fbpx

قرارات سعيد.. مشروع سياسي تونسي جديد يستبعد الأحزاب

مرصد مينا – هيئة التحرير

تتزايد وتيرة الإقالات داخل مؤسسات الدولة التونسية، عقب القرارات الاستثنائية، التي اتخذها الرئيس التونسي، “قيس سعيد”، والتي كان آخرها إقالة رئيس هيئة مكافحة الفساد في تونس.

يشار إلى أن الرئيس التونسي قد سبق له أن اتخذ سلسلة قرارات بينها تجميد عمل البرلمان وإقالة رئيس الحكومة، “هشام المشيشي” وعدد من الوزراء بينهم وزير الداخلية، إلى جانب إقالة عدة مسؤولين أمنيين وسياسيين في الدولة.

وبحسب ما تشير إليه مصادر تونسية، فإن والي العاصمة التونسية دخل إلى مقر الهيئة برفقة مجموعة أمنية لتنفيذ قرار إقالة رئيس الهيئة، وضمان عدم وجود أي مقاومة من قبل الرئيس السابق، “أنور بن حسن”، لافتةً إلى أن القرار اتخذ بناء على شبهات حامت حول طريقة وآلية عمل الهيئة خلال السنوات الماضية.

تحركات تتجاوز طيف الإخوان المسلمين

بعد قرابة الشهر من القرارات الاستثنائية للرئيس التونسي، يرى المحلل السياسي، “لحبيب بن يونس” أن تحركات “سعيد” تجاوزت طيف الإخوان المسلمين وشملت أيضاً بعض التيارات المعارضة للجماعة، ومن بينها الحزب الدستوري الحر، معتبراً أن الرئيس ربما يعمل على إنشاء بيئة حكم سياسية غير حزبية في البلاد.

ويضيف “بن يونس”: “ربما يعتبر قيس سعيد أن مشكلة تونس لا تكمن فقط بالإخوان المسلمين، وإنما بالطيف السياسي ككل، ومن خلال القرارات الاستثنائية فإن سعيد سيكون قادراً على تنفيذ رؤيته للحل في البلاد بعيداً عن معارضة سياسية سواء مع الإخوان أو ضدهم، لا سيما مع تعطيل أعمال البرلمان”، لافتاً إلى أن الرئيس ربما يعتبر أن تلك الطريقة الوحيدة لكسر الجمود السياسي والاقتصادي في البلاد.

يشار إلى أن رئيسة الحزب الدستوري الحر، “عبير موسي” قد أعلنت قبل ساعات عن قرار السلطات الأمنية التونسية إيقاف زميلها “أحمد الصغيّر” النائب عن محافظة زغوان شمالي تونس، بعد اتهامه بتكوين عصابة لترويع الناس والاعتداء على الممتلكات، موجهة انتقادات للطريقة التي تمت فيها عملية الاعتقال.

ويعتبر الحزب الدستوري الحر من بين الأحزاب التي تصدرت قائمة المعارضة لحركة النهضة ورئيس البرلمان “راشد الغنوشي”، حيث دعا الحزب عدة مرات لسحب الثقة من “الغنوشي”، متهماً حركة النهضة بالعمل على أخونة الدولة التونسية.

حكومة لا حزبية وقرارات الرئيس خط أحمر

أكبر المؤشرات على تشكيل بيئة حكم لا حزبية في تونس تأتي بحسب الباحث في الشؤون التونسية، “سهيل بن زين العابدين”، من شكل الحكومة المفترضة في البلاد، والتي قال الرئيس التونسي إنها قد تبصر النور خلال الأيام القليلة المقبلة، لافتاً إلى أن كل التوقعات تشير إلى أنها ستكون حكومة اختصاصيين، خاصة انها قد لا تعرض على البرلمان المجمد.

إلى جانب ذلك، يوضح “بن زين العابدين” أن الرئيس التونسي أصبح حالياً صاحب مشروع سياسي في البلاد وبالتالي فإن الحكومة التي سيختارها في الأغلب ستكون متناغمة مع ذلك المشروع، خاصةً وانه سيركز على إحداث تغيرات في مجالي السياسة والاقتصادية، معتبراً أن “سعيد” قرر أن يحمل المسؤولية بشكل منفرد لتطبيق ذلك المشروع، وهو ما كان واضح في تصريحاته الأخيرة.

يذكر أن “سعيد” قد أكد في وقتٍ سابق، أن قرارات الرئيس لا يتدخل فيها أحد وأنها صدرت عنه، مشدداً على أن القرارات التي اتخذها حتى الآن متناغمة مع مواد الدستور التونسي والفصل 80.

ويذهب “بن زين العابدين” إلى ترجيح أن يتجه الرئيس التونسي إلى تمديد الحالة الاستثنائية في البلاد، لا سيما وأن الدستور يمنح الحق لمؤسسة الرئاسة في ظل غياب المحكمة الدستورية، تقدير الخطر الداهم الذي يهدد كيان الدولة.

في ذات السياق، يقول المحلل السياسي، “هشام الحاجي”: “قيس سعيد بصدد القطع مع ما عرفته البلاد من طُرق تشكيل الحكومة التي من المفترض أن يتمّ الإعلان عنها في الأيام المقبلة، كما أنه لم يقتصر على استبعاد الأحزاب من مشاورات تشكيل الحكومة بل استبعد المنظمات أيضاً” بحسب ما نقلته عنه صحيفة العرب.

كما يرى “الحاجي” أن “سعيد” يسعى من خلال تجنب الأحزاب والمنظمات إلى عدم تشتيت السلطة ومراعاة الوضع الدستوري الحالي حيث من المفترض أن تمر تشكيلة الحكومة وبرنامجها على البرلمان لكن المجلس النيابي مجمّد، لافتاً إلى أن الرئيس بصدد القطع أيضاً مع الطرق التي تم اعتمادها خلال الفترة الممتدة من 2011 إلى 2021 في إدارة الشأن العام في البلاد.

خارج الإخوان.. مواقف لا إيديولوجية

يعلق الكاتب والصحافي، “ايمن الأسود” على الأوضاع في تونس، بالتأكيد على أن موقف سعيّد من الإخوان ليس موقفا أيديولوجيا، وانه لم يصدر عنه أي مواقف مناهضة للحركة أو الإسلام السياسي، قبل انتخابه رئيسا للبلاد 2019، لافتاً إلى أن حركة النهضة ذاتها كانت من أبرز داعميه في الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية بعد هزيمة مرشحها “عبد الفتاح مورو” في الدور الأول.

ويضيف “الأسود”: “يعتبر سعيّد نموذجا للسياسي المحافظ والملتزم بالإسلام الاجتماعي والثقافي في نسخته المحلية ولا يمكن المزايدة عليه في ذلك، لا يمكن وصفه بالليبرالي أو العلماني، يتبين ذلك من خلال مواقفه من جملة من القضايا، ففي 13 أغسطس 2020، وبمناسبة عيد المرأة، قال إن الصراع حول الإرث والميراث هو صراع خاطئ، وإن الأجدر هو تحقيق المساواة بين المرأة والرجل في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية”.

كما يلفت “الأسود” إلى أن الرئيس “سعيّد” لم يربط موضوع الخطر الداهم، المنصوص عليه في الفصل 80 من الدستور، بالإسلام السياسي، ولا بحركة النهضة، وإنما اتخذ قراراته بعد تدهور العلاقات بين رئاسة الدولة ورئاسة الحكومة والبرلمان.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى