مرصد مينا – هيئة التحرير
تزامناً مع الازمة السياسية والاقتصادية في البلاد عموماً، تتصاعد الازمة الإنسانية في ولاية دافور السودانية، لا سيما مع ما تشهده الولاية من اشتعال مستمر للمواجهات والصراعات القبلية، بحسب ما يعلنه مجلس السيادة الحاكم في السودان.
يقول مستشار الشؤون الإنسانية بولاية غرب دارفور، “أحمد يعقوب” تعليقاً على الحالة في الولاية: “الأوضاع الإنسانية بمدينة الجنينة أصبحت متردية، والدعم المقدم من منظمات الإغاثة وصل إلى نحو 60 تجمعا من أصل 104 تجمعات للنازحين، والذين وصل عددهم إلى إلى حوالي 220 ألفا”.
كما يناشد “يعقوب” جميع قطاعات الشعب السوداني ومنظمات المجتمع المدني الإسراع لتقديم العون الإنساني للمتضررين من أحداث الجنينة، كاشفاً أنه من المتوقع أن يتم السبت المقبل تدشين نفير شعبي تحت شعار “نداء الجنينة”، بهدف إسناد اللجنة الحكومية العليا برئاسة عضو مجلس السيادة “محمد الفكي سليمان”.
يشار إلى أن مدينة الجنينة شهدت أعمال عنفٍ قبل أسابيع على شجار بين شخصين تطور إلى إحراق عدد من المنازل وصدامات قبلية، ما دفع السلطات حينها إلى تعزيز اوجود العسكري والامنب وفرض حظر تجوال.
طرقات مغلقة وسبل مقطوعة
يعزي مجلس السيادة الحاكم في السودان، عدم وصول المواد الإغاثية لسكان مدينة الجنينة، إلى عدة عوامل رئيسية، في مقدمتها غلق الطرقات وقفل المطار، مشدداً على أنه مطلع بشكل كامل على ما يتعرض له الأهالي هناك من أوضاع إنسانية صعبة.
وتسببت الاشتباكات القبلية التي شهدتها الولاية مؤخرا في نزوح 70 ألف مواطن، ولجوء 13 ألفا آخرين إلى دولة تشاد الحدودية، بسبب حرق منازلهم خلال الأحداث.
في غضون ذلك، يوضح الناشط السوداني، “محمد إسماعيل عثمان”، أن المدينة تعاني من حالة نزوح وتشرد كبيرة لاسيما بالنسبة للأطفال والنساء، لافتاً إلى أن عدد كبير من المراكز والمؤسسات الرسمية باتت تعج بالمشردين الذين أحرقت منازلهم خلال تلك الأحداث.
كما يتهم “عثمان” السلطات المحلية بالتقصير في ملف ضبط السلاح المنفلت وترسيخ الأمن، مشيراً إلى أن المواجهات القبلية وعمليات الاقتتال ليست وليدة اللحظة أو العوامل السياسي التي يمر بها السودان حالياً، وإنما هي ممتدة منذ عقود وكانت سبباً رئيسياً في ما يعانيه منه المدنيون.
يشار إلى أن هيئات طبية في ولاية دارفور أعلنت أن إجمالي ضحايا الأحداث في مدينة الجنينة، قد ارتفع إلى 155 قتيلاً، لافتةً إلى بين الضحايا عناصر تابعة للجيش السوداني. ، في حين لفتت مصادر محلية إلى إحراق مئات المنازل بسبب الخلافات القبلية.
وكان رئيس تجمع قوى تحرير السودان وعضو المجلس الرئاسي للجبهة الثورية، “الطاهر أبو بكر حجر”، قد وصف في قتٍ سابق الأوضاع في مدينة الجنينة في ولاية غرب دارفور ككل بالمأساوية.
تقصير وانحياز واعتصامات
اشتداد الصراع في مدينة الجنينة، ارتبط أيضاً بموقف الوالي من تلك الأحداث، والذي قاد إلى تنفيذ اعتصام في أواخر الشهر الماضي، حيث يلفت عضو لجنة اعتصام الجنينة، “محمد مدلل”، أن مجموعة من النشطاء يرون أنّ الوالي منحاز لأحد أطراف الصراع، لذلك طالبوا بإقالته، ومحاسبته على أحداث العنف الأخيرة التي شهدتها المدينة، لا سيما وأنه وصف بعض مواطني المدينة بأنهم ينحدرون من دولة تشاد المحاددة للولاية، على حد قوله.
يذكر أن مطالب المعتصمين شملت إقالة الوالي بالإضافة إلى محاسبة المتورطين في الأحداث الحاصلة، وبتخطيط معسكرات النازحين وتوفير الخدمات فيها، بالإضافة للتوظيف على أساس الخبرة والكفاءة لا على الأساس العشائري، وفقاً للمطالب المعروضة.
وكان والي ولاية غرب دارفور غربي السودان، “محمد عبد الله الدومة”، الشهر الماضي، لمحاولة اغتيال، إثر هجوم مسلح شنه مجهولون على منزله، حيث أعلنت حكومة الولاية في بيان، أن مسلحين هاجموا منزل الوالي بأسلحة ثقيلة، مشيرة الى أن عناصر الحرس تمكنوا من التصدي لهم.
إلى جانب ذلك، يتهم رئيس هيئة محامي دارفور، “صالح محمود”، السلطات المحلية بالتقصير خلال احداث مدينة الجنينة، مهدداً باللجوء للآليات الإقليمية والدولية حال عدم جدية الحكومة في تقديم المتورطين للعدالة.
كما يلفت “محمود” في تصريحات لصحيفة التغيير السودانية، إلى أن أحداث الجنينة سارت في ذات النسق الذي كان موجوداً في النظام السابق، مشدداً على ضرورة أن تتولى الحكومة الحالية مسؤولياتها بنزع السلاح من أيدي المليشيات وفرض هيبة الدولة، خاصة بعد الاشتباكات الدامية في المدينة.
ويضيف “محمود”: “كان على الحكومة ان تقوم بنزع السلاح أولاً من المجموعات المسلحة والأفراد، وهذا لم يتم، بالإضافة إلى أن الأوضاع تمضي على ذات النسق الذي كان موجوداً في عهد عمر البشير”، مشيراً إلى أنه لا توجد خطة واضحة لتدعيم مؤسسات العدالة في السودان لتقوم بدورها المطلوب.
يشار إلى أن حاكم الولاية، “محمد عبد الله الدومة”، كان قد صرح خلال اندلاع الأحدث بأن الحكومة المحلية منحت الجنود وعناصر الأمن صلاحية استخدام القوة الكاملة لترسيخ الأمن والسيطرة على التوتر الحاصل.