مرصد مينا – تركيا
أثارت قضية “التفتيش العاري” أزمة جديدة داخل البرلمان التركي وخارجه، حيث أدان رئيس حزب المستقبل التركي، “أحمد داود أوغلو”، قيام السلطات التركية بتعرية الطالبات الجامعيات بمديرية أمن مدينة أوشاك، مطالبا حليفه السابق الرئيس “رجب طيب أردوغان”، بمحاسبة المسؤولين عن وقائع التفتيش العاري.
وصمة عار
في مقطع فيديو نشره على حسابه في “تويتر”، اعتبر “داوود أوغلو” أن الواقعة “وصمة عار” وأنه “من المستحيل على مجتمع لا يستطيع حماية شرف نسائه أن يخلق ثقافة ديمقراطية”، مؤكدا أن “كرامة الإنسان مبدأ أساسي لا يمكن التهاون فيه، وكرامة المرأة ضرورية أيضًا من أجل الحفاظ على كرامة الإنسان”.
كما أوضح أنه شاهد الفيديوهات التي كشفت فيها نساء عن تعرضهن للتفتيش عاريات في السجن، مشيرا إلى أن هذا لا يمكن قبوله بأي حال من الأحوال، وأضاف: “إذا كان الرئيس هو معينُ من لا معين له، فعليه أن يدعو هؤلاء النساء ويستمع لشكواهن، بغضّ النظر عن انتماءاتهنّ السياسية أو الفكرية”.
تصريحات “أوغلو”، جاءت بعد أن كشف نائب حزب الشعوب الديمقراطي، “عمر جرجرلي أوغلو”، عن تعرض نحو 30 امرأة تركية لاعتداء مهين، من خلال إجبارهن على الخضوع للتفتيش عاريات، في مقر شرطة أوشاق، وسط إنكار الحزب الحاكم ذلك.
كما انتقد “جرجرلي أوغلو” عدم اتخاذ السلطات إجراءات ضد المسؤولين عن الانتهاكات بمراكز الاحتجاز.
انكار واتهامات بالخيانة
على إثر حديثه المتعلق بـ”التفتيش العاري” في السجون، وجهت شخصيات برلمانية مقربة من السلطات التركية اتهامات رسمية إلى البرلماني المعارض في تركيا “عمر فاروق جرجرلي أوغلو”، بالانتماء إلى حركة الخدمة.
وقدم مدير أمن أوشاك، “مسعود جزر”، وعدد من عناصر الأمن الآخرون، بلاغا في دار قضاء مدينة أوشاك ضد “جرجرلي أوغلو”، مستخدمين بحقه أغلظ العبارات من قبيل “الخائن”.
فيما قالت رئيسة الكتلة البرلمانية لـ”حزب “العدالة والتنمية” الحاكم، “أوزلام زنجين” إنها لا تصدق حدوث حالات “تفتيش عار” في السجون، مؤكدة أن “جرجرلي أوغلو” يريد “تخويف البرلمان”.
حملات عبر منصات التواصل الاجتماعي
نفي قيادات حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا وجود تفتيش عار للنساء في السجون، تسبب في حالة غضب من ضحايا “التفتيش العاري” أنفسهن، حتى قررن الخروج عن صمتهن والتحدث عن المأساة عبر منصات التواصل الاجتماعي.
المعتقلات السابقات أنشأن حملة على مواقع التوصل الاجتماعي، بهدف فضح ما تعرضن له خلال الاعتقال والتحقيقات، وفقاً لقولهن، متهمات السلطات الأمنية بإذلالهن خلال الاعتقال.
واحدة من ضحايا التفتيش العاري هي المحامية، “بتول ألباي”، أوضحت بالضبط تاريخ ومكان تعرضها للتفتيش بشكل عارٍ.
كما كشفت أنه تم اعتقالها مع والدها، بعد ذلك تم سجنها وتجريدها من الملابس في السجن، وأمروها بالجلوس والوقوف 3 مرات، مشيرة إلى أنه “إذا تم فحص الكاميرات الأمنية في السجن خلال يوم 2 نوفمبر 2017، سترى أنني تعرضت للأشعة السينية بين 4 حراس ذكور”.
الحملة التي قادتها النساء التركيات، لاقت تفاعلا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، من خلال مشاركة القصص المصورة التي نشرتها المحامية ألباي، وكلا من “ناتالي أفازيان”، “وزكية أتاتش”، و”هاجر كوتش”.
يشار إلى أن وتيرت الاعتقالات بحق الناشطين والناشطات المعارضين للحكم، قد تصاعدت يشكلٍ كبير خلال السنوات، التي تبعت محاولة الانقلاب الفاشلة، عام 2016، حيث تتهم المعارضة، النظام الحاكم باستغلال تلك المحاولة لشن حملة تطهير ضدها وضد الناشطين الحقوقيين.
رد حكومي
من جهة ثانية، وفي أول تعليق على حملة “التفتيش العاري” التي أثارتها النساء التركيات، أعلن مكتب المدعي العام في أنقرة عن بدء تحقيق بشأن العلامات التي تشير إلى أنهم اكتشفوا منشورات “مقصودة”.
مكتب المدعي العام قال في بيان رسمي، إن التحقيق بدأ بحكم منصبه عند الكشف عن المنشورات التي تدعم الاشتباه بأن الأشخاص الذين يزعمون أنهم تعرضوا للتفتيش عراة “تم دفعهم عمدا من قبل منظمة غولن الإرهابية المسلحة”.
كما جاء في بيان المدعي العام، أن الإجراءات ستبدأ فورا وفقا للوائح القانونية، في تلميح إلى أن التحقيقات ستتعلق بالأطراف التي تقف وراء الحملة التي أثيرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وكانت شبكات إعلامية تركية قد نشرت منذ أيام وثيقة، قالت إنها حول تعديلات أجرتها الدولة على المادة “34” من لائحة إدارة المؤسسات، وتنص على قانونية ممارسة “التفتيش العاري”، حسبما قال ناشطون أتراك.
تشير المادة “34” إلى أنه “إذا اقتضت الضرورة يمكن إجراء التفتيش العاري بالقوة، وأنه يمكن إجراء عمليات تفتيش السجناء عرايا، أو تفتيش تجاويف الجسد، إذا رأى المشرف الأعلى في المؤسسة أن ذلك ضروري”.
لكن في المقابل تنص المادة على أنه يتم التفتيش العاري بشكل لا ينتهك مشاعر الحرج لدى المحكوم عليه، واتخاذ الإجراءات التي تضمن عدم رؤية أحد له.