت 8,372 من المُسلمين البوشناق بينهم رجال وشيوخ وأطفال، مبينةً ان أعمار الضحايا تتراوح ما بين 12 و77 سنة.

وتعود بداية حكاية المجزرة إلى أبريل من عام 1993، عندما أعلنت الأمم المتحدة منطقة سربرنيتسا المُحاذية لنهر درينا شمال شرق البوسنة والهرسك، منطقة آمنة تحت حماية القُوات الأُممية، حيث أصدر مجلس الأمن القرار رقم 819، والذي طالب فيه بأن تُعامل جميع الأطراف المعنية مدينة سربرنيتسا والمناطق المُحيطة بها كمنطقة آمنة وجب أن تكون خالية من أي هجوم مسلح أو أي عمل عدائي آخر”.

وفي 18 أبريل 1993، وصلت أول مجموعة من أفراد قوة الحماية التابعة للأمم المتحدة إلى سريبرينيتسا. في مايو 1993، تم التوصل إلى اتفاق لتجريد منطقة سريبرينيتسا من السلاح.

 وبحسب تقارير الأمم المتحدة، وافق الجنرال سيفير خليلوفيتش والجنرال راتكو ملاديتش على تدابير تُغطي كامل جيب سريبرينيتسا وجيب شيبا المُجاور. وبموجب شروط الاتفاق الجديد، تُسلم القوات البوسنية داخل الجيب أسلحتها وذخائرها إلى قوة الحماية التابعة للأمم المتحدة، وبعد ذلك تنسحب الأسلحة والوحدات الثقيلة الصربية التي تشكل تهديدا للمناطق المجردة من السلاح التي كانت ستنشأ في شيبا وسربرينيتسا.

وبحلول أوائل عام 1995، كانت قوافل الإمدادات التي تمر إلى الجيب تقل شيئا فشيئا. انخفضت الموارد الضئيلة أصلا للسكان المدنيين، وحتى قوات الحماية الأممية بدأت مواردها من الغذاء والأدوية والذخيرة والوقود تنخفض بشكل خطير، واضطُرت في نهاية المطاف إلى البدء في تسيير دورياتها سيرا على الأقدام. ولم يُسمح للجنود الهولنديين الذين غادروا المنطقة في إجازة بالعودة مُجددا.

بدأ الهُجوم الصربي ضد سريبرينيتشا بشكل جدي في 6 يوليو 1995. كان عدد قُوات جيش جمهورية صرب البوسنة يبلغ 2,000 جندي. في الأيام التالية، سقطت نقاط المراقبة الخمسة الخاصة بقُوة الحماية الأُممية في الجزء الجنوبي من الجيب واحدة تلو الآخر في ظل تقدم قُوات صرب البوسنة.

ووفقاً للمعطيات التاريخية، انسحب بعض الجنود الهولنديين إلى الجيب بعد أن هوجمت مراكزهم، لكن أطقم مراكز المراقبة الأخرى استسلمت إلى الحجز الصربي. في الوقت نفسه، تعرضت القُوات البوسنية المُدافعة عن الجيب والتي يبلغ قوامها 6,000 جندي لإطلاق نار كثيف وأُجبرت على التراجع نحو المدينة.

بمُجرد أن بدأ المحيط الجنوبي في الانهيار، فر حوالي 4,000 من المدنيين البوشناق الذين كانوا يعيشون في مجمع سكني سويدي للاجئين، فروا شمالًا إلى بلدة سريبرينيتشا.

أفاد الجنود الهولنديون أن الصرب المتقدمين كانوا “يطهرون” المنازل في الجزء الجنوبي من الجيب.

في 8 يوليو، أطلقت مركبة مشاة قتالية مدرعة (YPR-765) هولندية النار على الصرب ثُم انسحبت. طالبت مجموعة من البوشناق أن تبقى المركبة المدرعة للدفاع عنهم، وأنشأت حاجزًا مؤقتًا لمنع تراجعها وانسحابها.

وبينما استمرت المركبة المدرعة في الانسحاب، ألقى مزارع بوسني كان يحرُس الحاجز قنبلة يدوية على المُدرعة وتسبب في مقتل جُندي هولندي يُدعى رافيف فان رينسن.

 في وقت متأخر من يوم 9 يوليو، أصدر رئيس صرب البوسنة رادوفان كاراديتش أمرا جديدا يصرح لقُوات فيلق درينا البالغ عددُها 1,500 فردا بالتقدم والاستيلاء على مدينة سربرينيتسا.

في صباح 10 يوليو، قدم المُقدم توم كاريمانز (قائد القوات الهولندية) طلبات عاجلة للحُصول على دعم جوي من طائرات حلف شمال الأطلسي للدفاع عن سريبرينيتشا بينما كانت الحشود تملأ الشوارع، وكان بعضها يحمل أسلحة. كانت دبابات قُوات صرب البوسنة تقترب من البلدة. بدأ القصف الجوي لطائرات الناتو بعد ظُهر 11 يوليو 1995. حاولت قاذفات الناتو مُهاجمة مواقع مدفعية قُوات صرب البوسنة خارج البلدة، لكن الرؤية الضعيفة أجبرت الناتو على إلغاء هذه العملية. أُلغيت المزيد من العمليات الجوية لحلف شمال الأطلسي بعد تهديدات قُوات صرب البوسنة بقصف مُجمع بوتوتشاري التابع للأمم المتحدة، وإعدام الرهائن العسكريين الهولنديين والفرنسيين ومُهاجمة المواقع المُحيطة حيث يوجد 20,000 إلى 30,000 لاجئ مدني.

في وقت متأخر من بعد ظهر 11 يوليو، سار كُل من الجنرال راتكو ملاديتش، برُفقة الجنرال زيفانوفيتش (قائد فيلق درينا آنذاك) والجنرال كرستيتش (نائب القائد ورئيس أركان فيلق درينا آنذاك) وضباط آخرين في جيش جمهورية صرب البوسنة، ساروا عبر الشوارع المهجورة في سريبرينيتسا.

في مساء يوم 11 يوليو، التُقطت صُورة للمُقدم الهولندي توم كاريمانز وهو يشرب نخبًا مع الجنرال ملاديتش خلال المفاوضات الفاشلة حول مصير السكان المدنيين الذين تجمعوا في بوتوتشاري.

في أبريل 2013، اعتذر الرئيس الصربي توميسلاف نيكوليتش رسميًا عن المذبحة، لكنه تفادى وصف الواقعة بالإبادة الجماعية.

في 8 يوليو 2015، استخدمت روسيا حق النقض، بناء على طلب من جمهورية صرب البوسنة، للاعتراض على قرار للأمم المتحدة يعتبر مذبحة سربرينيتشا إبادة جماعية. وصفت صربيا قرار مجلس الأمن بأنه “ضد الصرب”، بينما أكدت الحكومات الأوروبية والأمريكية أن المذبحة ترقى لمُستوى الإبادة الجماعية. في 9 يوليو 2015، تبنى كل من البرلمان الأوروبي والكونغرس الأمريكي قرارات تُؤكد من جديد وصف المذبحة بأنها إبادة جماعية.

في 22 نوفمبر 2017، حكمت المحكمة الجنائية الدولية على الجنرال الصربي راتكو ملاديتش بالسجن المُؤبد، وأدانته بارتكاب جرائم حرب وجرائم إبادة جماعية خلال حرب البوسنة.

Exit mobile version