
مرصد مينا
في تقرير نُشر على موقع “سيناري إيكونومتشي” الإيطالي هذا الأسبوع، سلّط الكاتب فابيو لوغانو الضوء على سلاح جديد كشفت عنه الصين مؤخراً، وصفه بأنه يمثل “كابوساً إستراتيجياً” يعيد رسم ملامح الحروب الحديثة ويهدد البنى التحتية للدول دون إراقة دماء.
سلاح غير قاتل.. بقدرات تدميرية ضخمة
القنبلة التي تناولها التقرير تُعرف بـ”قنبلة الغرافيت”، وتُلقب أيضاً بـ”قنبلة التعتيم” أو “القنبلة الصامتة”. وهي من الأسلحة غير الفتاكة المصممة خصيصاً لتعطيل أنظمة الطاقة دون التسبب بأضرار مادية مباشرة أو خسائر بشرية.
ومع ذلك، فإن تأثيرها يُعد مدمراً، إذ تتسبب في فوضى شاملة بمجرد استخدامها.
فيديو صيني يحبس الأنفاس
بحسب لوغانو، نشرت قناة “سي سي تي في” الصينية الرسمية مقطع فيديو يظهر الفاعلية المذهلة لهذا السلاح.
يُظهر الفيديو صاروخاً أُطلق من مركبة أرضية أفرغ 90 ذخيرة فرعية أسطوانية فوق هدف محدد، ما أدى إلى انفجار هذه الذخائر في الجو وإطلاق سحابة من خيوط الكربون الدقيقة المعالجة كيميائياً، التي لم تكن مرئية للعين المجردة.
وأوضح الكاتب أن هذه الخيوط المجهرية الموصلة تهدف إلى التسلل إلى محطات الطاقة ومحولات الكهرباء والتسبب في دوائر قصر كهربائية تشلّ الأنظمة الحيوية بالكامل، مضيفاً أن محاكاة الهجوم أظهرت إمكانية إصابة منطقة تبلغ مساحتها 10 آلاف متر مربع بهجوم واحد فقط.
التقرير يشير إلى أن هذا السلاح ينتمي إلى ترسانة الشركة الصينية لعلوم وتكنولوجيا الفضاء، وهي شركة مملوكة للدولة ومرتبطة بوزارة الدفاع الصينية.
ويحمل السلاح رأساً حربياً يزن 490 كيلوغراماً، مع مدى يصل إلى 290 كيلومتراً، ما يجعله قادراً على استهداف منشآت حساسة متعددة في آنٍ واحد، وفقاً لما نقله لوغانو.
أهداف محتملة: تايوان في مرمى النيران؟
رغم أن القناة الصينية لم تُسمِّ السلاح صراحةً، فإن مواصفاته تتطابق بشكل دقيق مع القنابل الغرافيتية التي تستخدم خيوطاً موصلة لتعطيل شبكات الكهرباء دون تدمير مادي مباشر.
ويرجّح الكاتب أن الهدف الرئيسي المحتمل لهذا السلاح هو البنية التحتية لتايوان، مشيراً إلى أن شلّ قدرة الجزيرة على توليد الكهرباء في بداية أي صراع قد يمنح الصين تفوقاً إستراتيجياً دون خوض معركة تقليدية شاملة.
ليست تقنية جديدة.. بل تطور متسارع
لوغانو لفت إلى أن هذه التقنية ليست جديدة كلياً، إذ سبق للولايات المتحدة أن استخدمتها في العراق وصربيا عبر ذخائر “بلو-114/بي”، والتي عطلت نحو 85% من قدرة الشبكات الكهربائية خلال مراحل الحرب الأولى.
ويُعتقد أن الصين تعمل منذ سنوات على تطوير نسخ أكثر تطوراً ودقة من هذه القنابل.
سلاح “مثالي” للحرب غير الحركية
وفي سياق متصل، نقل التقرير عن الخبير العسكري الصيني تشين تشوندي، رئيس تحرير مجلة “مودرن شيبس”، قوله إن قنابل الغرافيت تُعد تطوراً مهماً في الحروب غير الحركية، حيث يمكنها تجاوز الدفاعات الأكثر تقدماً وتحقيق شلل إستراتيجي في أنظمة القيادة والاتصالات والرادار.
وكان تشوندي قد كتب في عام 2017 أن “الحرب الحديثة لم تعد تركز فقط على تدمير العدو، بل على تعطيل الأنظمة الحيوية والبنى التحتية الرقمية والكهربائية”، مقترحاً آنذاك دمج هذه الذخائر مع موزّعات موجهة عبر الأقمار الصناعية لزيادة دقتها.
تحوّل في العقيدة العسكرية الصينية
يخلص الكاتب الإيطالي لوغانو إلى أن هذا التطور يعكس تحوّلاً كبيراً في العقيدة العسكرية الصينية، مع انتقال التركيز من ميادين القتال التقليدية إلى فضاءات الحرب السيبرانية والهجينة، حيث يُستخدم التأثير التكنولوجي لإضعاف الخصم دون الحاجة إلى الاشتباك المباشر.
ويشير إلى أن هذا السلاح يمثل خطوة متقدمة في سباق التسلّح العالمي، حيث تسعى بكين لمجاراة -بل ومنافسة- القدرات غير التقليدية التي تملكها الولايات المتحدة.